وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُعْسِرٍ تَدَايَنَ مِنْ رَجُلٍ قَمْحًا بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ سِعْرُهُ مِنْ مُدَّةِ مَا اسْتَدَانَهُ وَإِلَى أَجَلِ اسْتِحْقَاقِهِ عَلَيْهِ أَدَانَهُ إيَّاهُ وَوَصَفَهُ لَهُ بِصِفَةِ . وَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ يُسَاوِي سِتَّةَ عَشَرَ كُلُّ إرْدَبٍّ . وَكَتَبَ حُجَّةً . وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ كُلَّ إرْدَبٍّ بِاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ . بَاعَهُ الْمَدْيُونُ بِبَيِّنَةِ وَإِشْهَادٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمٍ الْإِرْدَبُّ ; بِخِلَافِ مَا وَصَفَهُ الْمُسْتَدِينُ . وَقَدْ اُسْتُحِقَّ الْأَجَلُ . وَعُسِرَ الْمَدْيُونُ فِي طَلَبِ مَا عَلَيْهِ . فَهَلْ يُطَالَبُ الْمَدْيُونُ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ ؟ أَوْ بِمَا كُتِبَ عَلَيْهِ ؟ أَوْ بِقَمْحٍ مِثْلَ قَمْحِهِ ؟ .
فَأَجَابَ : أَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَا يَجُوزُ مُطَالَبَتُهُ بِمَا أُعْسِرَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا وَاجِبًا وَجَبَ إنْظَارُهُ بِهِ . وَإِنْ كَانَ مُعَامَلَةً رِبَوِيَّةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يُطَالَبَ إلَّا بِرَأْسِ مَالِهِ . وَبَيْعُ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ بِغَيْرِ صِفَةِ بَيْعٍ بَاطِلٌ يَجِبُ فِيهِ رَدُّ الْمَبِيعِ أَوْ رَدُّ بَدَلِهِ . وَلَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى . فَكَيْفَ إذَا قَالَ : هَذَا يُسَاوِي السَّاعَةَ كَذَا وَكَذَا وَأَنَا أَبِيعُكَهُ بِكَذَا . أَكْثَرُ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ ؟ فَهَذَا رِبًا . كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا قَوَّمْت نَقْدًا وَبِعْت نَقْدًا فَلَا بَأْسَ وَإِذَا قَوَّمْت نَقْدًا وَبِعْت إلَى أَجَلٍ فَتِلْكَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ . وَهَذَا قَوَّمَ نَقْدًا وَبَاعَ إلَى أَجَلٍ . وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ فَسَخَ الْبَيْعَ لِفَوَاتِ الصِّفَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ بِعَيْنِهِ وَلَا حِفْظُهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ أَحَدٍ فَبَاعَهُ وَحَفِظَ لَهُ ثَمَنَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ الثَّمَنِ . إذَا كَانَ قَدْ بَاعَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .