تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ دَيَّنَ رَجُلًا شَعِيرًا بِسِتِّينَ دِرْهَمٍ - الْغِرَارَةُ - إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا جَاءَ وَقْتُ الْأَجَلِ طَالَبَهُ فَقَالَ الْمَدْيُونُ : مَا أُعْطِيك غَيْرَ شَعِيرٍ وَكَانَ الشَّعِيرُ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا - الْغِرَارَةُ - فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَعِيرًا ؟ أَمْ لَا ؟ .
1
فَأَجَابَ : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَمَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ ; أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ . فَمَنْ بَاعَ مَالًا رِبَوِيًّا كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهِمَا إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْتَاضَ عَنْ ثَمَنِهِ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً ; لِأَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يُقْبَضْ فَكَأَنَّهُ قَدْ بَاعَ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ إلَى أَجَلٍ مُتَفَاضِلًا وَهَذَا لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ : هَذَا يَجُوزُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي مُحَمَّدٍ المقدسي مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد ; لِأَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَبِهِ اشْتَرَى فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَبَضَهُ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِهِ وَأَمَّا إنْ بَاعَ مَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ وَاسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنْ الثَّمَنِ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِلَا رَيْبٍ وَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ قَدْ أَخَذَ الْحِنْطَةَ أَوْ الشَّعِيرَ بِدُونِ قِيمَتِهِ فَذَلِكَ أَخَفُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .