وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ الْقُمَاشِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْوَاقِ فَيَأْخُذُونَ مَا أَعْجَبَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ الْأَمِيرُ لِصَاحِبِهِ خَطًّا بِذَلِكَ أَوْ يُنْزِلُهُ وَنُوَّابُهُ فِي دَفْتَرِهِ وَيَقْتَرِضُونَ مِنْ أَصْحَابِهِمْ دَرَاهِمَ وَكُلُّ ذَلِكَ بِغَيْرِ حُجَجٍ تُكْتَبُ وَلَا إشْهَادٍ وَهَذِهِ عَادَتُهُمْ . وَإِذَا تُوُفِّيَ الْأَمِيرُ وَعَلِمَ دِيوَانُهُ وأستاداره بِحُقُوقِ النَّاسِ . فَهَلْ يَحِلُّ لَهُمْ مَنْعُهُمْ ؟ أَوْ مَطْلُهُمْ أَمْ يَلْزَمُهُمْ دَفْعُ حُقُوقِهِمْ الَّتِي عَلِمُوهَا مِنْ التَّرِكَةِ . وَالْحَالَةُ هَذِهِ ؟ .
فَأَجَابَ : بَلْ كُلُّ مَا وُجِدَ بِخَطِّ الْأَمِيرِ أَوْ أَخْبَرَ بِهِ كَاتِبُهُ أَوْ لَفَظَ وَكِيلُهُ فِي ذَلِكَ مِثْلُ كَاتِبِهِ وأستاداره فَإِنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِذَلِك . فَإِنَّ إقْرَارَ الْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِيمَا وَكَّلَهُ فِيهِ مَقْبُولٌ ; لِأَنَّهُ أَمِينُهُ وَخَطُّ الْمَيِّتِ كَلَفْظِهِ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَنَحْوِهِمَا . وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ أَصْحَابُ الْحُقُوقِ إلَى بَيِّنَةٍ . وَتَكْلِيفُهُمْ الْبَيِّنَةَ إضَاعَةٌ لِلْحُقُوقِ وَتَعْذِيبٌ لِلْأَمْوَاتِ بِبَقَائِهِمْ مُرْتَهَنِينَ بِالذُّنُوبِ فَفِيهِ ظُلْمٌ لِلْأَمْوَاتِ وَالْأَحْيَاءِ ; لَا سِيَّمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ فِيهَا بِالْإِشْهَادِ فَتَكْلِيفُ الْبَيِّنَةِ فِي ذَلِكَ خُرُوجٌ عَنْ الْعَدْلِ الْمَعْرُوفِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .