وَسُئِلَ  رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ   رَجُلٍ سَلَّمَ  أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَزْرَعَهَا  وَيَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَالْبَذْرُ  مِنْ الزَّارِعِ ; لَا  مِنْ  رَبِّ الْأَرْضِ . فَهَلْ يَجُوزُ  ذَلِكَ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا شَرِكَةً ؟ أَوْ لَا يَجُوزُ  ؟ . 
				
				
				 فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ .  هَذَا جَائِزٌ  فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ  وَبِهِ مَضَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَسُنَّةُ   خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ  وَغَيْرِهِمْ  مِنْ أَصْحَابِهِ . فَإِنَّهُ قَدْ  ثَبَتَ عَنْهُ  فِي الصَّحِيحِ  أَنَّهُ عَامَلَ   أَهْلَ   خَيْبَرَ  بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا :  مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ .  عَلَى أَنْ يُعَمِّرُوهَا  مِنْ أَمْوَالِهِمْ .  فَهَذِهِ  مُشَاطَرَةٌ فَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْبَذْرُ  مِنْ الْعَامِلِ لَا  مِنْ  رَبِّ الْأَرْضِ . وَكَذَلِكَ  كَانَ أَصْحَابُهُ بَعْدَهُ يَفْعَلُونَ : مِثْلَ  آلِ  أَبِي بَكْرٍ  وَآلِ  عَلِيِّ بْنِ  أَبِي طَالِبٍ  وَمِثْلَ  سَعْدِ بْنِ  أَبِي وَقَّاصٍ  وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ  . وَاَلَّذِينَ خَالَفُوا  ذَلِكَ  لَهُمْ مَأْخَذَانِ ضَعِيفَانِ : أَحَدُهُمَا :  أَنَّهُمْ ظَنُّوا  أَنَّ  الْمُزَارَعَةَ مِثْلُ  الْمُؤَاجَرَةِ وَلَيْسَتْ  مِنْ بَابِ الْمُؤَاجَرَةِ ;  فَإِنَّ  الْمُؤَاجَرَةَ يُقْصَدُ مِنْهَا عَمَلُ الْعَامِلِ وَيَكُونُ الْعَمَلُ مَعْلُومًا ; بَلْ يَشْتَرِكَانِ  هَذَا بِمَنْفَعَةِ  أَرْضِهِ  وَهَذَا بِمَنْفَعَةِ بَدَنِهِ وَبَقَرِهِ  كَسَائِرِ الشُّرَكَاءِ  .  وَأَمَّا مَا  نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ  الْمُخَابَرَةِ فَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا  فِي الصَّحِيحِ  أَنَّهُمْ  كَانُوا يَشْتَرِطُونَ لِرَبِّ الْأَرْضِ زَرْعَ بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ ; فَلِهَذَا  نَهَى عَنْهَا .  وَمَنْ اشْتَرَطَ أَنْ  يَكُونَ الْبَذْرُ  مِنْ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ شَبَّهَهَا بِالْمُضَارَبَةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ أَنْ  يَكُونَ الْمَالُ  مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ  مِنْ الْآخَرِ  وَظَنَّ  أَنَّ الْبَذْرَ يَكُونُ  مِنْ  رَبِّ الْأَرْضِ  وَكِلَاهُمَا مَالٌ . وَهَذَا غَلَطٌ ;  فَإِنَّ رَأْسَ الْمَالِ يَعُودُ  فِي هَذِهِ الْعُقُودِ إلَى صَاحِبِهِ  كَمَا يَعُودُ رَأْسُ الْمَالِ  فِي الْمُضَارَبَةِ  وَالْأَرْضُ  فِي  الْمُزَارَعَةِ وَالْأَرْضُ وَالشَّجَرُ  فِي  الْمُسَاقَاةِ .  وَالْعَامِلُ إذَا بَذَرَ الْبَذْرَ وَأَمَاتَهُ فَلَمْ يَأْخُذْ مِثْلَهُ  صَارَ الْبَذْرُ يَجْرِي مَجْرَى الْمَنَافِعِ الَّتِي لَا يُرْجَعُ بِمِثْلِهَا وَمَنْ  اشْتَرَطَ أَنْ  يَكُونَ الْبَذْرُ  مِنْ الْمَالِكِ وَلَا يَعُودُ  فِيهِ  فَقَوْلُهُ  فِي غَايَةِ الْفَسَادِ ; فَإِنَّهُ لَوْ  كَانَ كَرَأْسِ الْمَالِ  لَوَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ  فِي نَظِيرِهِ  كَمَا يَقُولُ مِثْلَ  ذَلِكَ  فِي الْمُضَارَبَةِ 
							
				 
            