تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ لِرَجُلِ أَرْضًا بِطَرِيقِ شَرْعِيَّةٍ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ تُوُفِّيَ وَإِنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا اسْتَأْجَرَ هَذِهِ الْمُدَّةَ قَدَّمَ لِلْمُؤَجِّرِ حَقَّ سَنَةٍ عَلَى يَدِ وَكِيلِهِ وَإِنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ ادَّعَى عَلَى وَارِثِ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ فَطَلَبُوا مِنْهُ تَثْبِيتَ وِكَالَةَ الْمُسْتَأْجِرِ الْوَكِيلِ . فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي إثْبَاتُ الْوِكَالَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنْهُ حَقَّ سَنَةٍ وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي اسْتَغَلَّ هَذِهِ الْأَرْضَ الْمُسْتَأْجَرَةَ دُونَ الْوَكِيلِ ؟ .
1
فَأَجَابَ : إذَا كَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْأَرْضَ اُسْتُؤْجِرَتْ لَهُ قَدْ اسْتَغَلَّ الْأَرْضَ فَقَدْ وَجَبَ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَوْفَاهَا سَوَاءٌ اُسْتُؤْجِرَتْ أَوْ لَمْ تُسْتَأْجَرْ وَإِذَا لَمْ يَعْتَرِفْ أَنَّهُ اسْتَوْفَاهَا بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ وَلَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَهُوَ غَاصِبٌ يَسْتَحِقُّ تَعْزِيرَهُ وَعُقُوبَتَهُ تَعْزِيرًا يَمْنَعُهُ وَأَمْثَالَهُ مِنْ الْمُعْتَدِينَ عَنْ ظُلْمِ الْخَلْقِ وَجَحْدِ الْحَقِّ . وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِمَّا ذُكِرَ وَمَا لَمْ يُذْكَرْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْمُزْدَرِعُ أَنَّهُ إنَّمَا زَرَعَ بِطَرِيقِ الْعَارِيَةِ وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ : بَلْ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ . فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُمْ . وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ إذَا تَنَازَعَا فَقَالَ : أَعَرْتَنِي وَقَالَ الْمَالِكُ : بَلْ أكريتك فَقَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ . فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ سَوَّى بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ . وَالْمَذْهَبُ فِيهِمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ . وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ وَقَالَ : الدَّابَّةُ يُسْمَحُ فِي الْعَادَةِ بِأَنْ تُعَارَ ; بِخِلَافِ الْأَرْضِ ; وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ : إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يَكْرِي الدَّوَابَّ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الدَّابَّةِ : الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ . وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد . وَبِالْجُمْلَةِ : فَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ فَيَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِالْأُجْرَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ; لَكِنْ هَلْ يُطَالِبُ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا أَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ؟ أَوْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ .