وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ يَطْحَنُ فِي طَوَاحِينِ السُّلْطَانِ يَسْتَأْجِرُهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ بَعْضَهَا مَا هُوَ غَصْبٌ وَفِي رَجُلٍ يَعْمَلُ فِي زَرْعِ السُّلْطَانِ هَلْ نَصِيبُهُ مِنْهُ حَلَالٌ وَمَا يَكْسِبُهُ الْأَوَّلُ مِنْ الطَّاحُونِ ؟
فَأَجَابَ : أَمَّا الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةُ وَالطَّوَاحِينُ السُّلْطَانِيَّةُ الَّتِي لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ فَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا مُزَارَعَةً بِنَصِيبِ مِنْ الزَّرْعِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا وَيَجُوزَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا بِأُجْرَتِهِ مَعَ الضَّمَانِ . وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهَا مَالِكٌ مُعَيَّنٌ ; فَهَذِهِ فِيهَا نِزَاعٌ . وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ فِيهَا إذَا كَانَ الْعَامِلُ لَا يَأْخُذُ إلَّا أُجْرَةَ عَمَلِهِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ قَدْ ظَلَمَ أَحَدًا شَيْئًا فَالْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ تَعْطِيلِهَا عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ . وَهَذَا إنْ أَمْكَنَ أَنْ تُرَدَّ إلَى أَصْحَابِهَا وَإِلَّا صُرِفَتْ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ; وَالْمَجْهُولُ كَالْمَعْدُومِ . وَأَمَّا إذَا عُرِفَ أَنَّ لِلْأَرْضِ مَالِكًا مُعَيَّنًا وَقَدْ أُخِذَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يُعْمَلُ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ إذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .