وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَحْتَهُ حِصَّةٌ فِي حَمَّامٍ وَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَخَرِبَ شَيْءٌ مِنْ الْحَمَّامِ فِي زَمَانِ الْعَدُوِّ . فَأَجَّرَ تِلْكَ الْحِصَّةَ لِشَخْصِ مُدَّةَ ثَمَانِ سِنِينَ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَذِنَ لَهُ أَنْ تُصْرَفَ تِلْكَ الْأُجْرَةُ فِي الْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ فِي الْحَمَّامِ فَعَمَرَ الْمُسْتَأْجِرُ وَصَرَفَ فِي الْعِمَارَةِ : حَتَّى صَارَتْ أُجْرَةُ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ فَضَلَ لَهُ عَلَى الْوَقْفِ مَالٌ زَائِدٌ عَنْ الْأُجْرَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمُؤَجِّرِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إذَا عَمَرَ عِمَارَةً زَائِدَةً عَنْ الْعِمَارَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهَا لَمْ يَكُنْ عَلَى أَهْلِ الْحَمَّامِ أَنْ يَقُومُوا بِبَقِيَّةِ تِلْكَ الْعِمَارَةِ الزَّائِدَةِ وَلَا قِيمَتِهَا ; بَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا إذَا لَمْ يَضُرَّ أَخْذُهَا بِالْوَقْفِ . وَإِذَا كَانَتْ الْعِمَارَةُ تَزِيدُ كِرَاءَ الْحَمَّامِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ تَبْقَى الْعِمَارَةُ لَهُ ; لَا يُعْطُونَهُ بِقِيمَتِهَا ; بَلْ يَكُونُ مَا يَحْصُلُ مِنْ زِيَادَةِ الْأُجْرَةِ بِإِزَاءِ ذَلِكَ : جَازَ ذَلِكَ . وَإِنْ أَرَادَ أَهْلُ الْوَقْفِ أَنْ يُقْلِعُوا الْعِمَارَةَ الزَّائِدَةَ فَلَهُمْ ذَلِكَ ; إذَا لَمْ تَنْقُصْ الْمَنْفَعَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ بِالْعَقْدِ . وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يُعْطُوهُ بَقِيَّةَ الْعِمَارَةِ وَيَزِيدَهُمْ فِي الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا زَادَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ جَازَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .