وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ شَرِيفٍ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ بَالِغٌ لِرَجُلِ غَيْرِ شَرِيفٍ مَغْرِبِيٍّ مَعْرُوفٍ بَيْنَ النَّاسِ بِالصَّلَاحِ بِرِضَا ابْنَتِهِ وَإِذْنِهَا وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهَا الْأَبُ بِالرِّضَا : فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَادِحًا فِي الْعَقْدِ أَمْ لَا ؟ مَعَ اسْتِمْرَارِ الزَّوْجَةِ بِالرِّضَا وَذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَقَدَحَ قَادِحٌ فَأَشْهَدَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّ الرِّضَا وَالْإِذْنَ صَدَرَا مِنْهَا : فَهَلْ يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ ؟
فَأَجَابَ : لَا تَفْتَقِرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ إلَى الْإِشْهَادِ عَلَى إذْنِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ النِّكَاحِ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ إلَّا وَجْهًا ضَعِيفًا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد ; بَلْ قَالَ : إذَا قَالَ الْوَلِيُّ : أَذِنَتْ لِي جَازَ عَقْدُ النِّكَاحِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ . ثُمَّ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَنْكَرَتْ : فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ . هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ . وَأَمَّا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ إذَا لَمْ تَأْذَنْ حَتَّى عُقِدَ النِّكَاحُ جَازَ وَتُسَمَّى : " مَسْأَلَةُ وَقْفِ الْعُقُودِ " كَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِدُونِ إذْنِ مَوَالِيهِ ; فَهُوَ عَلَى هَذَا النِّزَاعِ . أَمَّا " الْكَفَاءَةُ فِي النَّسَبِ " فَالنَّسَبُ مُعْتَبَرٌ عِنْد مَالِكٍ . أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ : فَهِيَ حَقٌّ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَبَوَيْنِ فَإِذَا رَضُوا بِدُونِ كُفْءٍ جَازَ وَعِنْدَ أَحْمَد هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ فِرَاقِهَا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .