وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَةَ أَخِيهِ مِنْ ابْنِهِ وَالزَّوْجُ فَاسِقٌ لَا يُصَلِّي وَخَوَّفُوهَا حَتَّى أَذِنَتْ فِي النِّكَاحِ وَقَالُوا : إنْ لَمْ تَأْذَنِي وَإِلَّا زَوَّجَك الشَّرْعُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِك وَهُوَ الْآنَ يَأْخُذُ مَالَهَا ; وَيَمْنَعُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا لِكَشْفِ حَالِهَا : كَأُمِّهَا وَغَيْرِهَا ؟
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ لَيْسَ لِلْعَمِّ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُزَوِّجَ مُوَلِّيَتَهُ بِغَيْرِ كُفْءٍ إذَا لَمْ تَكُنْ رَاضِيَةً بِذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ; وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ الشَّرْعِيَّةَ الَّتِي تَرْدَعُهُ وَأَمْثَالَهُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ ; بَلْ لَوْ رَضِيَتْ هِيَ بِغَيْرِ كُفْءٍ كَانَ لِوَلِيِّ آخَرَ غَيْرَ الْمُزَوِّجِ أَنْ يَفْسَخَ النِّكَاحَ ; وَلَيْسَ لِلْعَمِّ أَنْ يُكْرِهَ الْمَرْأَةَ الْبَالِغَةَ عَلَى النِّكَاحِ بِكُفْءِ . فَكَيْفَ إذَا أَكْرَهَهَا عَلَى التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ كُفْءٍ بَلْ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِمَنْ تَرْضَاهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ . وَإِذَا قَالَ لَهَا : إنْ لَمْ تَأْذَنِي وَإِلَّا زَوَّجَك الشَّرْعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِك . فَأَذِنَتْ بِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْإِذْنُ وَلَا النِّكَاحُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ ; فَإِنَّ الشَّرْعَ لَا يُمَكِّنُ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ إجْبَارِ الصَّغِيرَةِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ; وَإِنَّمَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي " الْأَبِ وَالْجَدِّ " فِي الْكَبِيرَةِ وَفِي الصَّغِيرَةِ مُطْلَقًا . وَإِذَا تَزَوَّجَهَا بِنِكَاحِ صَحِيحٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِمَا يَجِبُ لَهَا وَلَا يَتَعَدَّى عَلَيْهَا فِي نَفْسِهَا وَلَا مَالِهَا . وَمَا أَخَذَهُ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يَكْشِفُ حَالَهَا إذَا اشْتَكَتْ بَلْ إمَّا أَنْ يُمَكِّنَ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَكْشِفُ حَالَهَا : كَالْأُمِّ وَغَيْرِهَا . وَإِمَّا أَنْ تُسَكَّنَ بِجَنْبِ جِيرَانٍ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالدِّينُ يَكْشِفُونَ حَالَهَا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .