وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً " مُصَافَحَةً " عَلَى صَدَاقٍ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ كُلُّ سَنَةٍ نِصْفُ دِينَارٍ وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهَا وَأَصَابَهَا : فَهَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ إذَا رُزِقَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يَرِثُ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ أَمْ لَا ؟
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إذَا تَزَوَّجَهَا بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَكَتَمَا النِّكَاحَ : فَهَذَا نِكَاحٌ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ; بَلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ { لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيِّ } { وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ } . وَكِلَا هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ مَأْثُورٌ فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ : لَا نِكَاحَ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ . وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . وَمَالِكٌ يُوجِبُ إعْلَانَ النِّكَاحِ . " وَنِكَاحُ السِّرِّ " هُوَ مِنْ جِنْسِ نِكَاحِ الْبَغَايَا ; وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ } فَنِكَاحُ السِّرِّ مِنْ جِنْسِ ذَوَاتِ الْأَخْدَانِ ; وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا } فَخَاطَبَ الرِّجَالَ بِتَزْوِيجِ النِّسَاءِ ; وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ : إنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُنْكِحُ نَفْسَهَا وَإِنَّ الْبَغِيَّ هِيَ الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا . لَكِنْ إنْ اعْتَقَدَ هَذَا نِكَاحًا جَائِزًا كَانَ الْوَطْءُ فِيهِ وَطْءَ شُبْهَةٍ يُلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهِ وَيَرِثُ أَبَاهُ . وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ فَإِنَّهُمَا يَسْتَحِقَّانِ الْعُقُوبَةَ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْعَقْدِ .