وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ هَذَا " التَّحْلِيلِ " الَّذِي يَفْعَلُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ : إذَا وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَفْعَلُونَهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْإِشْهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْحِيَلِ الْمَعْرُوفَةِ : هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا قُلِّدَ مَنْ قَالَ بِهِ هَلْ : يُفَرَّقُ بَيْنَ اعْتِقَادٍ وَاعْتِقَادٍ ؟ وَهَلْ الْأَوْلَى إمْسَاكُ الْمَرْأَةِ أَمْ لَا ؟
فَأَجَابَ : التَّحْلِيلُ الَّذِي يَتَوَاطَئُونَ فِيهِ مَعَ الزَّوْجِ - لَفْظًا أَوْ عُرْفًا - عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ الْمَرْأَةَ أَوْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ ذَلِكَ : مُحَرَّمٌ . لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعِلَهُ فِي أَحَادِيثَ مُتَعَدِّدَةٍ وَسَمَّاهُ " التَّيْسَ الْمُسْتَعَارَ " وَقَالَ : { لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ } . وَكَذَلِكَ مِثْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ لَهُمْ بِذَلِكَ آثَارٌ مَشْهُورَةٌ : يُصَرِّحُونَ فِيهَا بِأَنَّ مَنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُحَلِّلٌ ; وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الْعَقْدِ . وَسَمَّوْهُ " سِفَاحًا " . وَلَا تَحِلُّ لِمُطَلَّقِهَا الْأَوَّلِ بِمِثْلِ هَذَا الْعَقْدِ وَلَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْمُحَلِّلِ إمْسَاكُهَا بِهَذَا التَّحْلِيلِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِرَاقُهَا ; لَكِنْ إذَا كَانَ قَدْ تَبَيَّنَ بِاجْتِهَادِ أَوْ تَقْلِيدٍ جَوَازُ ذَلِكَ ; فَتَحَلَّلَتْ وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ : فَالْأَقْوَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِرَاقُهَا ; بَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقَدْ عَفَا اللَّهُ فِي الْمَاضِي عَمَّا سَلَفَ .