تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلَيْنِ شَرِبَا ; وَكَانَ مَعَهُمَا رَجُلٌ آخَرُ فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَرْجِعُوا إلَى بُيُوتِهِمْ تَكَلَّمَا فَضَرَبَ وَاحِدٌ صَاحِبَهُ ضَرْبَةً بِالدَّبُّوسِ فَوَقَعَ عَنْ فَرَسِهِ فَوَقَفَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي مَعَهُمَا حَتَّى رَكِبَ فَرَسَهُ وَجَاءَ مَعَهُ إلَى مَنْزِلِهِ ; وَلَمْ يَقِفْ عِنْدَهُ فَوَقَعَ عَنْ فَرَسِهِ ثَانِيَةً ثُمَّ إنَّهُ أَصْبَحَ مَيِّتًا ; فَسَأَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ الرَّجُلَ خِفْيَةً ; وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِمَوْتِهِ ; فَذَكَرَ لَهُ قَضِيَّتَهُمَا فَشَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِأَنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ الشُّهُودُ مِنْ الْمَيِّتِ ; وَأَنَّ الْمُتَّهَمَ لَمْ يُظْهِرْ نَفْسَهُ خَوْفَ الْعُقُوبَةِ ; لِكَيْ لَا يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ وَلِلْمَيِّتِ بِنْتٌ تَرْضَعُ وَإِخْوَةٌ ؟
1
فَأَجَابَ : إنْ كَانَ الَّذِي شَرِبَ الْخَمْرَ يَعْلَمُ مَا يَقُولُ فَهَذَا إذَا قَتَلَ فَهُوَ قَاتِلٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَعُقُوبَةُ قَاتِلِ النَّفْسِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ . وَأَمَّا إنْ كَانَ قَدْ سَكِرَ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ; وَقَتَلَ : فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَيُسَلَّمُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ لِيَقْتُلُوهُ إنْ شَاءُوا ؟ هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد ; لَكِنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد يُوجِبُونَ عَلَيْهِ الْقَوَدَ ; كَمَا يُوجِبُونَهُ عَلَى الصَّاحِي فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِالْقَتْلِ إلَّا وَاحِدٌ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَعَ ذَلِكَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ خَمْسِينَ يَمِينًا ; وَهَذَا إذَا مَاتَ بِضَرْبِهِ وَكَانَ ضَرْبُهُ عُدْوَانًا مَحْضًا فَأَمَّا إنْ مَاتَ مَعَ ضَرْبِ الْآخَرِ : فَفِي الْقَوَدِ نِزَاعٌ وَكَذَلِكَ إنْ ضَرَبَهُ دَفْعًا لِعُدْوَانِهِ عَلَيْهِ أَوْ ضَرْبِهِ مِثْلَ مَا ضَرَبَهُ سَوَاءٌ مَاتَ بِسَبَبِ آخَرَ أَوْ غَيْرِهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .