وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَقْوَامٍ مُقِيمُونَ فِي الثُّغُورِ يُغِيرُونَ عَلَى الْأَرْمَنِ وَغَيْرِهِمْ وَيَكْسِبُونَ الْمَالَ يُنْفِقُونَ عَلَى الْخَمْرِ وَالزِّنَا : هَلْ يَكُونُونَ شُهَدَاءَ إذَا قُتِلُوا ؟
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إنْ كَانُوا إنَّمَا يُغِيرُونَ عَلَى الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ . وَقَدْ { قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً ; وَيُقَاتِلُ رِيَاءً : فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَا يَقْصِدُ إلَّا أَخْذَ الْمَالِ وَإِنْفَاقَهُ فِي الْمَعَاصِي : فَهَؤُلَاءِ فُسَّاقٌ مُسْتَحِقُّونَ لِلْوَعِيدِ . وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُمْ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ; وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ : فَهَؤُلَاءِ مُجَاهِدُونَ ; لَكِنْ إذَا كَانَتْ لَهُمْ كَبَائِرُ كَانَ لَهُمْ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ . وَأَمَّا إنْ كَانُوا يُغِيرُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هُنَاكَ : فَهَؤُلَاءِ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ; مُحَارِبُونَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ; مُسْتَحِقُّونَ لِلْعُقُوبَةِ الْبَلِيغَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .