تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فِي رَجُلٍ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَلَمْ يُصَلِّ وَلَمْ يَقُمْ بِشَيْءِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّهُ وَيَدْخُلْ الْجَنَّةَ وَأَنَّهُ قَدْ حُرِّمَ جِسْمُهُ عَلَى النَّارِ ؟ وَفِي رَجُلٍ يَقُولُ : أَطْلُبُ حَاجَتِي مِنْ اللَّهِ وَمِنْك : فَهَلْ هَذَا بَاطِلٌ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ يَجُوزُ هَذَا الْقَوْلُ أَمْ لَا ؟
1
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إنَّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَصِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَحَجَّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَلَا يُحَرِّمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ الْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ وَالشِّرْكِ وَالْإِفْكِ : فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ التَّكَلُّمُ بِالشَّهَادَتَيْنِ . وَإِنْ قَالَ : أَنَا أُقِرُّ بِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيَّ وَأَعْلَمُ أَنَّهُ فَرْضٌ وَأَنَّ مَنْ تَرَكَهُ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِذَمِّ اللَّهِ وَعِقَابِهِ ; لَكِنِّي لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ : فَهَذَا أَيْضًا مُسْتَحِقٌّ لِلْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَيَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ . وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ : يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ ; فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ وَإِلَّا قُتِلَ . فَإِذَا أَصَرَّ عَلَى الْجُحُودِ حَتَّى قُتِلَ كَانَ كَافِرًا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ; لَا يُغَسَّلُ ; وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ; وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ . وَمَنْ قَالَ : إنَّ كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَمْ يُؤَدِّ الْفَرَائِضَ وَلَمْ يَجْتَنِبْ الْمَحَارِمَ : يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يُعَذَّبُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِالنَّارِ : فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ . يَجِبُ أَنْ يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ; بَلْ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالشَّهَادَتَيْنِ " أَصْنَافٌ " مِنْهُمْ مُنَافِقُونَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا } { إلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ } الْآيَةُ وَقَالَ تَعَالَى : { إنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى } الْآيَةُ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " { تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلَّا قَلِيلًا } فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الَّذِي يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وَيَنْقُرُهَا مُنَافِقٌ . فَكَيْفَ بِمَنْ لَا يُصَلِّي وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ } { الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } { الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ } قَالَ الْعُلَمَاءُ : " السَّاهُونَ عَنْهَا " الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا وَاَلَّذِينَ يُفَرِّطُونَ فِي وَاجِبَاتِهَا . فَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْمُصَلُّونَ الْوَيْلُ لَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ لَا يُصَلِّي وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { أَنَّهُ يَعْرِفُ أُمَّتَهُ بِأَنَّهُمْ غُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ } وَإِنَّمَا تَكُونُ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ لِمَنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى فَابْيَضَّ وَجْهُهُ بِالْوُضُوءِ وَابْيَضَّتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ بِالْوُضُوءِ فَصَلَّى أَغَرَّ مُحَجَّلًا . فَمَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يُصَلِّ لَمْ يَكُنْ أَغَرَّ وَلَا مُحَجَّلًا فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ سِيمَا الْمُسْلِمِينَ الَّتِي هِيَ الرنك لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ الرنك الَّذِي يُعَرِّفُ بِهِ الْمُقَدِّمُ أَصْحَابَهُ وَلَا يَكُنْ هَذَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ " { أَنَّ النَّارَ تَأْكُلُ مِنْ ابْنِ آدَمَ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا آثَارَ السُّجُودِ } فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ السُّجُودِ لِلْوَاحِدِ الْمَعْبُودِ الْغَفُورِ الْوَدُودِ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ : أَكَلَتْهُ النَّارُ . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " { لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ إلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ } وَقَالَ : " { الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ } وَقَالَ : " { أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ مِنْ عَمَلِهِ الصَّلَاةُ } . وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُولَ : مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَمَا لِي إلَّا اللَّهُ وَفُلَانٌ وَأَطْلُبُ حَاجَتِي مِنْ اللَّهِ ; وَمِنْ فُلَانٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ ; بَلْ يَقُولُ : مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ . وَأَطْلُبُ حَاجَتِي مِنْ اللَّهِ ; ثُمَّ مِنْ فُلَانٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " { لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ ; وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ } { وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت فَقَالَ : أَجَعَلْتنِي لِلَّهِ نِدًّا بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ } . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ .