تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : عَنْ " بِدْعَةِ المرازقة "
1
فَأَجَابَ : ثُمَّ إنَّ جَمَاعَاتٍ يَنْتَسِبُونَ إلَى الشَّيْخِ " عُثْمَانَ بْنِ مَرْزُوقٍ وَيَقُولُونَ : أَشْيَاءَ مُخَالِفَةً لِمَا كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُنْتَسِبٌ إلَى مَذْهَبِ أَحْمَد وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ أَبِي الْفَرَجِ الشِّيرَازِيِّ وَهَؤُلَاءِ يَنْتَسِبُونَ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَيَقُولُونَ أَقْوَالًا مُخَالِفَةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد ; بَلْ وَلِسَائِرِ الْأَئِمَّةِ وَشَيْخُهُمْ هَذَا مِنْ شُيُوخِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ لَهُ أُسْوَةُ أَمْثَالِهِ وَإِذَا قَالَ قَوْلًا قَدْ عَلِمَ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد يُخَالِفُهُ وَجَبَ تَقْدِيمُ قَوْلِهِمَا عَلَى قَوْلِهِ مَعَ دَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى قَوْلِ الْأَئِمَّةِ ; فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْقَوْلُ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ وَلِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ وَلِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ : وَلَا نَقُولُ قَطْعًا وَنَقُولُ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَلَا نَقْطَعُ وَنَقُولُ : إنَّ السَّمَاءَ فَوْقَنَا وَلَا نَقْطَعُ وَيَرْوُونَ أَثَرًا عَنْ عَلِيٍّ وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُهُ أَنَّهُ قَالَ : لَا تَقُلْ قَطْعًا وَهَذَا مِنْ الْكَذِبِ الْمُفْتَرَى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَمْ يَكُنْ شَيْخُهُمْ يَقُولُ هَذَا بَلْ هَذِهِ بِدْعَةٌ أَحْدَثَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِذَا قِيلَ لِوَاحِدِ مِنْهُمْ : أَلَا تَقْطَعُ قَالَ : إنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُغَيِّرَ هَذِهِ الْفَرَسَ فَيَظُنُّ أَنَّهُ إذَا قَالَ قَطْعًا أَنَّهُ نَفْيٌ لِقُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى تَغْيِيرِ ذَلِكَ وَهَذَا جَهْلٌ فَإِنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ فَرَسٌ قَطْعًا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَاَللَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُغَيِّرَهَا . وَأَصْلُ " شُبْهَةِ هَؤُلَاءِ " أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَسْتَثْنُونَ فِي الْإِيمَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ : أَنَا مُؤْمِنٌ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - وَكَانَتْ ثُغُورُ الشَّامِ : مِثْلَ عَسْقَلَانَ قَدْ سَكَنَهَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الفريابي - شَيْخُ الْبُخَارِيِّ - وَهُوَ صَاحِبُ الثَّوْرِيِّ وَكَانَ شَدِيدًا عَلَى الْمُرْجِئَةِ وَكَانَ يَرَى " الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْإِيمَانِ " كَشَيْخِهِ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ السَّلَفِ . وَالنَّاسُ لَهُمْ فِي الِاسْتِثْنَاءِ " ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ " : مِنْهُمْ مَنْ يُحَرِّمْهُ كَطَائِفَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَيَقُولُونَ مَنْ يَسْتَثْنِي فَهُوَ شَكَّاكٌ . وَمِنْهُمْ مَنْ يُوجِبْهُ : كَطَائِفَةِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يُجَوِّزْهُ - أَوْ يَسْتَحِبَّهُ - وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ فَمَنْ قَالَ : أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْإِيمَانَ فِعْلُ جَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ وَيَخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ قَائِمًا بِهَا فَقَدْ أَحْسَنَ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَخَافُونَ النِّفَاقَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : أَدْرَكْت ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ الْمُطْلَقَ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْجَنَّةَ ; فَاسْتَثْنَى خَوْفًا مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ فَقَدْ أَصَابَ وَهَذَا مَعْنَى مَا يُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : عَنْ رَجُلٍ أَنْتَ مُؤْمِنٌ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ أَرْجُو فَقَالَ : هَلَّا وَكَلَ الْأُولَى كَمَا وَكَلَ الثَّانِيَةَ وَمَنْ اسْتَثْنَى خَوْفًا مِنْ تَزْكِيَةِ نَفْسِهِ أَوْ مَدْحِهَا أَوْ تَعْلِيقِ الْأُمُورِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ جَزَمَ بِمَا يَعْلَمُهُ أَيْضًا فِي نَفْسِهِ مِنْ التَّصْدِيقِ فَهُوَ مُصِيبٌ . وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أَصْلَ شُبْهَةِ هَؤُلَاءِ " الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِيمَانِ " كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ ثَغْرِ عَسْقَلَانَ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهَا وَعَامَّةُ هَؤُلَاءِ جِيرَانُ عَسْقَلَانَ ثُمَّ صَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَسْتَثْنِي فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَيَقُولُ : صَلَّيْت إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ أَتَى بِالصَّلَاةِ كَمَا أُمِرَ وَصَنَّفَ أَهْلُ الثَّغْرِ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفًا - وَشَيْخُهُمْ ابْنُ مَرْزُوقٍ - غَايَتُهُ أَنْ يَتْبَعَ هَؤُلَاءِ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ وَلَا أَحَدٌ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَمْتَنِعُونَ أَنْ يَقُولُوا : لِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ هَذَا مَوْجُودٌ قَطْعًا وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَثْنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ وَكَأَنَّهُ يَسْتَثْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِي الْخَبَرِ عَنْ الْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ [ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ] { لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنْ شَاءَ اللَّهُ } وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ؟ } . وَالْوَاجِبُ مُوَافَقَةُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ : قَطْعًا بِذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِهِ أَشْهَدُ بِذَلِكَ وَأَجْزِمُ بِذَلِكَ وَأَعْلَمُ ذَلِكَ ; فَإِذَا قَالَ : أَشْهَدُ وَلَا أَقْطَعُ ; كَانَ جَاهِلًا ; وَالْجَاهِلُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ ; وَلَا يُصِرَّ عَلَى جَهْلِهِ ; وَلَا يُخَالِفَ مَا عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ ; فَإِنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ مُبْتَدِعًا جَاهِلًا ضَالًّا . وَكَذَلِكَ مِنْ جَهْلِهِمْ قَوْلُهُمْ إنَّ الرَّافِضِيَّ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَوْبَتَهُ ; وَيَرْوُونَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { سَبُّ أَصْحَابِي ذَنْبٌ لَا يُغْفَرُ } وَيَقُولُونَ : إنَّ سَبَّ الصَّحَابَةِ فِيهِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ ; وَهَذَا بَاطِلٌ لِوَجْهَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَدِيثَ كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ ; فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ : { إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } وَبِهَذَا احْتَجَّ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : لَا يُغْفَرُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ إذَا لَمْ يَتُوبُوا وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } وَهَذَا لِمَنْ تَابَ فَكُلُّ مَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ; وَلَوْ كَانَ ذَنْبُهُ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ وَقَالَ : { إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } فَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَتُبْ . ( الثَّانِي أَنَّ الْحَدِيثَ لَوْ كَانَ حَقًّا فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لِمَنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا ذَنْبَ أَعْظَمَ مِنْ الشِّرْكِ وَالْمُشْرِكُ إذَا تَابَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ شِرْكَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ } وَفِي الْأُخْرَى { فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ } وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ إذَا سَبَّ الْأَنْبِيَاءَ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ كَانَ مُسْتَحِلًّا لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ الرَّافِضِيَّ هُوَ يَسْتَحِلُّ سَبَّ الصَّحَابَةِ فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ حَرَامٌ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ بَدَّلَ مَا كَانَ مِنْهُ بَدَّلَ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ بِالْحَسَنَاتِ وَكَانَ حَقُّ الْآدَمِيِّ فِي ذَلِكَ تَبَعًا لِحَقِّ اللَّهِ ; لِأَنَّهُ مُسْتَحِلٌّ لِذَلِكَ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ لَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَابَ مِنْ الْقَذْفِ وَالْغِيبَةِ وَهَذَا فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَوْبَتِهِ تَحَلُّلُهُ مِنْ الْمَظْلُومِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يُحْسِنَ إلَيْهِ فِي الْمَغِيبِ ; لِيَهْدِمَ هَذَا بِهَذَا . وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ تَكْفِيرُ الطَّائِفَةِ غَيْرَهَا مِنْ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِحْلَالُ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ كَمَا يَقُولُونَ : هَذَا زَرْعُ الْبِدْعِيِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا عَظِيمٌ لِوَجْهَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا أَنَّ تِلْكَ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى قَدْ لَا يَكُونُ فِيهَا مِنْ الْبِدْعَةِ أَعْظَمُ مِمَّا فِي الطَّائِفَةِ الْمُكَفِّرَةِ لَهَا ; بَلْ تَكُونُ بِدْعَةُ الْمُكَفِّرَةِ أَغْلَظَ أَوْ نَحْوَهَا أَوْ دُونَهَا وَهَذَا حَالُ عَامَّةِ أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ يُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَإِنَّهُ إنْ قُدِّرَ أَنَّ الْمُبْتَدِعَ يَكْفُرُ كُفِّرَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يَكْفُرْ لَمْ يَكْفُرْ هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ فَكَوْنُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ تُكَفِّرُ الْأُخْرَى وَلَا تُكَفِّرُ طَائِفَتَهَا هُوَ مِنْ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ : { إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } . ( وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مُخْتَصَّةٌ بِالْبِدْعَةِ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنْ يُكَفِّرُوا كُلَّ مَنْ قَالَ قَوْلًا أَخْطَأَ فِيهِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ : { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ { أَنَّ اللَّهَ قَالَ : قَدْ فَعَلْت } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ } وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ ابْن ماجه وَغَيْرُهُ . وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ وَسَائِرُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ قَالَ قَوْلًا أَخْطَأَ فِيهِ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ فَتَكْفِيرُ كُلِّ مُخْطِئٍ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ ; لَكِنْ لِلنَّاسِ نِزَاعٌ فِي مَسَائِلِ التَّكْفِيرِ قَدْ بُسِطَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضُوعِ . وَ ( الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ لَيْسَ لِكُلِّ مِنْ الطَّوَائِفِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى شَيْخٍ مِنْ الشُّيُوخِ وَلَا إمَامٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ أَنْ يُكَفِّرُوا مَنْ عَدَاهُمْ ; بَلْ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا } وَقَالَ أَيْضًا : { الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ } . وَقَالَ : { لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا } وَقَالَ : { مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ : كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ } . وَلَيْسَ لِلْمُنْتَسِبِينَ إلَى ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنْ يَمْنَعُوا مِنْ مُنَاكَحَةِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى العوفي ; لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَكْفَاءً لَهُمْ بَلْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ مِنْ أَيِّ طَائِفَةٍ كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } وَفِي الصَّحِيحِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ : أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ ؟ قَالَ أَتْقَاهُمْ } . وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَضَ إلَّا بِالتَّقْوَى النَّاسُ مِنْ آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ } .