سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَقُدْوَةُ الْأَنَامِ وَمُفْتِي الْفِرَقِ وَنَاصِرُ السُّنَّةِ : تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ تيمية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ " أَهْلِ الصُّفَّةِ " كَمْ كَانُوا ؟ وَهَلْ كَانُوا بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ ؟ وَأَيْنَ مَوْضِعُهُمْ الَّذِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهِ ؟ وَهَلْ كَانُوا مُقِيمِينَ بِأَجْمَعِهِمْ لَا يَخْرُجُونَ إلَّا خُرُوجَ حَاجَةٍ ؟ أَوْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَقْعُدُ بِالصُّفَّةِ ؟ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَسَبَّبُ فِي الْقُوتِ ؟ وَمَا كَانَ تَسَبُّبُهُمْ . هَلْ يَعْمَلُونَ بِأَبْدَانِهِمْ أَمْ يَشْحَذُونَ بِالزِّنْبِيلِ ؟ وَفِي مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ " أَهْلَ الصُّفَّةِ " قَاتَلُوا الْمُؤْمِنِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ ؟ وَفِيمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ " أَهْلَ الصُّفَّةِ " أَفْضَلُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ؟ وَمِنْ السِّتَّةِ الْبَاقِينَ مِنْ الْعَشْرَةِ ؟ وَمِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ ؟ وَهَلْ كَانَ فِيهِمْ أَحَدٌ مِنْ الْعَشْرَةِ ؟ وَهَلْ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَحَدٌ يُنْذِرُ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ ؟ وَهَلْ تَوَاجَدُوا عَلَى دُفٍّ أَوْ شَبَّابَةٍ ؟ أَوْ كَانَ لَهُمْ حَادٍ يُنْشِدُ الْأَشْعَارَ وَيَتَحَرَّكُونَ عَلَيْهَا بِالتَّصْدِيَةِ وَيَتَوَاجَدُونَ ؟ وَعَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ } هَلْ هِيَ مَخْصُوصَةٌ بِأَهْلِ الصُّفَّةِ ؟ أَمْ هِيَ عَامَّةٌ ؟ وَهَلْ الْحَدِيثُ الَّذِي يَرْوِيه كَثِيرٌ مِنْ الْعَامَّةِ وَيَقُولُونَ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَا مِنْ جَمَاعَةٍ يَجْتَمِعُونَ إلَّا وَفِيهِمْ وَلِيٌّ لِلَّهِ : لَا النَّاسُ يَعْرِفُونَهُ وَلَا الْوَلِيُّ يَعْرِفُ أَنَّهُ وَلِيٌّ } [ صَحِيحٌ ] ؟ وَهَلْ تَخْفَى حَالَةُ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ طَرِيقَتُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ غَيْرِهِمْ ؟ وَلِمَاذَا سُمِّيَ الْوَلِيُّ وَلِيًّا ; وَمَا الْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ ؟ وَمَا الْفُقَرَاءُ الَّذِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ إلَى الْجَنَّةِ ؟ وَمَا الْفُقَرَاءُ الَّذِينَ أَوْصَى بِهِمْ فِي كَلَامِهِ . وَذَكَرَهُمْ سَيِّدُ خَلْقِهِ وَخَاتَمُ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُنَّتِهِ . هَلْ هُمْ الَّذِينَ لَا يَمْلِكُونَ كِفَايَتَهُمْ أَهْلُ الْفَاقَةِ وَالْحَاجَةِ أَمْ لَا ؟
فَصْلٌ وَ " أَوْلِيَاءُ اللَّهِ " هُمْ { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ . وَهُمْ " قِسْمَانِ " : الْمُقْتَصِدُونَ أَصْحَابُ الْيَمِينِ وَالْمُقَرَّبُونَ السَّابِقُونَ . فَوَلِيُّ اللَّهِ ضِدُّ عَدُوِّ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { أَلَا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا } - إلَى قَوْلِهِ - { وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ } وَقَالَ : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } وَقَالَ : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ } وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ; فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا فَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَمْشِي وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنهُ وَمَا تَرَدَّدْت عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مُسَاءَتَهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ } . وَ " الْوَلِيُّ " مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلَاءِ وَهُوَ الْقُرْبُ كَمَا أَنَّ الْعَدُوَّ مِنْ الْعَدْوِ وَهُوَ الْبُعْدُ . فَوَلِيُّ اللَّهِ مَنْ وَالَاهُ بِالْمُوَافَقَةِ لَهُ فِي مَحْبُوبَاتِهِ وَمَرْضِيَّاتِهِ وَتَقَرَّبَ إلَيْهِ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ طَاعَاتِهِ . وَقَدْ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الصِّنْفَيْنِ الْمُقْتَصِدَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَهُمْ الْمُتَقَرِّبُونَ إلَى اللَّهِ بِالْوَاجِبَاتِ وَالسَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ وَهُمْ الْمُتَقَرِّبُونَ إلَيْهِ بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْوَاجِبَاتِ . وَذَكَرَ اللَّهُ " الصِّنْفَيْنِ " فِي " سُورَةِ فَاطِرٍ " وَ " الْوَاقِعَةِ " وَ " الْإِنْسَانِ " وَ " الْمُطَفِّفِينَ " وَأَخْبَرَ أَنَّ الشَّرَابَ الَّذِي يُرْوَى بِهِ الْمُقَرَّبُونَ بِشُرْبِهِمْ إيَّاهُ صِرْفًا يُمْزَجُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ . وَ " الْوَلِيُّ الْمُطْلَقُ " هُوَ مَنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ . فَأَمَّا إنْ قَامَ بِهِ الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى وَكَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَرْتَدُّ عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ فِي حَالِ إيمَانِهِ وَتَقْوَاهُ وَلِيًّا لِلَّهِ أَوْ يُقَالُ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا لِلَّهِ قَطُّ لِعِلْمِ اللَّهِ بِعَاقِبَتِهِ ؟ هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ . وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ الْإِيمَانُ الَّذِي يَعْقُبُهُ الْكُفْرُ هَلْ هُوَ إيمَانٌ صَحِيحٌ ثُمَّ يَبْطُلُ بِمَنْزِلَةِ مَا يُحْبَطُ مِنْ الْأَعْمَالِ بَعْدَ كَمَالِهِ أَوْ هُوَ إيمَانٌ بَاطِلٌ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَفْطَرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي صِيَامِهِ وَمَنْ أَحْدَثَ قَبْلَ السَّلَامِ فِي صِلَاتِهِ . فِيهِ أَيْضًا قَوْلَانِ : لِلْفُقَهَاءِ والمتكلمين وَالصُّوفِيَّةِ . وَالنِّزَاعُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ وَكَذَلِكَ يُوجَدُ النِّزَاعُ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ . لَكِنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِطُونَ سَلَامَةَ الْعَاقِبَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد يَشْتَرِطُ سَلَامَةَ الْعَاقِبَةِ وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ مُتَكَلِّمِي أَهْلِ الْحَدِيثِ : كَالْأَشْعَرِيِّ وَمِنْ مُتَكَلِّمِي الشِّيعَةِ وَيَبْنُونَ عَلَى هَذَا النِّزَاعِ : إنَّ وَلِيَّ اللَّهِ هَلْ يَصِيرُ عَدُوًّا لِلَّهِ وَبِالْعَكْسِ ؟ وَمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ . هَلْ أَبْغَضَهُ وَسَخِطَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ مَا وَبِالْعَكْسِ ؟ وَمَنْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَسَخِطَ عَلَيْهِ هَلْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ فِي وَقْتٍ مَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ ؟ . وَ " التَّحْقِيقُ " هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ . فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ الْقَدِيمَ الْأَزَلِيَّ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ وَبُغْضِهِ وَسُخْطِهِ وَوِلَايَتِهِ وَعَدَاوَتِهِ لَا يَتَغَيَّرُ . فَمَنْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ يُوَافِي حِينَ مَوْتِهِ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ مَحَبَّةُ اللَّهِ وَوِلَايَتُهُ وَرِضَاهُ عَنْهُ أَزَلًا وَأَبَدًا وَكَذَلِكَ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ يُوَافِي حِينَ مَوْتِهِ بِالْكُفْرِ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ بُغْضُ اللَّهِ وَعَدَاوَتُهُ وَسُخْطُهُ أَزَلًا وَأَبَدًا لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبْغِضُ مَا قَامَ بِالْأَوَّلِ مِنْ كُفْرٍ وَفُسُوقٍ قَبْلَ مَوْتِهِ . وَقَدْ يُقَالُ : إنَّهُ يُبْغِضُهُ وَيَمْقُتُهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَأْمُرُ بِمَا فَعَلَهُ الثَّانِي مِنْ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى وَيُحِبُّ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَرْضَاهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يُوَالِيه حِينَئِذٍ عَلَى ذَلِكَ . وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ : اتِّفَاقُ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِأَنَّ إيمَانَهُ الْأَوَّلَ كَانَ فَاسِدًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْحَجَّ قَبْلَ الْإِكْمَالِ ; وَإِنَّمَا يُقَالُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ } وَقَالَ { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } وَقَالَ : { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } وَلَوْ كَانَ فَاسِدًا فِي نَفْسِهِ لَوَجَبَ الْحُكْمُ بِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَتَحْرِيمِ ذَبَائِحِهِ وَبُطْلَانِ إرْثِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَبُطْلَانِ عِبَادَاتِهِ جَمِيعِهَا حَتَّى لَوْ كَانَ قَدْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ كَانَ حَجُّهُ بَاطِلًا وَلَوْ صَلَّى مُدَّةً بِقَوْمِ ثُمَّ ارْتَدَّ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعِيدُوا صَلَاتَهُمْ خَلْفَهُ وَلَوْ شَهِدَ أَوْ حَكَمَ ارْتَدَّ [ لَوَجَبَ ] أَنْ تَفْسُدَ شَهَادَتُهُ وَحُكْمُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ أَيْضًا الْكَافِرُ إذَا تَابَ مِنْ كُفْرِهِ لَوْ كَانَ مَحْبُوبًا لِلَّهِ وَلِيًّا لَهُ فِي حَالِ كَفْرِهِ لَوَجَبَ أَنْ يُقْضَى بِعَدَمِ إحْكَامِ ذَلِكَ الْكُفْرِ وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافُ مَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ . وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ " الْمَسْأَلَةِ " نَظِيرُ الْكَلَامِ فِي الْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ وَهِيَ أَيْضًا مَبْنِيَّةٌ عَلَى " قَاعِدَةِ الصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ " وَهِيَ قَاعِدَةٌ كَبِيرَةٌ . وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ جَوَابُ السَّائِلِ فَمَنْ قَالَ : إنَّ وَلِيَّ اللَّهِ لَا يَكُونُ إلَّا مَنْ وَافَاهُ حِينَ الْمَوْتِ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى فَالْعِلْمُ بِذَلِكَ أَصْعَبُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ . وَمَنْ قَالَ : قَدْ يَكُونُ وَلِيًّا لِلَّهِ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا تَقِيًّا وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ عَاقِبَتُهُ فَالْعِلْمُ بِهِ أَسْهَلُ . وَمَعَ هَذَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِذَلِكَ لِلْوَلِيِّ نَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَلَكِنَّهُ قَلِيلٌ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْقَطْعُ عَلَى ذَلِكَ فَمَنْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ بِالنَّصِّ . وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَالْعَشْرَةِ وَغَيْرِهِمْ فَعَامَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ يَشْهَدُونَ لَهُ بِمَا شَهِدَ لَهُ بِهِ النَّصُّ .