تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي " الْأَبْدَالِ " هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ مَقْطُوعٌ ؟ وَهَلْ " الْأَبْدَالُ " مَخْصُوصُونَ بِالشَّامِ ؟ أَمْ حَيْثُ تَكُونُ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَكُونُ بِهَا الْأَبْدَالُ بِالشَّامِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقَالِيمِ ؟ وَهَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الْوَلِيَّ يَكُونُ قَاعِدًا فِي جَمَاعَةٍ وَيَغِيبُ جَسَدُهُ ؟ وَمَا قَوْلُ السَّادَةِ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تُسَمَّى بِهَا أَقْوَامٌ مِنْ الْمَنْسُوبِينَ إلَى الدِّينِ وَالْفَضِيلَةِ وَيَقُولُونَ هَذَا غَوْثُ الأغواث وَهَذَا قُطْبُ الْأَقْطَابِ وَهَذَا قُطْبُ الْعَالَمِ وَهَذَا الْقُطْبُ الْكَبِيرُ وَهَذَا خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ
1234
" فَأَمَّا لَفْظُ الْغَوْثِ وَالْغِيَاثِ " فَلَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا اللَّهُ فَهُوَ غِيَاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الِاسْتِغَاثَةُ بِغَيْرِهِ لَا بِمَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ . وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْفَعُونَ حَوَائِجَهُمْ الَّتِي يَطْلُبُونَ بِهَا كَشْفَ الضُّرِّ عَنْهُمْ وَنُزُولَ الرَّحْمَةِ إلَى الثَّلَاثِمِائَةِ وَالثَّلَاثمِائَة إلَى السَّبْعِينَ وَالسَّبْعُونَ إلَى الْأَرْبَعِينَ وَالْأَرْبَعُونَ إلَى السَّبْعَةِ وَالسَّبْعَةُ إلَى الْأَرْبَعَةِ وَالْأَرْبَعَةُ إلَى الْغَوْثِ فَهُوَ كَاذِبٌ ضَالٌّ مُشْرِكٌ فَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ : { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إلَّا إيَّاهُ } وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ } . فَكَيْفَ يَكُونُ الْمُؤْمِنُونَ يَرْفَعُونَ إلَيْهِ حَوَائِجَهُمْ بَعْدَهُ بِوَسَائِطَ مِنْ الْحِجَابِ ؟ وَهُوَ الْقَائِلُ تَعَالَى : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } وَقَالَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَاعِيًا لِأَهْلِ مَكَّةَ { رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } { رَبَّنَا إنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ } { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ } . وَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَصْحَابِهِ لَمَّا رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالذِّكْرِ { أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا وَإِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا ; إنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ } وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ . وَقَدْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مَشَايِخُهُمْ الْمَعْرُوفُونَ يَرْفَعُونَ إلَى اللَّهِ حَوَائِجَهُمْ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا بِهَذِهِ الْوَسَائِطِ وَالْحِجَابِ فَتَعَالَى اللَّهُ عَنْ تَشْبِيهِهِ بِالْمَخْلُوقِينَ مِنْ الْمُلُوكِ وَسَائِرِ مَا يَقُولُهُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَهَذَا مِنْ جِنْسِ دَعْوَى الرَّافِضَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ زَمَانٍ مِنْ إمَامٍ مَعْصُومٍ يَكُونُ حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ إلَّا بِهِ ثُمَّ مَعَ هَذَا يَقُولُونَ إنَّهُ كَانَ صَبِيًّا دَخَلَ السِّرْدَابَ مِنْ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةٍ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ وَلَا يُدْرَكُ لَهُ حِسٌّ وَلَا خَبَرٌ . وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ هَذِهِ الْمَرَاتِبَ فِيهِمْ مُضَاهَاةٌ لِلرَّافِضَةِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ; بَلْ هَذَا التَّرْتِيبُ وَالْأَعْدَادُ تُشْبِهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ تَرْتِيبَ الإسماعيلية والنصيرية وَنَحْوِهِمْ فِي السَّابِقِ وَالتَّالِي وَالنَّاطِقِ وَالْأَسَاسِ وَالْجَسَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّرْتِيبِ الَّذِي مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهِ مِنْ سُلْطَانٍ .