وَسُئِلَ   رَحِمَهُ اللَّهُ  عَنْ    قَوْله تَعَالَى   {   وَمَنْ  دَخَلَهُ  كَانَ آمِنًا   }  [ هَلْ ]  الْمُرَادُ  بِهِ  أَمْنُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ  مِنْ الْكُفْرِ عِنْدَ عَرْضِ الْأَدْيَانِ ؟ أَمْ الْمُرَادُ  بِهِ إذَا  أَحْدَثَ حَدَثًا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مَا دَامَ  فِي الْحَرَمِ  ؟ . 
				
				
				 فَأَجَابَ : التَّفْسِيرُ الْمَعْرُوفُ  فِي  أَنَّ اللَّهَ  جَعَلَ   الْحَرَمَ  بَلَدًا آمِنًا قَدْرًا وَشَرْعًا  فَكَانُوا  فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَسْفِكُ بَعْضُهُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ خَارِجَ الْحَرَمِ فَإِذَا دَخَلُوا   الْحَرَمَ  أَوْ لَقِيَ الرَّجُلُ قَاتِلَ  أَبِيهِ لَمْ يَهْجُرُوا حُرْمَتَهُ  فَفِي الْإِسْلَامِ  كَذَلِكَ وَأَشَدُّ .  لَكِنْ لَوْ   أَصَابَ الرَّجُلُ حَدًّا خَارِجَ   الْحَرَمِ  ثُمَّ  لَجَأَ إلَيْهِ فَهَلْ يَكُونُ آمِنًا لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ  فِيهِ أَمْ لَا  ؟  فِيهِ نِزَاعٌ . وَأَكْثَرُ   السَّلَفِ  عَلَى  أَنَّهُ يَكُونُ آمِنًا  كَمَا نُقِلَ عَنْ  ابْنِ عُمَرَ  وَابْنِ عَبَّاسٍ  وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ مَذْهَبُ  أَبِي حَنِيفَةَ  وَالْإِمَامِ  أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ  وَغَيْرِهِمَا . وَقَدْ اسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَبِقَوْلِ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {   إنَّ اللَّهَ  حَرَّمَ   مَكَّةَ  يَوْمَ  خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدِ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدِ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ  لِي سَاعَةٌ  مِنْ نَهَارٍ وَقَدْ  عَادَتْ حُرْمَتُهَا   } .  فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقُولُوا : إنَّمَا  أَحَلَّهَا اللَّهُ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يُحِلَّهَا  لَك . وَمَعْلُومٌ  أَنَّ الرَّسُولَ إنَّمَا  أُبِيحَ لَهُ  فِيهَا دَمُ مَنْ  كَانَ مُبَاحًا  فِي الْحِلِّ وَقَدْ بَيَّنَ  أَنَّ  ذَلِكَ  أُبِيحَ لَهُ  دُونَ غَيْرِهِ . وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ   {   وَمَنْ  دَخَلَهُ   }   الْحَرَمُ  كُلُّهُ .  وَأَمَّا   عَرْضُ الْأَدْيَانِ وَقْتَ الْمَوْتِ  فَيُبْتَلَى  بِهِ بَعْضُ النَّاسِ  دُونَ بَعْضٍ وَمَنْ لَمْ يَحُجَّ  خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ  عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ  كَمَا جَاءَ  فِي الْحَدِيثِ {   مَنْ  مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ  ثُمَّ لَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إنْ  شَاءَ يَهُودِيًّا أَوْ  نَصْرَانِيًّا   }  وَاَللَّهُ  أَعْلَمُ .