القائمة
الرئيسية
عن الشيخ
تعريف بالشيخ
منهج الشيخ
أقوال العلماء
تلامذة الشيخ
مناظرات الشيخ
تعريف بالشيخ
منهج الشيخ
المــــراجــــــــع
تصنيــف المـراجــــــع
ترتيــب المراجع زمنيـاً
ترتيب المراجع أبجدياً
البحث المتقدم
البـحـث النـصــــي
البـحــث الفقهــي
الرئيسية
>
الجواب الباهر في زوار المقابر
>
السَّفَرُ إلَى الْبِقَاعِ الْمُعَظَّمَةِ
مسألة تالية
مسألة سابقة
تنسيق الخط:
16px
17px
18px
19px
20px
21px
22px
23px
24px
25px
26px
27px
28px
29px
30px
31px
32px
Adobe Arabic
Andalus
Arial
Simplified Arabic
Traditional Arabic
Tahoma
Times New Roman
Verdana
MS Sans Serif
(إخفاء التشكيل)
التحليل الفقهي
الأدلة
: الآيات | الأحاديث | آثار الصحابة | آثار التابعين
الأعلام
: أعلام الرجال | أعلام النساء | أعلام الأماكن | الفقهاء | الجماعات | كتب
التحليل الموضوعي
وَالسَّفَرُ إلَى الْبِقَاعِ الْمُعَظَّمَةِ
متن:
وَالسَّفَرُ إلَى الْبِقَاعِ الْمُعَظَّمَةِ
هُوَ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ حَجٌّ فَالْمُشْرِكُونَ مِنْ
الْعَرَبِ
كَانُوا يَحُجُّونَ إلَى اللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْثَانِ وَلِهَذَا لَمَّا {
قَالَ الْحَبْرُ الَّذِي بَشَّرَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِأُمَيَّةِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ
: إنَّهُ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ وَهُوَ مِنْ بَيْتٍ يَحُجُّهُ
الْعَرَبُ
. فَقَالَ
أُمَيَّةُ
: نَحْنُ مَعْشَرَ ثَقِيفٍ فِينَا بَيْتٌ يَحُجُّهُ
الْعَرَبُ
; فَقَالَ الْحَبْرُ : إنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ إنَّهُ مِنْ إخْوَانِكُمْ مِنْ
قُرَيْشٍ
} . فَأَخْبَرَ أُمَيَّةَ أَنَّ
الْعَرَبَ
كَانَتْ تَحُجُّ إلَى اللَّاتِ . وَقَدْ ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ
السَّلَفِ
أَنَّ هَذَا كَانَ رَجُلًا يَلُتُّ السَّوِيقَ لِلْحَاجِّ وَيُطْعِمُهُمْ إيَّاهُ فَلَمَّا مَاتَ عَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ وَصَارَ وَثَنًا يُحَجُّ إلَيْهِ وَيُصَلَّى لَهُ وَيُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَقَرَأَ جَمَاعَةٌ مِنْ
السَّلَفِ
: {
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ
} بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَكَانَتْ اللَّاتُ
لِأَهْلِ
الطَّائِفِ
وَالْعُزَّى
لِأَهْلِ
مَكَّةَ
وَمَنَاةُ
لِأَهْلِ
الْمَدِينَةِ
. وَلِهَذَا {
قَالَ
أَبُو سُفْيَانَ
يَوْمَ
أُحُدٍ
لَمَّا جَعَلَ يَرْتَجِزُ فَقَالَ : اُعْلُ هُبَلَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تُجِيبُوهُ ؟ قَالُوا : وَمَا نَقُولُ ؟ قَالَ : قُولُوا : اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ . فَقَالَ
أَبُو سُفْيَانَ
: إنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تُجِيبُوهُ ؟ قَالُوا : وَمَا نَقُولُ ؟ قَالَ قُولُوا : اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ
} . فَالسَّفَرُ إلَى الْبِقَاعِ الْمُعَظَّمَةِ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ أَجْنَاسِ الْأُمَمِ يَحُجُّونَ إلَى آلِهَتِهِمْ كَمَا كَانَتْ
الْعَرَبُ
تَحُجُّ إلَى اللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى . وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَحُجُّونَ إلَى
الْبَيْتِ
وَيَطُوفُونَ بِهِ وَيَقِفُونَ
بِعَرَفَاتِ
; وَلِهَذَا كَانُوا تَارَةً يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَتَارَةً يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ . وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي تَلْبِيَتِهِمْ : لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك إلَّا شَرِيكًا هُوَ لَك تَمْلِكُهُ وَمَا ملك . وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : {
ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ
} يَقُولُ تَعَالَى : إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ لَا يَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكُهُ شَرِيكًا لَهُ مِثْلَ نَفْسِهِ فَكَيْفَ تَجْعَلُونَ مَمْلُوكِي شَرِيكًا لِي ؟ وَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالصَّالِحِينَ وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ هُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَلِهَذَا جُعِلَ الشِّرْكُ بِالْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ كُفْرًا فَقَالَ تَعَالَى : {
وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
} . وَذَمَّ النَّصَارَى عَلَى شِرْكِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى : {
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
} . وَالْمُشْرِكُونَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ مِنْ
الْهِنْدِ
وَغَيْرِهِمْ يَحُجُّونَ إلَى آلِهَتِهِمْ كَمَا يَحُجُّونَ إلَى سمناة وَغَيْرِهِ مِنْ آلِهَتِهِمْ . وَكَذَلِكَ
النَّصَارَى
يَحُجُّونَ إلَى
قُمَامَةَ
وَبَيْتِ لَحْمٍ
وَيَحُجُّونَ إلَى الْقَوْنَة الَّتِي
بصيدنايا
وَالْقَوْنَة الصُّورَةُ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَنَائِسِهِمْ الَّتِي بِهَا الصُّوَرُ الَّتِي يُعَظِّمُونَهَا وَيَدْعُونَهَا وَيَسْتَشْفِعُونَ بِهَا . وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالسِّيَرِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ
أبرهة
مَلِكَ
الْحَبَشَةِ
الَّذِي سَاقَ الْفِيلَ إلَى
مَكَّةَ
لِيَهْدِمَهَا حِينَ اسْتَوْلَتْ
الْحَبَشَةُ
عَلَى
الْيَمَنِ
وَقَهَرُوا
الْعَرَبَ
. ثُمَّ بَعْدَ هَذَا وَفَدَ
سَيْفُ بْنُ ذِي يزن
فَاسْتَنْجَدَ
كِسْرَى
مَلِكَ
الْفُرْسِ
فَأَنْجَدَهُ بِجَيْشِ حَتَّى أَخْرَجَ
الْحَبَشَةَ
عَنْهَا - وَهُوَ مِمَّنْ بَشَّرَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَكَانَتْ آيَةُ الْفِيلِ الَّتِي أَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا حُرْمَةَ
الْكَعْبَةِ
لَمَّا أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ الطَّيْرَ الْأَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلِ أَيْ جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَالْحِجَارَةُ مِنْ سِجِّيلٍ طِينٌ قَدْ اسْتَحْجَرَ وَكَانَ عَامَ مَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَهُوَ مِنْ دَلَائِلَ نُبُوَّتِهِ وَأَعْلَامِ رِسَالَتِهِ وَدَلَائِلَ شَرِيعَتِهِ . وَالْبَيْتُ الَّذِي لَا يَحُجُّ وَلَا يُصَلِّي إلَيْهِ إلَّا هُوَ وَأُمَّتُهُ . قَالُوا : كَانَ
أبرهة
قَدْ بَنَى كَنِيسَةً
بِأَرْضِ الْيَمَنِ
وَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ حَجَّ
الْعَرَبِ
إلَيْهَا فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ
الْعَرَبِ
فَأَحْدَثَ فِي الْكَنِيسَةِ فَغَضِبَ لِذَلِك
أبرهة
وَسَافَرَ إلَى
الْكَعْبَةِ
لِيَهْدِمَهَا حَتَّى جَرَى مَا جَرَى . قَالَ تَعَالَى : {
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ
} {
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ
} {
وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ
} {
تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ
} {
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
} وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالسِّيَرِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ بَنَى كَنِيسَةً أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ حَجَّ
الْعَرَبِ
إلَيْهَا . وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا يَفْعَلُهُ فِي كَنَائِسِ
النَّصَارَى
. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ إلَى الْكَنَائِسِ عِنْدَهُمْ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّهُ يُسَمَّى حَجًّا وَيُضَاهَى بِهِ
الْبَيْتُ الْحَرَامُ
وَأَنَّ مَنْ قَصَدَ أَنْ يَجْعَلَ بُقْعَةً لِلْعِبَادَةِ فِيهَا كَمَا يُسَافِرُ إلَى
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
فَإِنَّهُ قَصَدَ مَا هُوَ عِبَادَةٌ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ . وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَحُجَّ أَحَدٌ أَوْ يُسَافِرَ إلَى غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَالْحَجُّ الْوَاجِبُ الَّذِي يُسَمَّى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَجًّا إنَّمَا هُوَ إلَى
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
خَاصَّةً . وَالسَّفَرُ إلَى بُقْعَةٍ لِلْعِبَادَةِ فِيهَا هُوَ إلَى الْمَسْجِدَيْنِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَسْفَارِ إلَى مَكَانٍ مُعَظَّمٍ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ إلَيْهِ وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ . وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ {
أَبِي سُفْيَانَ
لَمَّا اجْتَمَعَ
بِأُمَيَّةِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ
وَذَكَرَ عَنْ عَالِمٍ مِنْ عُلَمَاءِ
النَّصَارَى
أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِقُرْبِ نَبِيٍّ يُبْعَثُ مِنْ
الْعَرَبِ
قَالَ
أُمَيَّةُ
: قُلْت نَحْنُ مِنْ
الْعَرَبِ
. قَالَ : إنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يَحُجُّهُ
الْعَرَبُ
قَالَ فَقُلْت : نَحْنُ مَعْشَرَ
ثَقِيفٍ
فِينَا بَيْتٌ يَحُجُّهُ
الْعَرَبُ
قَالَ : إنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ إنَّهُ مِنْ إخْوَانِكُمْ
قُرَيْشٍ
} . كَمَا تَقَدَّمَ .
وَثَقِيفٌ
كَانَ فِيهِمْ اللَّاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى {
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى
} {
وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى
} {
أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى
} وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهَا مَكَانُ رَجُلٍ كَانَ يَلُتُّ السَّوِيقَ وَيَسْقِيهِ لِلْحُجَّاجِ فَلَمَّا مَاتَ عَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ وَصَارَ ذَلِكَ وَثَنًا عَظِيمًا يُعْبَدُ وَالسَّفَرُ إلَيْهِ كَانُوا يُسَمُّونَهُ حَجًّا كَمَا تَقَدَّمَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ إلَى الْمَشَاهِدِ حَجٌّ إلَيْهَا كَمَا يَقُولُ مَنْ يَقُولُ مِنْ الْعَامَّةِ : وَحَقُّ النَّبِيِّ الَّذِي تَحُجُّ الْمَطَايَا إلَيْهِ . قَالَ
عَبْدُ بْنُ حميد
فِي تَفْسِيرِهِ
: حَدَّثَنَا
قَبِيصَةُ
عَنْ
سُفْيَانَ
عَنْ
مَنْصُورٍ
عَنْ
مُجَاهِدٍ
: {
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى
} قَالَ : كَانَ رَجُلٌ يَلُتُّ السَّوِيقَ فَمَاتَ فَاُتُّخِذَ قَبْرُهُ مُصَلًّى . وَقَالَ : حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ داود
عَنْ
أَبِي الْأَشْهَبِ
عَنْ
أَبِي الْجَوْزَاءِ
عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ : " اللَّاتُ " رَجُلٌ يَلُتُّ السَّوِيقَ لِلْحُجَّاجِ
. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ
عَنْ
أَبِي الْجَوْزَاءِ
عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ : كَانَ يَلُتُّ السَّوِيقَ عَلَى الْحَجَرِ فَلَا يَشْرَبُ مِنْهُ أَحَدٌ إلَّا سَمِنَ فَعَبَدُوهُ
. وَرُوِيَ عَنْ
الْأَعْمَشِ
قَالَ :
كَانَ
مُجَاهِدٌ
يَقْرَأُ " اللَّاتَّ " مُثَقَّلَةً وَيَقُولُ : كَانَ رَجُلٌ يَلُتُّ السَّوِيقَ عَلَى صَخْرَةٍ فِي طَرِيقِ
الطَّائِفِ
وَيُطْعِمُهُ النَّاسَ فَمَاتَ فَقُبِرَ فَعَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ
. وَقَالَ
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ
: حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ
عَنْ
عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ
عَنْ
أَبِي الْجَوْزَاءِ
قَالَ : " اللَّاتُ " حَجَرٌ كَانَ يُلَتُّ السَّوِيقُ عَلَيْهِ فَسُمِّيَ " اللَّاتَ "
. وَقَالَ : حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى
عَنْ
إسْرَائِيلَ
عَنْ
السدي
عَنْ
أَبِي صَالِحٍ
قَالَ : " اللَّاتُ " الَّذِي كَانَ يَقُومُ عَلَى آلِهَتِهِمْ وَكَانَ يَلُتُّ لَهُمْ السَّوِيقَ " وَالْعُزَّى " نَخْلَةٌ كَانُوا يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا السُّتُورَ وَالْعِهْنَ " وَمَنَاةُ " حَجَرٌ بِقَدِيدِ
. وَقَدْ قَرَأَ طَائِفَةٌ مِنْ
السَّلَفِ
اللَّاتَّ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ . وَقِيلَ إنَّهَا اسْمٌ مَعْدُولٌ عَنْ عَنْ اسْمِ اللَّهِ . قَالَ
الخطابي
: الْمُشْرِكُونَ يَتَعَاطَوْنَ اللَّهَ اسْمًا لِبَعْضِ أَصْنَامِهِمْ فَصَرَفَهُ اللَّهُ إلَى اللَّاتِ صِيَانَةً لِهَذَا الِاسْمِ وَذَبًّا عَنْهُ . قُلْت : وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَالْقِرَاءَتَيْنِ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ يَلُتُّ السَّوِيقَ عَلَى حَجَرٍ وَعَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ وَسَمُّوهُ بِهَذَا الِاسْمِ وَخَفَّفُوهُ وَقَصَدُوا أَنْ يَقُولُوا هُوَ الْإِلَهُ كَمَا كَانُوا يُسَمُّونَ الْأَصْنَامَ آلِهَةً فَاجْتَمَعَ فِي الِاسْمِ هَذَا وَهَذَا . وَكَانَتْ " اللَّاتُ "
لِأَهْلِ
الطَّائِفِ
وَكَانُوا يُسَمُّونَهَا " الرَّبَّةَ " " وَالْعُزَّى "
لِأَهْلِ
مَكَّةَ
. وَلِهَذَا {
قَالَ
أَبُو سُفْيَانَ
يَوْمَ
أُحُدٍ
: إنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تُجِيبُوهُ ؟ فَقَالُوا : مَا نَقُولُ ؟ قَالَ قُولُوا : اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ
} الْحَدِيثُ وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَكَانَتْ مَنَاةُ
لِأَهْلِ
الْمَدِينَةِ
. فَكُلُّ مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ
أَهْلِ
الْحِجَازِ
كَانَ لَهَا طَاغُوتٌ تَحُجُّ إلَيْهِ وَتَتَّخِذُهُ شَفِيعًا وَتَعْبُدُهُ . وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ أَنَّ " الْعُزَّى " كَانَتْ
لغطفان
فَذَلِكَ لِأَنَّ
غطفان
كَانَتْ تَعْبُدُهَا وَهِيَ فِي جِهَتِهَا .
وَأَهْلُ
مَكَّةَ
يَحُجُّونَ إلَيْهَا فَإِنَّ الْعُزَّى كَانَتْ
بِبَطْنِ نَخْلَةَ
مِنْ نَاحِيَةِ
عَرَفَاتٍ
. وَمَعْلُومٌ بِالنُّقُولِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ
أَهْلَ
مَكَّةَ
كَانُوا يَعْبُدُونَ الْعُزَّى . كَمَا عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ
أَهْلَ
الطَّائِفِ
كَانَ لَهُمْ اللَّاتَ وَمَنَاةُ كَانَتْ حَذْوَ
قَدِيدٍ
كَانَ
أَهْلُ
الْمَدِينَةِ
يُهِلُّونَ لَهَا كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي
الصَّحِيحَيْنِ
عَنْ
عَائِشَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا . وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ
مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى
مِنْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ كَانَتْ أَصْنَامًا فِي جَوْفِ
الْكَعْبَةِ
مِنْ حِجَارَةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الشَّأْنِ وَإِنَّمَا كَانَ فِي
الْكَعْبَة
" هُبَلُ " الَّذِي ارْتَجَزَ لَهُ {
أَبُو سُفْيَانُ
يَوْمَ
أُحُدٍ
وَقَالَ : اُعْلُ هُبَلَ اُعْلُ هُبَلَ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تُجِيبُوهُ ؟ قَالُوا : وَمَا نَقُولُ ؟ قَالَ قُولُوا : اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ
} . كَمَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ . هَذَا وَكَانَ إساف وَنَائِلَةُ عَلَى
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
وَكَانَ حَوْلَ
الْكَعْبَةِ
ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا . وَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ الثَّلَاثَةُ مُؤَنَّثَةٌ : اللَّاتُ وَالْعُزَّى وَمَنَاةُ . وَبِكُلِّ حَالٍ فَقَدْ قَالَ
أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْت
: فِينَا بَيْتٌ يَحُجُّهُ
الْعَرَبُ
وَأَبُو سُفْيَانَ
يُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْبِقَاعَ الَّتِي يُسَافَرُ إلَيْهَا فَالسَّفَرُ إلَيْهَا حَجٌّ وَالْحَجُّ نُسُكٌ وَهُوَ حَجٌّ إلَى غَيْرِ
بَيْتِ اللَّهِ
وَنُسُكٌ لِغَيْرِ اللَّهِ كَمَا أَنَّ الدُّعَاءَ لَهَا صَلَاةٌ لِغَيْرِ اللَّهِ . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : {
قُلْ إنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
} {
قُلْ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
} {
لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
} فَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ وَنُسُكُهُ لِلَّهِ