وَسُئِلَ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُقَالَ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فُلَانٍ ؟ .
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . قَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ : هَلْ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُفْرَدًا ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : الْمَنْعُ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَاخْتِيَارُ جَدِّي أَبِي الْبَرَكَاتِ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَد وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ : كَالْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ . وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك . وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ : لَا أَعْلَمُ الصَّلَاةَ تَنْبَغِي مِنْ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ إلَّا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَهُ لَمَّا ظَهَرَتْ الشِّيعَةُ وَصَارَتْ تُظْهِرُ الصَّلَاةَ عَلَى عَلِيٍّ دُونَ غَيْرِهِ فَهَذَا مَكْرُوهٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ . وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ : فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْغُلُوِّ وَجُعِلَ ذَلِكَ شِعَارًا لِغَيْرِ الرَّسُولِ فَهَذَا نَوْعٌ مِنْ الدُّعَاءِ وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ } وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ } وَفِي حَدِيثِ قَبْضِ الرُّوحِ : { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك وَعَلَى جَسَدٍ كُنْت تُعَمِّرِينَهُ } . وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ : { اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى } وَأَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى غَيْرِهِ تَبَعًا لَهُ كَقَوْلِهِ : { اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ } وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .