تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - هَلْ يَجُوزُ الْخَوْضُ فِيمَا تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ مَسَائِلَ فِي أُصُولِ الدِّينِ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ فِيهَا كَلَامٌ أَمْ لَا ؟ فَإِنْ قِيلَ بِالْجَوَازِ : فَمَا وَجْهُهُ ؟ وَقَدْ فَهِمْنَا مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّهْيَ عَنْ الْكَلَامِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ . وَإِذَا قِيلَ بِالْجَوَازِ : فَهَلْ يَجِبُ ذَلِكَ ؟ وَهَلْ نُقِلَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا يَقْتَضِي وُجُوبَهُ ؟ وَهَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ مَا يَصِلُ إلَيْهِ الْمُجْتَهِدُ مِنْ غَلَبَةِ الظَّنِّ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْقَطْعِ ؟ وَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إلَى الْقَطْعِ فَهَلْ يُعْذَرُ فِي ذَلِكَ أَوْ يَكُونُ مُكَلَّفًا بِهِ ؟ وَهَلْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا قِيلَ بِالْوُجُوبِ : فَمَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ مِنْ الشَّارِعِ نَصٌّ يَعْصِمُ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْمَهَالِكِ - وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَرِيصًا عَلَى هَدْيِ أُمَّتِهِ ؟ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
123456
وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ هَلْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ - وَالْحَالُ هَذِهِ - فَيُقَالُ : هَذِهِ الْعِبَارَةُ وَإِنْ كَثُرَ تَنَازُعُ النَّاسِ فِيهَا نَفْيًا وَإِثْبَاتًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُحَقَّقَ فِيهَا نَوْعَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) مَا اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى جَوَازِهِ وَوُقُوعِهِ ; وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي إطْلَاقِ الْقَوْلِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يُطَاقُ . ( وَالثَّانِي ) مَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُطَاقُ ; لَكِنْ تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ الْأَمْرِ بِهِ وَلَمْ يَتَنَازَعُوا فِي عَدَمِ وُقُوعِهِ . فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرٌ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُطَاقُ وَتَنَازَعُوا فِي وُقُوعِ الْأَمْرِ بِهِ ; فَلَيْسَ كَذَلِكَ . ( فَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ ) كَتَنَازُعِ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ مُثْبِتَةِ الْقَدَرِ ونفاته فِي " اسْتِطَاعَةِ الْعَبْدِ " وَهِيَ قُدْرَتُهُ وَطَاقَتُهُ . هَلْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعَ الْفِعْلِ لَا قَبْلَهُ أَوْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْفِعْلِ أَوْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً عَلَيْهِ . ؟ فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ لَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ عَبْدٍ لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ قَدْ كُلِّفَ مَا لَا يُطِيقُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ قُدْرَةٌ إلَّا مَعَ الْفِعْلِ . وَلِهَذَا كَانَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ مُحَقِّقُو الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَهْلُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ وَغَيْرِهِمْ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَهُوَ أَنَّ " الِاسْتِطَاعَةَ " الَّتِي هِيَ مَنَاطُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَهِيَ الْمُصَحِّحَةُ لِلْفِعْلِ لَا يَجِبُ أَنْ تُقَارِنَ الْفِعْلَ . وَأَمَّا " الِاسْتِطَاعَةُ " الَّتِي يَجِبُ مَعَهَا وُجُودُ الْفِعْلِ فَهِيَ مُقَارِنَةٌ لَهُ . فَالْأُولَى كَقَوْلِهِ { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا } . وَقَوْلِ { النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ } وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَجَّ وَالصَّلَاةَ تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ سَوَاءٌ فَعَلَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ . فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الِاسْتِطَاعَةَ لَا تَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعَ الْفِعْلِ . وَالثَّانِيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ } . قَوْله تَعَالَى { وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا } { الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا } عَلَى قَوْلِ مَنْ يُفَسِّرُ الِاسْتِطَاعَةَ بِهَذِهِ وَأَمَّا عَلَى تَفْسِيرِ السَّلَفِ وَالْجُمْهُورِ فَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ مَشَقَّةُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَصُعُوبَتُهُ عَلَى نُفُوسِهِمْ فَنُفُوسُهُمْ لَا تَسْتَطِيعُ إرَادَتَهُ ; وَإِنْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى فِعْلِهِ لَوْ أَرَادُوهُ وَهَذِهِ حَالُ مَنْ صَدَّهُ هَوَاهُ وَرَأْيُهُ الْفَاسِدُ عَنْ اسْتِمَاعِ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ وَاتِّبَاعِهَا : فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ وَهَذِهِ " الِاسْتِطَاعَةُ " هِيَ الْمُقَارِنَةُ لِلْفِعْلِ الْمُوجِبَةُ لَهُ . وَأَمَّا " الْأُولَى " فَلَوْلَا وُجُودُهَا لَمْ يَثْبُتْ التَّكْلِيفُ بِقَوْلِهِ : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وقَوْله تَعَالَى { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا } وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَهَؤُلَاءِ الْمُفَرِّطُونَ وَالْمُعْتَدُونَ فِي أُصُولِ الدِّينِ إذَا لَمْ يَسْتَطِيعُوا سَمْعَ مَا أُنْزِلَ إلَى الرَّسُولِ فَهُمْ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ . وَكَذَلِكَ أَيْضًا تَنَازُعُهُمْ فِي " الْمَأْمُورِ بِهِ " الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَوْ أَخْبَرَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّ هَذَا غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ غَالِيَةَ الْقَدَرِيَّةِ يَمْنَعُونَ أَنْ يَتَقَدَّمَ عِلْمُ اللَّهِ وَخَبَرُهُ وَكِتَابُهُ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ . وَذَلِكَ لِاتِّفَاقِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى أَنَّ خِلَافَ الْمَعْلُومِ لَا يَكُونُ مُمْكِنًا وَلَا مَقْدُورًا عَلَيْهِ وَقَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ جُمْهُورُ النَّاسِ . وَقَالُوا : هَذَا مَنْقُوضٌ عَلَيْهِمْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالُوا إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَيَعْلَمُهُ مُمْكِنًا مَقْدُورًا لِلْعَبْدِ ; غَيْرَ وَاقِعٍ وَلَا كَائِنٍ : لِعَدَمِ إرَادَةِ الْعَبْدِ لَهُ أَوْ لِبُغْضِهِ إيَّاهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا لِعَجْزِهِ عَنْهُ وَهَذَا النِّزَاعُ يَزُولُ بِتَنْوِيعِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورِ الْقُدْرَةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ مَقْدُورَ " الْقُدْرَةِ الْمُصَحِّحَةِ لِلْفِعْلِ " الَّتِي هِيَ مَنَاطُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ . ( وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي فَكَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الْفِعْلِ لَا يُطِيقُهُ كَمَا لَا يُطِيقُ الْأَعْمَى وَالْأَقْطَعُ وَالزَّمِنُ نُقَطَ الْمُصْحَفِ وَكِتَابَتَهُ وَالطَّيَرَانَ فَمِثْلُ هَذَا النَّوْعِ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ فِي الشَّرِيعَةِ . وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ الْأَمْرِ بِهِ عَقْلًا حَتَّى نَازَعَ بَعْضُهُمْ فِي " الْمُمْتَنِعِ لِذَاتِهِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَالنَّقِيضَيْنِ هَلْ يَجُوزُ الْأَمْرُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرِيعَةِ ؟ وَمَنْ غَلَا فَزَعَمَ وُقُوعَ هَذَا الضَّرْبِ فِي الشَّرِيعَةِ - كَمَنْ يَزْعُمُ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ كُلِّفَ بِأَنْ يُؤْمِنَ بِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ - فَهُوَ مُبْطِلٌ فِي ذَلِكَ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ . بَلْ إذَا قُدِّرَ أَنَّهُ أُخْبِرَ بِصِلِيِّهِ النَّارَ - الْمُسْتَلْزِمِ لِمَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ - وَأَنَّهُ أُسْمِعَ هَذَا الْخِطَابَ : فَفِي هَذَا الْحَالِ انْقَطَعَ تَكْلِيفُهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْإِيمَانُ حِينَئِذٍ كَإِيمَانِ مَنْ يُؤْمِنُ بَعْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ قَالَ تَعَالَى : { فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا } وَقَالَ تَعَالَى : { آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } . وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ النِّزَاعَ فِي هَذَا الْأَصْلِ يَتَنَوَّعُ تَارَةً إلَى الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَتَارَةً إلَى جَوَازِ الْأَمْرِ . وَمِنْ هُنَا شَبَّهَ مَنْ شَبَّهَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى النَّاسِ حَيْثُ جَعَلَ الْقِسْمَيْنِ قِسْمًا وَاحِدًا وَادَّعَى تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ مُطْلَقًا : لِوُقُوعِ بَعْضِ الْأَقْسَامِ الَّتِي لَا يَجْعَلُهَا عَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَابِ مَا لَا يُطَاقُ . وَالنِّزَاعُ فِيهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ; وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ . ثُمَّ إنَّهُ جَعَلَ جَوَازَ هَذَا الْقِسْمِ مُسْتَلْزِمًا لِجَوَازِ الْقِسْمِ الَّذِي اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَقَاسَ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ بِالْآخَرِ . وَذَلِكَ مِنْ " الْأَقْيِسَةِ " الَّتِي اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ ; بَلْ وَسَائِرُ أَهْلِ الْمِلَلِ ; بَلْ وَسَائِرُ الْعُقَلَاءِ عَلَى بُطْلَانِهَا - فَإِنَّ مَنْ قَاسَ الصَّحِيحَ الْمَأْمُورَ بِالْأَفْعَالِ - كَقَوْلِهِ إنَّ الْقُدْرَةَ مَعَ الْفِعْلِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ - عَلَى الْعَاجِزِ الَّذِي لَوْ أَرَادَ الْفِعْلَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ مَا يَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بِالِاضْطِرَارِ عَقْلًا وَدِينًا وَذَلِكَ مِنْ مثارات الْأَهْوَاءِ بَيْنَ الْقَدَرِيَّةِ وَإِخْوَانِهِمْ الْجَبْرِيَّةِ وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَإِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِتَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ مِنْ الْبِدَعِ الْحَادِثَةِ فِي الْإِسْلَامِ . كَإِطْلَاقِ الْقَوْلِ : بِأَنَّ النَّاسَ مَجْبُورُونَ عَلَى أَفْعَالِهِمْ وَقَدْ اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى إنْكَارِ ذَلِكَ وَذَمِّ مَنْ يُطْلِقُهُ ; وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى " الْقَدَرِيَّةِ " الَّذِينَ لَا يُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَلَا بِأَنَّهُ شَاءَ الْكَائِنَاتِ . وَقَالُوا هَذَا رَدُّ بِدْعَةٍ بِبِدْعَةِ وَقَابَلَ الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ وَالْبَاطِلَ بِالْبَاطِلِ ; وَلَوْلَا أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَحْتَمِلُ الْبَسْطَ لَذَكَرْت مِنْ نُصُوصِ أَقْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ مَا يُبَيِّنُ رَدَّهُمْ لِذَلِكَ . وَأَمَّا إذَا فَصَلَ مَقْصُودَ الْقَائِلِ وَبَيَّنَ بِالْعِبَارَةِ الَّتِي لَا يَشْتَبِهُ فِيهَا الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ : مَا هُوَ الْحَقُّ وَمَيَّزَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ : كَانَ هَذَا مِنْ الْفُرْقَانِ وَخَرَجَ الْمُبَيَّنُ حِينَئِذٍ مِمَّا ذَمَّ بِهِ أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَتْهُمْ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مُخَالِفُونَ لِكِتَابِ اللَّهِ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَرْكِ كِتَابِ اللَّهِ وَأَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ الْكَلَامِ وَيُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَخْدَعُونَ جُهَّالَ النَّاسِ بِمَا يُشَبِّهُونَ عَلَيْهِمْ وَلِهَذَا كَانَ يَدْخُلُ عِنْدَهُمْ الْمُجْبِرَةُ فِي مُسَمَّى الْقَدَرِيَّةِ الْمَذْمُومِينَ لِخَوْضِهِمْ فِي الْقَدَرِ بِالْبَاطِلِ إذْ هَذَا جِمَاعُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَمَّتْ بِهِ الْقَدَرِيَّةُ وَلِهَذَا تَرْجَمَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ فِي " كِتَابِ السُّنَّةِ " فَقَالَ : ( الرَّدُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَقَوْلُهُمْ إنَّ اللَّهَ أَجْبَرَ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ : سَأَلْت الزُّبَيْدِيَّ والأوزاعي عَنْ الْجَبْرِ ; فَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ : أَمْرُ اللَّهِ أَعْظَمُ وَقُدْرَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَجْبُرَ أَوْ يَعْضُلَ وَلَكِنْ يَقْضِي وَيُقَدِّرُ وَيَخْلُقُ وَيَجْبِلُ عَبْدَهُ عَلَى مَا أَحَبَّ . وَقَالَ الأوزاعي : مَا أَعْرِفُ لِلْجَبْرِ أَصْلًا فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ ; فَأَهَابُ أَنْ أَقُولَ ذَلِكَ ; وَلَكِنَّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ وَالْخَلْقَ وَالْجَبْلَ فَهَذَا يُعْرَفُ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ; وَإِنَّمَا وَضَعْت هَذَا مَخَافَةَ أَنْ يَرْتَابَ رَجُلٌ تَابِعِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ وَالتَّصْدِيقِ . فَهَذَانِ الْجَوَابَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا هَذَانِ الْإِمَامَانِ فِي عَصْرِ تَابِعِي التَّابِعِينَ مِنْ أَحْسَنِ الْأَجْوِبَةِ . أَمَّا " الزُّبَيْدِيُّ فَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ صَاحِبُ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ : أَمْرُ اللَّهِ أَعْظَمُ وَقُدْرَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَجْبُرَ أَوْ يَعْضُلَ فَنَفَى الْجَبْرَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَبْرَ الْمَعْرُوفَ فِي اللُّغَةِ هُوَ إلْزَامُ الْإِنْسَانِ بِخِلَافِ رِضَاهُ كَمَا تَقُولُ الْفُقَهَاءُ فِي " بَابِ النِّكَاحِ " هَلْ تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى النِّكَاحِ أَوْ لَا تُجْبَرُ ؟ وَإِذَا عَضَلَهَا الْوَلِيُّ مَاذَا تَصْنَعُ ؟ فَيَعْنُونَ بِجَبْرِهَا إنْكَاحَهَا بِدُونِ رِضَاهَا وَاخْتِيَارِهَا وَيَعْنُونَ بِعَضْلِهَا مَنْعَهَا مِمَّا تَرْضَاهُ وَتَخْتَارُهُ . فَقَالَ : اللَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَجْبُرَ أَوْ يَعْضُلَ ; لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ مُحِبًّا رَاضِيًا لِمَا يَفْعَلُهُ وَمُبْغِضًا وَكَارِهًا لِمَا يَتْرُكُهُ . كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ مَجْبُورًا عَلَى مَا يَخْتَارُهُ وَيَرْضَاهُ وَيُرِيدُهُ وَهِيَ : " أَفْعَالُهُ الِاخْتِيَارِيَّةُ " وَلَا يَكُونُ مَعْضُولًا عَمَّا يَتْرُكُهُ فَيُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ وَلَا يُرِيدُهُ وَهِيَ " تَرْكُهُ الِاخْتِيَارِيَّةَ " . وَأَمَّا " الأوزاعي فَإِنَّهُ مَنَعَ مِنْ إطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ وَإِنْ عَنَا بِهِ هَذَا الْمَعْنَى حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ : فَيُفْضِي إلَى إطْلَاقِ لَفْظٍ مُبْتَدَعٍ ظَاهِرٍ فِي إرَادَةِ الْبَاطِلِ , وَذَلِكَ لَا يَسُوغُ . وَإِنْ قِيلَ : إنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى صَحِيحٌ . قَالَ الْخَلَّالُ : أَنْبَأَنَا المروذي قَالَ سَمِعْت بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ يَقُولُ : سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ : أَنْكَرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الْجَبْرَ وَقَالَ : اللَّهُ تَعَالَى جَبَلَ الْعِبَادَ . قَالَ المروذي : أَظُنُّهُ أَرَادَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ - يَعْنِي قَوْلَهُ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ - { إنَّ فِيك لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ . فَقَالَ : أَخُلُقَيْنِ تَخَلَّقْت بِهِمَا أَمْ خُلُقَيْنِ جُبِلْت عَلَيْهِمَا . فَقَالَ : بَلْ خُلُقَيْنِ جُبِلْت عَلَيْهِمَا فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ تَعَالَى } . وَلِهَذَا احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى خَلْقِ الْأَفْعَالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { إنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا } { إذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا } { وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا } فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ . وَجَوَابُ الأوزاعي أَقْوَمُ مِنْ جَوَابِ الزُّبَيْدِيِّ ; لِأَنَّ الزُّبَيْدِيَّ نَفَى الْجَبْرَ والأوزاعي مَنَعَ إطْلَاقَهُ إذْ هَذَا اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ مَعْنًى صَحِيحًا فَنَفْيُهُ قَدْ يَقْتَضِي نَفْيَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ كَمَا ذَكَرَ الْخَلَّالُ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ " فَقَالَ : ثِنَا مُحَمَّدُ بْنُ بكار ثِنَا أَبُو مَعْشَرٍ حَدَّثَنَا يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا سُمِّيَ الْجَبَّارَ لِأَنَّهُ يَجْبُرُ الْخَلْقَ عَلَى مَا أَرَادَ . فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ إطْلَاقِ اللَّفْظِ الْمُجْمَلِ الْمُحْتَمَلِ الْمُشْتَبَهِ زَالَ الْمَحْذُورُ وَكَانَ أَحْسَنَ مِنْ نَفْيِهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الْمُحْتَمَلِ الْمَعْنَى الْفَاسِدُ خَشْيَةَ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَنْفِي الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا . وَهَكَذَا يُقَالُ فِي نَفْيِ الطَّاقَةِ عَلَى الْمَأْمُورِ : فَإِنَّ إثْبَاتَ الْجَبْرِ فِي الْمَحْظُورِ نَظِيرُ سَلْبِ الطَّاقَةِ فِي الْمَأْمُورِ . وَهَكَذَا كَانَ يَقُولُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ : قَالَ الْخَلَّالُ : أَنْبَأَنَا الميموني قَالَ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - يُنَاظِرُ خَالِدَ بْنَ خِدَاشٍ يَعْنِي فِي الْقَدَرِ - فَذَكَرُوا رَجُلًا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : إنَّمَا أَكْرَهُ مِنْ هَذَا أَنْ يَقُولَ أَجْبَرَ اللَّهُ . وَقَالَ أَنْبَأَنَا المروذي قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ يَقُولُ إنَّ اللَّهَ أَجْبَرَ الْعِبَادَ : فَقَالَ هَكَذَا لَا تَقُلْ . وَأَنْكَرَ هَذَا وَقَالَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ . وَقَالَ أَنْبَأَنَا المروذي قَالَ كُتِبَ إلَى عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي أَمْرِ حَسَنِ بْنِ خَلَفٍ العكبري وَقَالَ إنَّهُ تَنَزَّهَ عَنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ ; فَقَالَ رَجُلٌ قَدَرِيٌّ : إنَّ اللَّهَ لَمْ يُجْبِرْ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي فَرَدَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ رَجَاءٍ فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ جَبَرَ الْعِبَادَ عَلَى مَا أَرَادَ أَرَادَ بِذَلِكَ إثْبَاتَ الْقَدَرِ فَوَضَعَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ كِتَابًا : يَحْتَجُّ فِيهِ فَأَدْخَلْته عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَأَخْبَرْته بِالْقِصَّةِ فَقَالَ : وَيَضَعُ كِتَابًا وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا : عَلَيَّ ابْنُ رَجَاءٍ حِينَ قَالَ جَبَرَ الْعِبَادَ وَعَلَى الْقَدَرِيِّ الَّذِي قَالَ : لَمْ يُجْبِرْ وَأَنْكَرَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ فِي وَضْعِهِ الْكِتَابَ وَاحْتِجَاجِهِ وَأَمَرَ بِهِجْرَانِهِ لِوَضْعِهِ الْكِتَابَ وَقَالَ لِي : يَجِبُ عَلَى ابْنِ رَجَاءٍ أَنْ يَسْتَغْفِرَ رَبَّهُ لَمَّا قَالَ " جَبَرَ الْعِبَادَ " . فَقُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَمَا الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؟ قَالَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ . قَالَ المروذي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؟ إنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَى الَّذِي قَالَ : " لَمْ يُجْبِرْ " وَعَلَى مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ جَبَرَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : كُلَّمَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً اتسعوا فِي جَوَابِهَا وَقَالَ : يَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِمْ بِمُحَدِّثِهِ وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ رَدَّ بِشَيْءِ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ ; إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا إمَامٌ مُقَدَّمٌ . قَالَ المروذي فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ قَدِمَ أَحْمَدَ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ عكبر وَمَعَهُ مَشْيَخَةٌ وَكِتَابٌ مِنْ أَهْلِ عكبر فَأَدْخَلْت أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ . فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ذَا الْكِتَابُ ادْفَعْهُ إلَى أَبِي بَكْرٍ حَتَّى يُقَطِّعَهُ وَأَنَا أَقُومُ عَلَى مِنْبَرِ عكبر وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - فَقَالَ : أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِي : يَنْبَغِي أَنْ تَقْبَلُوا مِنْهُ فَرَجَعُوا إلَيْهِ وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَتَكَلَّمْنَا عَلَى الْأَصْلِ الْفَاسِدِ الَّذِي ظَنَّهُ الْمُتَفَرِّقُونَ مِنْ أَنَّ إثْبَاتَ الْمَعْنَى الْحَقِّ الَّذِي يُسَمُّونَهُ جَبْرًا يُنَافِي الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ . حَتَّى جَعَلَهُ الْقَدَرِيَّةُ مُنَافِيًا لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُطْلَقًا . وَجَعَلَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْجَبْرِيَّةِ مُنَافِيًا لِحُسْنِ الْفِعْلِ وَقُبْحِهِ وَجَعَلُوا ذَلِكَ مِمَّا اعْتَمَدُوهُ فِي نَفْيِ حُسْنِ الْفِعْلِ وَقُبْحِهِ الْقَائِمِ بِهِ الْمَعْلُومِ بِالْعَقْلِ ; وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ . إلَّا كَمَا يُنَافِيهِ بِمَعْنَى كَوْنِ الْفِعْلِ مُلَائِمًا لِلْفَاعِلِ وَنَافِعًا لَهُ ; وَكَوْنِهِ مُنَافِيًا لِلْفَاعِلِ وَضَارًّا لَهُ .