سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تيمية - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : مَا الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ اعْتِقَادُهُ ؟ وَمَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ عِلْمُهُ ؟ وَمَا هُوَ الْعِلْمُ الْمُرَغَّبُ فِيهِ ؟ وَمَا هُوَ الْيَقِينُ ؟ وَكَيْفَ يَحْصُلُ ؟ وَمَا الْعِلْمُ بِاَللَّهِ ؟
وَأَمَّا قَوْلُهُ : مَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ عِلْمُهُ ؟ فَهَذَا أَيْضًا يَتَنَوَّعُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْلَمَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَيَعْلَمَ مَا أَمَرَ بِالْإِيمَانِ بِهِ ؟ وَمَا أَمَرَ بِعِلْمِهِ ; بِحَيْثُ لَوْ كَانَ لَهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ عِلْمِ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَا يَحُجُّ بِهِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ عِلْمِ الْحَجِّ وَكَذَلِكَ أَمْثَالُ ذَلِكَ . وَيَجِبُ عَلَى عُمُومِ الْأُمَّةِ عِلْمُ جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ بِحَيْثُ لَا يَضِيعُ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي بَلَّغَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ شَيْءٌ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لَكِنَّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُعَيَّنُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ : إذَا قَامَتْ بِهِ طَائِفَةٌ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ . وَأَمَّا " الْعِلْمُ الْمُرَغَّبُ فِيهِ جُمْلَةً " فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ لَكِنْ يُرَغَّبُ كُلُّ شَخْصٍ فِي الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ إلَيْهِ أَحْوَجُ ; وَهُوَ لَهُ أَنْفَعُ وَهَذَا يَتَنَوَّعُ ; فَرَغْبَةُ عُمُومِ النَّاسِ فِي مَعْرِفَةِ الْوَاجِبَاتِ والمستحبات مِنْ الْأَعْمَالِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ أَنْفَعُ لَهُمْ . وَكُلُّ شَخْصٍ مِنْهُمْ يَرْغَبُ فِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ وَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ شُبْهَةٌ فَقَدْ تَكُونُ رَغْبَتُهُ فِي عَمَلٍ يُنَافِيهَا أَنْفَعَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ .