مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 فَصْلٌ   وَسُجُودُ الْقُرْآنِ لَا يُشْرَعُ  فِيهِ تَحْرِيمٌ وَلَا تَحْلِيلٌ  :  هَذَا هُوَ السُّنَّةُ الْمَعْرُوفَةُ عَنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ   السَّلَفِ  وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ .  وَعَلَى  هَذَا فَلَيْسَتْ صَلَاةً  فَلَا تُشْتَرَطُ  لَهَا شُرُوطُ الصَّلَاةِ بَلْ تَجُوزُ  عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ .  كَمَا  كَانَ  ابْنُ عُمَرَ  يَسْجُدُ  عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ  ; لَكِنْ هِيَ بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخِلَّ  بِذَلِكَ إلَّا لِعُذْرِ .  فَالسُّجُودُ  بِلَا طَهَارَةٍ   خَيْرٌ  مِنْ الْإِخْلَالِ  بِهِ ; لَكِنْ قَدْ  يُقَالُ : إنَّهُ لَا يَجِبُ  فِي هَذِهِ الْحَالِ  كَمَا لَا يَجِبُ  عَلَى السَّامِعِ وَلَا  عَلَى مَنْ لَمْ يَسْجُدْ قَارِئُهُ  وَإِنْ  كَانَ  ذَلِكَ السُّجُودُ جَائِزًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ . وَكَمَا يَجِبُ  عَلَى  الْمُؤْتَمِّ  فِي الصَّلَاةِ تَبَعًا لِإِمَامِهِ  بِالِاتِّفَاقِ  وَإِنْ  قَالُوا . لَا يَجِبُ  فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ وَقَدْ  حَمَلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ  زَيْدٍ  عَلَى  أَنَّ  النَّبِيَّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا  وَكَمَا لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ  عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ  وَإِنْ  جَازَ لَهُ فِعْلُهَا لَا سِيَّمَا وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا يُجَوِّزُونَ فِعْلَهَا إلَّا مَعَ الطَّهَارَةِ  وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ  أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا لِلْحَدِيثِ . وَالْمَرْوِيُّ  فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  تَكْبِيرَةٌ  وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ  مِنْ عِبَادَةٍ إلَى عِبَادَةٍ .  وَعَلَى  هَذَا تَرْجَمَ  الْبُخَارِيُّ  فَقَالَ : ( بَابُ سَجْدَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكُ نَجِسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ .  قَالَ :  وَكَانَ  ابْنُ عُمَرَ  يَسْجُدُ  عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ  وَذَكَرَ   {   سُجُودَ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  بِالنَّجْمِ  لَمَّا  سَجَدَ  وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ   }  .  وَهَذَا الْحَدِيثُ  فِي   الصَّحِيحَيْنِ  مِنْ وَجْهَيْنِ :  مِنْ حَدِيثِ  ابْنِ مَسْعُودٍ  وَحَدِيثِ  ابْنِ عَبَّاسٍ  .  وَهَذَا فَعَلُوهُ تَبَعًا لِلنَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَرَأَ قَوْلَهُ :   {   فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا  .   }  وَمَعْلُومٌ  أَنَّ جِنْسَ الْعِبَادَةِ لَا تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ بَلْ إنَّمَا تُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ .  فَكَذَلِكَ جِنْسُ السُّجُودِ يُشْتَرَطُ لِبَعْضِهِ وَهُوَ السُّجُودُ الَّذِي لِلَّهِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ وَسَجْدَتَيْ السَّهْوِ  بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَسُجُودِ الشُّكْرِ وَسُجُودِ الْآيَاتِ . وَمِمَّا يَدُلُّ  عَلَى  ذَلِكَ :  أَنَّ اللَّهَ  أَخْبَرَ عَنْ سُجُودِ السَّحَرَةِ  لَمَّا آمَنُوا  بِمُوسَى  عَلَى وَجْهِ الرِّضَا  بِذَلِكَ السُّجُودِ  وَلَا رَيْبَ  أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُتَوَضِّئِينَ وَلَا يَعْرِفُونَ الْوُضُوءَ . فَعُلِمَ  أَنَّ السُّجُودَ الْمُجَرَّدَ لِلَّهِ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ  وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ مُتَوَضِّئًا  وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ شَرْعُنَا بِخِلَافِهِ  وَهَذَا سُجُودُ  إيمَانٍ وَنَظِيرُهُ   {   الَّذِينَ أَسْلَمُوا فَاعْتَصَمُوا بِالسُّجُودِ وَلَمْ يَقْبَلْ  ذَلِكَ مِنْهُمْ  خَالِدٌ  فَقَتَلَهُمْ  فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  عَلِيًّا  فَوَدَاهُمْ بِنِصْفِ دِيَةٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ  ذَلِكَ السُّجُودَ   }  وَلَمْ يَكُونُوا بَعْدُ قَدْ أَسْلَمُوا وَلَا عَرَفُوا الْوُضُوءَ بَلْ سَجَدُوا لِلَّهِ سُجُودَ الْإِسْلَامِ  كَمَا  سَجَدَ السَّحَرَةُ .  وَمِمَّا يَدُلُّ  عَلَى  ذَلِكَ  أَنَّ اللَّهَ  أَمَرَ   بَنِي إسْرَائِيلَ  أَنْ يَدْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَيَقُولُوا : حِطَّةٌ . وَمَعْلُومٌ  أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِوُضُوءِ وَلَا  كَانَ الْوُضُوءُ مَشْرُوعًا  لَهُمْ ; بَلْ هُوَ  مِنْ خَصَائِصِ أُمَّةِ   مُحَمَّدٍ  وَسَوَاءٌ  أُرِيدَ السُّجُودُ بِالْأَرْضِ أَوْ الرُّكُوعُ . فَإِنَّهُ إنْ  أُرِيدَ الرُّكُوعُ فَهُوَ عِبَادَةٌ مُفْرَدَةٌ : يَتَضَمَّنُ الْخُضُوعَ لِلَّهِ وَهُوَ  مِنْ جِنْسِ السُّجُودِ .  لَكِنَّ شَرْعَنَا شُرِعَ  فِيهِ سُجُودٌ مُفْرَدٌ  وَأَمَّا رُكُوعٌ مُفْرَدٌ  فَفِيهِ نِزَاعٌ جَوَّزَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بَدَلًا عَنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ .  وَأَيْضًا فَقَدْ  أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ  الْأَنْبِيَاءِ بِالسُّجُودِ الْمُجَرَّدِ  فِي مِثْلِ قَوْلِهِ : {   أُولَئِكَ الَّذِينَ  أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ  مِنْ ذُرِّيَّةِ  آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ  وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا   }  وَلَمْ يَكُونُوا مَأْمُورِينَ بِالْوُضُوءِ  فَإِنَّ الْوُضُوءَ  مِنْ خَصَائِصِ أُمَّةِ   مُحَمَّدٍ  كَمَا جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ   {  أَنَّهُمْ  يُبْعَثُونَ يَوْمَ  الْقِيَامَة غُرًّا مُحَجَّلِينَ  مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ  وَأَنَّ الرَّسُولَ يَعْرِفُهُمْ بِهَذِهِ السِّيمَاءِ   }  فَدَلَّ  عَلَى  أَنَّهُ لَا يَشْرَكُهُمْ  فِيهَا غَيْرُهُمْ . وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ  ابْن  ماجه  وَغَيْرُهُ  أَنَّهُ  تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا ثَلَاثًا  وَقَالَ : {  هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ  الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي   }  . حَدِيثٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِهِ وَلَيْسَ عِنْدَ   أَهْلِ الْكِتَابِ  خَبَرٌ عَنْ أَحَدٍ  مِنْ  الْأَنْبِيَاءِ  أَنَّهُ  كَانَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الِاغْتِسَالِ  مِنْ الْجَنَابَةِ فَإِنَّهُ  كَانَ مَشْرُوعًا ; وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ  لَهُمْ تَيَمُّمٌ إذَا عَدِمُوا الْمَاءَ وَهَذِهِ الْأُمَّةُ مِمَّا فُضِّلَتْ  بِهِ التَّيَمُّمُ مَعَ الْجَنَابَةِ وَالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ . وَالْوُضُوءِ . فَإِنْ  قِيلَ : أُولَئِكَ  الْأَنْبِيَاءُ إنَّمَا سَجَدُوا  عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ;  لِأَنَّ الصَّلَاةَ  كَانَتْ تَجُوزُ  لَهُمْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ  .  قِيلَ : لَمْ يَقُصَّ اللَّهُ  عَلَيْنَا  فِي الْقُرْآنِ  أَنَّ  أَحَدًا مِنْهُمْ  صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ  وَنَحْنُ إنَّمَا  نَتَّبِعُ  مِنْ شَرْعِ  الْأَنْبِيَاءِ مَا  قَصَّهُ اللَّهُ  عَلَيْنَا  وَمَا  أَخْبَرَنَا  بِهِ نَبِيُّنَا   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ  قَصَّ  ذَلِكَ  عَلَيْنَا لِنَعْتَبِرَ  بِهِ .  وَقَالَ : {   أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ   }  وَكَذَلِكَ ذُكِرَ عَنْ الَّذِينَ  أُوتُوا الْعِلْمَ  مِنْ قَبْلِهِ :  أَنَّهُمْ {   إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا   }   {   وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ  رَبِّنَا إنْ  كَانَ وَعْدُ  رَبِّنَا لَمَفْعُولًا   }   {   وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا   }  وَقَدْ  أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّهَارَةَ لِلصَّلَاةِ  كَمَا  أَمَرَ  بِذَلِكَ  فِي الْقُرْآنِ  وَكَمَا  ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ :   {   لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا  أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ   }  أَخْرَجَاهُ  فِي   الصَّحِيحَيْنِ  .  وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ  قَالَ :   {   لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ وَلَا صَدَقَةً  مِنْ غُلُولٍ   }  وَقَدْ  أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ  عَلَى وُجُوبِ   الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ   . يَبْقَى الْكَلَامُ  فِي مُسَمَّى " الصَّلَاةِ "  فَإِنَّ الَّذِينَ أَوْجَبُوا  الطَّهَارَةَ لِلسُّجُودِ الْمُجَرَّدِ   اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ .  فَقَالُوا : يُسَلِّمُ مِنْهُ  وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُكَبِّرُ تَكْبِيرَتَيْنِ : تَكْبِيرَةٌ لِلِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَةٌ لِلسُّجُودِ  وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَتَشَهَّدُ  فِيهِ وَلَيْسَ مَعَهُمْ لِشَيْءِ  مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَثَرٌ لَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَلَا عَنْ أَحَدٍ  مِنْ   الصَّحَابَةِ  ; بَلْ هُوَ مِمَّا  قَالُوهُ بِرَأْيِهِمْ  لَمَّا ظَنُّوهُ صَلَاةً . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا تَكُونُ الصَّلَاةُ إلَّا رَكْعَتَيْنِ وَمَا دُونُ  ذَلِكَ لَا يَكُونُ صَلَاةً إلَّا رَكْعَةَ الْوِتْرِ . وَاحْتَجَّ بِمَا  فِي السُّنَنِ عَنْ  ابْنِ عُمَرَ  أَنَّ النَّبِيَّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ :   {   صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى   }  وَهَذَا الْقَوْلُ  قَالَهُ  ابْنُ حَزْمٍ  . وَلَمْ يَشْتَرِطْ الطَّهَارَةَ لِمَا  دُونَ  ذَلِكَ لَا لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا لِغَيْرِهَا .  وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ .  فَإِنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ . وَالْحَدِيثُ الَّذِي  فِي الصِّحَاحِ الَّذِي رَوَاهُ الثقاة قَوْلُهُ : {   صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى   }  وَأَمَّا قَوْلُهُ : وَ " النَّهَارِ "  فَزِيَادَةٌ انْفَرَدَ بِهَا  البارقي  وَقَدْ ضَعَّفَهَا  أَحْمَد  وَغَيْرُهُ وَالْمَرْجِعُ  فِي مُسَمَّى الصَّلَاةِ إلَى الرَّسُولِ .  وَفِي السُّنَنِ حَدِيثُ  عَلِيٍّ  عَنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {   مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ   }  .  وَهَذَا مَحْفُوظٌ عَنْ  ابْنِ مَسْعُودٍ  مِنْ قَوْلِهِ :  فَهَذَا يُبَيِّنُ  أَنَّ " الصَّلَاةَ " الَّتِي مِفْتَاحُهَا الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ .  وَهَذَا يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا تَحْرِيمُهُ التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهُ التَّسْلِيمُ : كَالصَّلَاةِ الَّتِي  فِيهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ  سَوَاءٌ  كانت مَثْنَى أَوْ  وَاحِدَةً أَوْ  كَانَتْ ثَلَاثًا مُتَّصِلَةً أَوْ  أَكْثَرَ  مِنْ  ذَلِكَ . وَهُوَ يَتَنَاوَلُ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ  فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلَهَا التَّسْلِيمُ .   وَالصَّحَابَةُ  أُمِرُوا بِالطِّهَارَةِ لِمَا فَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَهُوَ الَّذِي  ذَكَرَهُ  الْبُخَارِيُّ  فِي صَحِيحِهِ  .  فَقَالَ  فِي ( بَابِ سُنَّةِ الصَّلَاةِ  عَلَى الْجِنَازَةِ  وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {   مَنْ  صَلَّى  عَلَى الْجِنَازَةِ   }  وَقَالَ :   {  صَلُّوا  عَلَى صَاحِبِكُمْ   }  وَقَالَ :   {  صَلُّوا  عَلَى  النَّجَاشِيِّ   }  سَمَّاهَا صَلَاةً وَلَيْسَ  فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ وَلَا يَتَكَلَّمُ  فِيهَا  وَفِيهَا تَكْبِيرٌ وَتَسْلِيمٌ  وَكَانَ  ابْنُ عُمَرَ  لَا  يُصَلِّي إلَّا طَاهِرًا وَلَا  يُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ  .  وَقَالَ تَعَالَى :   {   وَلَا  تُصَلِّ  عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ  أَبَدًا وَلَا تَقُمْ  عَلَى قَبْرِهِ   }  وَفِيهَا صُفُوفٌ وَإِمَامٌ . وَهَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي  ذَكَرَهَا كُلَّهَا مُنْتَفِيَةٌ  فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَسُجُودِ الْآيَاتِ .  فَإِنَّ النَّبِيَّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُسَمِّ  ذَلِكَ صَلَاةً وَلَمْ يُشْرَعْ  لَهَا الِاصْطِفَافُ وَتَقَدُّمُ الْإِمَامِ  كَمَا يُشْرَعُ  فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ  وَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ . وَلَا  سَنَّ  فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  سَلَامًا لَمْ يُرْوَ  ذَلِكَ عَنْهُ لَا بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ وَلَا  جَعَلَ  لَهَا تَكْبِيرَ افْتِتَاحٍ وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْهُ  أَنَّهُ كَبَّرَ  فِيهَا إمَّا لِلرَّفْعِ وَإِمَّا لِلْخَفْضِ . وَالْحَدِيثُ  فِي السُّنَنِ .  وَابْنُ عَبَّاسٍ  جَوَّزَ   التَّيَمُّمَ لِلْجِنَازَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ  وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ  مِنْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ  أَبِي حَنِيفَةَ  وَأَحْمَد  فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ  فَدَلَّ  عَلَى  أَنَّ الطَّهَارَةَ تُشْتَرَطُ  لَهَا عِنْدَهُ  وَكَذَلِكَ هَذِهِ الصِّفَاتُ مُنْتَفِيَةٌ  فِي الطَّوَافِ فَلَيْسَ  فِيهِ تَسْلِيمٌ وَالْكَلَامُ جَائِزٌ  فِيهِ وَلَيْسَ  فِيهِ اصْطِفَافٌ وَإِمَامٌ وَقَدْ  قَرَنَ اللَّهُ  فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ بَيْنَ  الطَّائِفِ  وَالْمُصَلِّي وَلَمْ يَرِدْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  أَمَرَ بِالطَّهَارَةِ لِلطَّوَافِ  لَكِنَّهُ  كَانَ يَطُوفُ مُتَطَهِّرًا هُوَ   وَالصَّحَابَةُ  وَكَانُوا  يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَلَا  يُصَلِّي إلَّا مُتَطَهِّرًا وَالنَّهْيُ إنَّمَا جَاءَ  فِي طَوَافِ  الْحَائِضِ  فَقَالَ : {  الْحَائِضُ تَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ   }  وَقَدْ  قِيلَ إنَّ  ذَلِكَ  لِأَجْلِ الْمَسْجِدِ  وَقِيلَ :  لِأَجْلِ الطَّوَافِ  وَقِيلَ :  لَهُمَا .  وَاَللَّهُ تَعَالَى  قَالَ   لِإِبْرَاهِيمَ   عَلَيْهِ السَّلَامُ   {   وَطَهِّرْ بَيْتِيَ  لِلطَّائِفِينَ   }  فَاقْتَضَى  ذَلِكَ تَطْهِيرَهُ  مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَغَيْرِهِ .  وَأَيْضًا   فَإِبْرَاهِيمُ  وَالنَّبِيُّونَ بَعْدَهُ  كَانُوا يَطُوفُونَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ  كَمَا  كَانُوا  يُصَلُّونَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَشَرْعُهُمْ شَرْعُنَا إلَّا فِيمَا نُسِخَ  فَالصَّلَاةُ قَدْ أُمِرْنَا بِالْوُضُوءِ  لَهَا وَلَمْ يُفْرَضُ  عَلَيْنَا الْوُضُوءُ لِغَيْرِهَا  كَمَا جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَحَيْثُ مَا أَدْرَكَتْ الْمُسْلِمَ الصَّلَاةُ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ  وَإِنْ  كَانَ جُنُبًا تَيَمَّمَ  وَصَلَّى وَمَنْ قَبْلَنَا لَمْ يَكُنْ  لَهُمْ  ذَلِكَ بَلْ  كَانُوا مَمْنُوعِينَ  مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَنَابَةِ حَتَّى يَغْتَسِلُوا  كَمَا  يُمْنَعُ الْجُنُبُ  مِنْ اللُّبْثِ  فِي الْمَسْجِدِ  وَمِنْ  قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ  . وَيَجُوزُ   لِلْمُحْدِثِ اللُّبْثُ  فِي الْمَسْجِدِ مُعْتَكِفًا وَغَيْرِ مُعْتَكِفٍ  . وَيَجُوزُ لَهُ  قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْمَرْوِيُّ  فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  تَكْبِيرَةٌ  وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ  مِنْ عِبَادَةٍ إلَى عِبَادَةٍ .