وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ هَلْ الْمَيِّتُ يَسْمَعُ كَلَامَ زَائِرِهِ وَيَرَى شَخْصَهُ ؟ وَهَلْ تُعَادُ رُوحُهُ إلَى جَسَدِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمْ تَكُونُ تُرَفْرِفُ عَلَى قَبْرِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ ؟ وَهَلْ تَصِلُ إلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَالصَّدَقَةُ مِنْ نَاحِلِيهِ وَغَيْرِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمَالِ الْمَوْرُوثِ عَنْهُ وَغَيْرِهِ ؟ وَهَلْ تُجْمَعُ رُوحُهُ مَعَ أَرْوَاحِ أَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ الَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَدْفُونًا قَرِيبًا مِنْهُمْ أَوْ بَعِيدًا ؟ وَهَلْ تُنْقَلُ رُوحُهُ إلَى جَسَدِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ يَكُونُ بَدَنُهُ إذَا مَاتَ فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ وَدُفِنَ بِهَا يُنْقَلُ إلَى الْأَرْضِ الَّتِي وُلِدَ بِهَا ؟ وَهَلْ يَتَأَذَّى بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ؟ وَالْمَسْئُولُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْجَوَابَ عَنْ هَذِهِ الْفُصُولِ - فَصْلًا فَصْلًا - جَوَابًا وَاضِحًا مُسْتَوْعِبًا لِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا نُقِلَ فِيهِ عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَشَرْحَ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ وَالْعُلَمَاءِ : أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ وَاخْتِلَافِهِمْ وَمَا الرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالِهِمْ مَأْجُورِينَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
فَصْلٌ : وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ : هَلْ تُعَادُ رُوحُهُ إلَى بَدَنِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ أَمْ تَكُونُ تُرَفْرِفُ عَلَى قَبْرِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ ؟ فَإِنَّ رُوحَهُ تُعَادُ إلَى الْبَدَنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَتُعَادُ أَيْضًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَأَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ النسائي وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ : { أَنَّ نَسَمَةَ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يُعَلَّقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ إلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ } وَفِي لَفْظٍ { ثُمَّ تَأْوِي إلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ } وَمَعَ ذَلِكَ فَتَتَّصِلُ بِالْبَدَنِ مَتَى شَاءَ اللَّهُ وَذَلِكَ فِي اللَّحْظَةِ بِمَنْزِلَةِ نُزُولِ الْمَلَكِ وَظُهُورِ الشُّعَاعِ فِي الْأَرْضِ وَانْتِبَاهِ النَّائِمِ . هَذَا وَجَاءَ فِي عِدَّةِ آثَارٍ أَنَّ الْأَرْوَاحَ تَكُونُ فِي أَفْنِيَةِ الْقُبُورِ قَالَ مُجَاهِدٌ : الْأَرْوَاحُ تَكُونُ عَلَى أَفْنِيَةُ الْقُبُورِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ دَفْنِ الْمَيِّتِ لَا تُفَارِقُهُ فَهَذَا يَكُونُ أَحْيَانًا وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ : بَلَغَنِي أَنَّ الْأَرْوَاحَ مُرْسَلَةٌ تَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَتْ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .