تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ : - عَنْ الصَّغِيرِ وَعَنْ الطِّفْلِ إذَا مَاتَ . هَلْ يُمْتَحَنُ ؟ إلَخْ . . .
12
وَإِذَا دَخَلَ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ فَأَرْوَاحُهُمْ وَأَرْوَاحُ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَتْ دَرَجَاتُهُمْ مُتَفَاضِلَةً وَالصِّغَارُ يَتَفَاضَلُونَ بِتَفَاضُلِ آبَائِهِمْ وَتُفَاضِلُ أَعْمَالِهِمْ - إذَا كَانَتْ لَهُمْ أَعْمَالٌ - فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ هُوَ كَغَيْرِهِ وَالْأَطْفَالُ الصِّغَارُ يُثَابُونَ عَلَى مَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَإِنْ كَانَ الْقَلَمُ مَرْفُوعًا عَنْهُمْ فِي السَّيِّئَاتِ ; كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا مِنْ مِحَفَّةٍ فَقَالَتْ : أَلِهَذَا حَجٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ . وَلَك أَجْرٌ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ . وَفِي السُّنَنِ أَنَّهُ { قَالَ مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشَرِ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ } وَكَانُوا يُصَوِّمُونَ الصِّغَارَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَغَيْرَهُ فَالصَّبِيُّ يُثَابُ عَلَى صَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ وَحَجِّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِهِ وَيُفَضَّلُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْمَلْ كَعَمَلِهِ وَهَذَا غَيْرُ مَا يُفْعَلُ بِهِ إكْرَامًا لِأَبَوَيْهِ كَمَا أَنَّهُ فِي النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ قَدْ يَنْتَفِعُ بِمَا يَكْسِبُهُ وَبِمَا يُعْطِيهِ أَبَوَاهُ وَيَتَمَيَّزُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ . وَأَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ وَهُوَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ تَعْلَقُ مِنْ الْجَنَّةِ } أَيْ تَأْكُلُ وَلَمْ يُوَقَّتْ فِي ذَلِكَ وَقْتٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَالْأَرْوَاحُ مَخْلُوقَةٌ بِلَا شَكٍّ وَهِيَ لَا تَعْدَمُ وَلَا تَفْنَى ; وَلَكِنَّ مَوْتَهَا مُفَارَقَةُ الْأَبْدَانِ وَعِنْدَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ تُعَادُ الْأَرْوَاحُ إلَى الْأَبْدَانِ . وَأَهْلُ الْجَنَّةِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَهَا عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ طُولُ أَحَدِهِمْ سِتُّونَ ذِرَاعًا . كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ . وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إنَّ أَطْفَالَ الْكُفَّارِ يَكُونُونَ خَدَمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا أَصْلَ لِهَذَا الْقَوْلِ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ الْجَنَّةَ يَبْقَى فِيهَا فَضْلٌ عَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا فَيُنْشِئُ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا آخَرَ فَيُسْكِنُهُمْ الْجَنَّةَ فَإِذَا كَانَ يُسْكِنُ مَنْ يُنْشِئُهُ مِنْ الْجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ وَلَدِ آدَمَ فِي فُضُولِ الْجَنَّةِ فَكَيْفَ بِمَنْ دَخَلَهَا مَنْ وَلَدِ آدَمَ وَأُسْكِنَ فِي غَيْرِ فُضُولِهَا ؟ فَلَيْسُوا أَحَقَّ بِأَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ; مِمَّنْ يَنْشَأُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَسْكُنُ فُضُولَهَا . وَأَمَّا الْوُرُودُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى { وَإِنْ مِنْكُمْ إلَّا وَارِدُهَا } فَقَدْ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ : { بِأَنَّهُ الْمُرُورُ عَلَى الصِّرَاطِ } وَالصِّرَاطُ هُوَ الْجِسْرُ ; فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُرُورِ عَلَيْهِ لِكُلِّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ صَغِيرًا فِي الدُّنْيَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ . ( وَالْوِلْدَانُ الَّذِينَ يَطُوفُونَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ : خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الْجَنَّةِ لَيْسُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ; بَلْ أَبْنَاءُ أَهْلِ الدُّنْيَا إذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ كَمُلَ خَلْقُهُمْ كَأَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى صُورَةِ آدَمَ أَبْنَاءِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ فِي طُولِ سِتِّينَ ذِرَاعًا ; كَمَا تَقَدَّمَ . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْعَرْضَ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .