مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 فَإِنْ  قِيلَ : إذَا  كَانَ التَّوَسُّلُ  بِالْإِيمَانِ  بِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَطَاعَتِهِ  عَلَى وَجْهَيْنِ - تَارَةً يَتَوَسَّلُ  بِذَلِكَ إلَى ثَوَابِهِ وَجَنَّتِهِ (  وَهَذَا أَعْظَمُ الْوَسَائِلِ وَتَارَةً يَتَوَسَّلُ  بِذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ  كَمَا ذَكَرْتُمْ نَظَائِرَهُ - فَيُحْمَلُ قَوْلُ  الْقَائِلِ : أَسْأَلُك بِنَبِيِّك   مُحَمَّدٍ  عَلَى  أَنَّهُ  أَرَادَ :  أَنِّي أَسْأَلُك  بِإِيمَانِي  بِهِ وَبِمَحَبَّتِهِ وَأَتَوَسَّلُ إلَيْك  بِإِيمَانِي  بِهِ وَمَحَبَّتِهِ  وَنَحْوِ  ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْتُمْ  أَنَّ  هَذَا جَائِزٌ  بِلَا نِزَاعٍ .  قِيلَ : مَنْ  أَرَادَ  هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ مُصِيبٌ  فِي  ذَلِكَ  بِلَا نِزَاعٍ وَإِذَا حُمِلَ  عَلَى  هَذَا الْمَعْنَى كَلَامُ مَنْ تَوَسَّلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  بَعْدَ مَمَاتِهِ  مِنْ السَّلَفِ -  كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ   الصَّحَابَةِ   وَالتَّابِعِينَ  وَعَنْ  الْإِمَامِ  أَحْمَدَ  وَغَيْرِهِ  كَانَ  هَذَا حَسَنًا . وَحِينَئِذٍ  فَلَا يَكُونُ  فِي الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ . وَلَكِنْ كَثِيرٌ  مِنْ  الْعَوَامِّ  يُطْلِقُونَ  هَذَا اللَّفْظَ وَلَا يُرِيدُونَ  هَذَا الْمَعْنَى فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ  أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مَنْ  أَنْكَرَ .  وَهَذَا  كَمَا  أَنَّ   الصَّحَابَةَ  كَانُوا يُرِيدُونَ بِالتَّوَسُّلِ  بِهِ التَّوَسُّلَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ  وَهَذَا جَائِزٌ  بِلَا نِزَاعٍ  ثُمَّ إنَّ  أَكْثَرَ النَّاسِ  فِي زَمَانِنَا لَا يُرِيدُونَ  هَذَا الْمَعْنَى بِهَذَا اللَّفْظِ .  فَإِنْ  قِيلَ : فَقَدْ  يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ بِحَقِّ الرَّحِمِ   قِيلَ : الرَّحِمُ تُوجِبُ  عَلَى صَاحِبِهَا حَقًّا لِذِي الرَّحِمِ  كَمَا  قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {   وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ  بِهِ وَالْأَرْحَامَ   }  وَقَالَ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {   الرَّحِمُ شَجْنَةٌ  مِنْ الرَّحْمَنِ مَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ   }  وَقَالَ   {  لَمَّا  خَلَقَ اللَّهُ الرَّحِمَ تَعَلَّقَتْ بِحَقْوَيْ الرَّحْمَنِ  وَقَالَتْ :  هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ  بِك  مِنْ الْقَطِيعَةِ  فَقَالَ :  أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ  أَصِلَ مَنْ وَصَلَك  وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَك ؟  قَالَتْ : بَلَى قَدْ رَضِيت   }  وَقَالَ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {   يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْت الرَّحِمَ وَشَقَقْت  لَهَا اسْمًا  مِنْ  اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا  وَصَلْته وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتّهُ   }  .  وَقَدْ رُوِيَ   عَنْ  عَلِيٍّ  أَنَّهُ  كَانَ إذَا سَأَلَهُ ابْنُ  أَخِيهِ بِحَقِّ  جَعْفَرٍ  أَبِيهِ أَعْطَاهُ  لِحَقِّ  جَعْفَرٍ  عَلَى  عَلِيٍّ  . وَحَقُّ ذِي الرَّحِمِ بَاقٍ بَعْدَ مَوْتِهِ  كَمَا  فِي الْحَدِيثِ {  أَنَّ رَجُلًا  قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَقِيَ  مِنْ بِرِّ  أَبَوَيَّ شَيْءٌ  أَبَرُّهُمَا  بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا ؟  قَالَ نَعَمْ الدُّعَاءُ  لَهُمَا وَالِاسْتِغْفَارُ  لَهُمَا وَإِنْفَاذُ وَعْدِهِمَا مَنْ بَعْدِهِمَا وَصِلَةُ رَحِمِك الَّتِي لَا  رَحِمَ  لَك إلَّا  مِنْ قِبَلِهِمَا   }  وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ حَدِيثُ  ابْنِ عُمَرَ   {  مِنْ  أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ  أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ   }  . فَصِلَةُ  أَقَارِبِ الْمَيِّتِ وَأَصْدِقَائِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ هُوَ  مِنْ تَمَامِ بِرِّهِ .