مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 وَالْمَقْصُودُ هُنَا  أَنَّ كَثِيرًا  مِنْ  كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ يَتَكَلَّمُ  بِهِ مَنْ يَسْلُكُ مَسْلَكَهُمْ وَيُرِيدُ مُرَادَهُمْ لَا مُرَادَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ  كَمَا يُوجَدُ  فِي  كَلَامِ  صَاحِبِ ( الْكُتُبِ الْمَضْنُونِ بِهَا وَغَيْرِهِ مِثْلُ مَا  ذَكَرَهُ  فِي " اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ " حَيْثُ  جَعَلَهُ النَّفْسَ الْفَلَكِيَّةَ وَلَفْظِ " الْقَلَمِ " حَيْثُ  جَعَلَهُ الْعَقْلَ الْأَوَّلَ وَلَفْظِ " الْمَلَكُوتِ " وَ " الْجَبَرُوتِ " وَ " الْمُلْكِ " حَيْثُ  جَعَلَ  ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ النَّفْسِ وَالْعَقْلِ وَلَفْظَ " الشَّفَاعَةِ " حَيْثُ  جَعَلَ  ذَلِكَ فَيْضًا يَفِيضُ  مِنْ الشَّفِيعِ  عَلَى الْمُسْتَشْفِعِ  وَإِنْ  كَانَ الشَّفِيعُ قَدْ لَا يَدْرِي وَسَلَكَ  فِي هَذِهِ الْأُمُورِ  وَنَحْوِهَا  مَسَالِكَ  ابْنِ  سِينَا  كَمَا قَدْ بُسِطَ  فِي مَوْضِعٍ آخَرَ . وَالْمَقْصُودُ هُنَا ذِكْرُ مَنْ يَقَعُ  ذَلِكَ مِنْهُ  مِنْ غَيْرِ تَدَبُّرٍ مِنْهُ لِلُغَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  كَلَفْظِ الْقَدِيمِ فَإِنَّهُ  فِي لُغَةِ الرَّسُولِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ خِلَافُ الْحَدِيثِ  وَإِنْ  كَانَ مَسْبُوقًا بِغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {   حَتَّى  عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ   }  وَقَالَ تَعَالَى عَنْ إخْوَةِ   يُوسُفَ  :   {   تَاللَّهِ إنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ   }   وقَوْله تَعَالَى   {   أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ   }   {   أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ   }  . وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ عِبَارَةٌ  عَمَّا لَمْ يَزَلْ أَوْ  عَمَّا لَمْ يَسْبِقْهُ وُجُودُ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا بِعَدَمِ نَفْسِهِ وَيَجْعَلُونَهُ - إذَا  أُرِيدَ  بِهِ  هَذَا -  مِنْ بَابِ الْمَجَازِ وَلَفْظُ " الْمُحْدَثِ "  فِي لُغَةِ الْقُرْآنِ يُقَابِلُ لِلَفْظِ " الْقَدِيمِ "  فِي الْقُرْآنِ . وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْكَلِمَةِ "  فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ  وَسَائِرِ لُغَةِ الْعَرَبِ إنَّمَا يُرَادُ  بِهِ الْجُمْلَةُ التَّامَّةُ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {   كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إلَى الرَّحْمَنِ  خَفِيفَتَانِ  عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ  فِي الْمِيزَانِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ   }  وَقَوْلِهِ   {   إنَّ  أَصْدَقَ كَلِمَةٍ  قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ  لَبِيَدٍ  :  أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا  خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ   }  وَمِنْهُ   قَوْله تَعَالَى   {   كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ  مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إنْ يَقُولُونَ إلَّا كَذِبًا   }   وقَوْله تَعَالَى   {   قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ  تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ  سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ   }  الْآيَةَ   وقَوْله تَعَالَى   {  وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا   }  وَأَمْثَالُ  ذَلِكَ ; وَلَا يُوجَدُ لَفْظُ الْكَلَامِ  فِي لُغَةِ   الْعَرَبِ  إلَّا بِهَذَا الْمَعْنَى . وَالنُّحَاةُ اصْطَلَحُوا  عَلَى أَنْ  يُسَمُّوا ( الِاسْمَ وَحْدَهُ ( وَالْفِعْلَ ( وَالْحَرْفَ كَلِمَةً  ثُمَّ يَقُولُ بَعْضُهُمْ : وَقَدْ يُرَادُ بِالْكَلِمَةِ الْكَلَامُ ; فَيَظُنُّ مَنْ اعْتَادَ  هَذَا  أَنَّ  هَذَا هُوَ لُغَةُ   الْعَرَبِ  وَكَذَلِكَ لَفْظُ "  ذَوِي الْأَرْحَامِ "  فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُرَادُ  بِهِ الْأَقَارِبُ  مِنْ جِهَةِ  الْأَبَوَيْنِ فَيَدْخُلُ  فِيهِمْ الْعَصَبَةُ وَذَوُو الْفُرُوضِ  وَإِنْ  شَمِلَ  ذَلِكَ مَنْ لَا يَرِثُ بِفَرْضِ وَلَا تَعْصِيبٍ  ثُمَّ  صَارَ  ذَلِكَ  فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ اسْمًا لِهَؤُلَاءِ  دُونَ غَيْرِهِمْ فَيَظُنُّ مَنْ لَا يَعْرِفُ إلَّا  ذَلِكَ  أَنَّ  هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِهَذَا اللَّفْظِ  فِي  كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ  وَكَلَامِ   الصَّحَابَةِ  وَنَظَائِرُ  هَذَا كَثِيرَةٌ . وَلَفْظُ " التَّوَسُّلِ " وَ " الِاسْتِشْفَاعِ "  وَنَحْوِهِمَا  دَخَلَ  فِيهَا  مِنْ تَغْيِيرِ لُغَةِ الرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ مَا  أَوْجَبَ غَلَطَ مَنْ غَلِطَ عَلَيْهِمْ  فِي دِينِهِمْ وَلُغَتِهِمْ . وَالْعِلْمُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ مُصَدِّقٍ وَنَظَرٍ مَحْقُوقٍ . وَالْمَنْقُولُ عَنْ   السَّلَفِ   وَالْعُلَمَاءِ  يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةٍ بِثُبُوتِ لَفْظِهِ وَمَعْرِفَةِ دَلَالَتِهِ  كَمَا يَحْتَاجُ إلَى  ذَلِكَ الْمَنْقُولِ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ .  فَهَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْحِكَايَةِ . وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُتَظَاهِرَةٌ بِأَنَّ اللَّهَ  أَمَرَنَا أَنْ  نُصَلِّيَ  عَلَى النَّبِيِّ وَنُسَلِّمَ عَلَيْهِ  فِي كُلِّ  مَكَانٍ ;  فَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ  وَكَذَلِكَ رَغَّبَنَا  وَحَضَّنَا  فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ  عَلَى أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ لَهُ الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَأَنْ يَبْعَثَهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدَهُ . فَهَذِهِ الْوَسِيلَةُ الَّتِي شُرِعَ لَنَا أَنْ نَسْأَلَهَا اللَّهَ تَعَالَى -  كَمَا شُرِعَ لَنَا أَنْ  نُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَنُسَلِّمَ عَلَيْهِ - هِيَ حَقٌّ لَهُ  كَمَا  أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَالسَّلَامَ حَقٌّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  .