تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
بَابُ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ يَمِينِ الْغَمُوسِ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَعَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ : لَا يَدْخُلُ أَهْلُك بَيْتِي فَصَعُبَ عَلَيْهِ : فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ مَا قَالَهُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ قَالَهُ .
1234567
وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا " حَلَفَ الرَّجُلُ بِالطَّلَاقِ " فَقَالَ : الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَن كَذَا ; أَوْ لَا أَفْعَلُهُ . أَوْ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي لَأَفْعَلَنهُ . أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَالطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي . أَوْ لَازِمٌ وَنَحْوُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ الْتِزَامَ الطَّلَاقِ فِي يَمِينِهِ ثُمَّ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ : فَهَلْ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ ؟ فِيهِ " قَوْلَانِ " لِعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَذَاهِبِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ . أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَهَذَا مَنْصُوصٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ نَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ : كَالْقَفَّالِ وَأَبِي سَعِيدٍ الْمُتَوَلِّي صَاحِبِ " التَّتِمَّةِ " وَبِهِ يُفْتِي وَيَقْضِي فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ فِي بِلَادِ الشَّرْقِ وَالْجَزِيرَةِ وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَالْحِجَازِ وَالْيُمْنِ وَغَيْرِهَا . وَهُوَ قَوْلُ داود وَأَصْحَابِهِ - كَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ - كَانُوا يُفْتُونَ وَيَقْضُونَ فِي بِلَادِ فَارِسَ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَبِلَادِ الْمَغْرِبِ إلَى الْيَوْمِ فَإِنَّهُمْ خَلْقٌ عَظِيمٌ وَفِيهِمْ قُضَاةٌ وَمُفْتُونَ عَدَدٌ كَثِيرٌ . وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ كَطَاوُوسِ وَغَيْرِ طَاوُوسٍ . وَبِهِ يُفْتِي كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَغْرِبِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِ مِصْرَ يُفْتِي بِذَلِكَ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ وَأُصُولُ مَذْهَبِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ .