تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّا ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ القشيري فِي ( بَابِ الرِّضَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ : الرِّضَا أَلَّا يَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَلَا يَسْتَعِيذَ مِنْ النَّارِ . فَهَلْ هَذَا الْكَلَامُ صَحِيحٌ ؟ ؟ .
12345
وَذُكِرَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت النَّصْرَ آبَادِي يَقُولُ . مَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْلُغَ مَحَلَّ الرِّضَا فَيَلْزَمَ مَا جَعَلَ اللَّهُ رِضَاهُ فِيهِ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فَإِنَّهُ مَنْ لَزِمَ مَا يُرْضِي اللَّهَ مِنْ امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ لَا سِيَّمَا إذَا قَامَ بِوَاجِبِهَا وَمُسْتَحَبِّهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَرْضَى عَنْهُ كَمَا أَنَّ مَنْ لَزِمَ مَحْبُوبَاتِ الْحَقِّ أَحَبَّهُ اللَّهُ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ : { مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته } الْحَدِيثَ . وَذَلِكَ أَنَّ الرِّضَا نَوْعَانِ : ( أَحَدُهُمَا الرِّضَا بِفِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ وَتَرْكِ مَا نُهِيَ عَنْهُ . وَيَتَنَاوَلُ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ إلَى الْمَحْظُورِ كَمَا قَالَ : { وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إنَّا إلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ } وَهَذَا الرِّضَا وَاجِبٌ ; وَلِهَذَا ذَمَّ مَنْ تَرَكَهُ بِقَوْلِهِ : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ } . ( وَالنَّوْعُ الثَّانِي الرِّضَا بِالْمَصَائِبِ : كَالْفَقْرِ وَالْمَرَضِ وَالذُّلِّ فَهَذَا الرِّضَا مُسْتَحَبٌّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَلَيْسَ بِوَاجِبِ وَقَدْ قِيلَ : إنَّهُ وَاجِبٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الصَّبْرُ . كَمَا قَالَ الْحَسَنُ : الرِّضَا غَرِيزَةٌ وَلَكِنَّ الصَّبْرَ مُعَوَّلُ الْمُؤْمِنِ . وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنْ اسْتَطَعْت أَنْ تَعْمَلَ بِالرِّضَا مَعَ الْيَقِينِ فَافْعَلْ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَإِنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا } .