سُئِلَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ } فَمَا الْعِبَادَةُ وَفُرُوعُهَا ؟ وَهَلْ مَجْمُوعُ الدِّينِ دَاخِلٌ فِيهَا أَمْ لَا ؟ وَمَا حَقِيقَةُ الْعُبُودِيَّةِ ؟ وَهَلْ هِيَ أَعْلَى الْمَقَامَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَمْ فَوْقَهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَقَامَاتِ ؟ وَلِيَبْسُطُوا لَنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ .
وَكَثِيرٌ مِنْ السَّالِكِينَ سَلَكُوا فِي دَعْوَى حُبِّ اللَّهِ أَنْوَاعًا مِنْ أُمُورِ الْجَهْلِ بِالدِّينِ ; إمَّا مِنْ تَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ ; وَإِمَّا مِنْ تَضْيِيعِ حُقُوقِ اللَّهِ وَإِمَّا مِنْ ادِّعَاءِ الدَّعَاوَى الْبَاطِلَةِ الَّتِي لَا حَقِيقَةَ لَهَا كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ : أَيُّ مُرِيدٍ لِي تَرَكَ فِي النَّارِ أَحَدًا فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ ; فَقَالَ الْآخَرُ : أَيُّ مُرِيدٍ لِي تَرَكَ أَحَدًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يَدْخُلُ النَّارَ فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ . فَالْأَوَّلُ جَعَلَ مُرِيدَهُ يُخْرِجُ كُلَّ مَنْ فِي النَّارِ ; وَالثَّانِي جَعَلَ مُرِيدَهُ يَمْنَعُ أَهْلَ الْكَبَائِرِ مِنْ دُخُولِ النَّارِ . وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ : إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَصَبْتُ خَيْمَتِي عَلَى جَهَنَّمَ حَتَّى لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ . وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي تُؤْثَرُ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ الْمَشْهُورِينَ ; وَهِيَ إمَّا كَذِبٌ عَلَيْهِمْ وَإِمَّا غَلَطٌ مِنْهُمْ ; وَمِثْلُ هَذَا قَدْ يَصْدُرُ فِي حَالِ سُكْرٍ وَغَلَبَةٍ وَفَنَاءٍ يَسْقُطُ فِيهَا تَمْيِيزُ الْإِنْسَانِ ; أَوْ يَضْعُفُ حَتَّى لَا يَدْرِيَ مَا قَالَ و " السُّكْرُ " هُوَ لَذَّةٌ مَعَ عَدَمِ تَمْيِيزٍ . وَلِهَذَا كَانَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ مَنْ إذَا صَحَا اسْتَغْفَرَ مِنْ ذَلِكَ الْكَلَامِ . وَاَلَّذِينَ تَوَسَّعُوا مِنْ الشُّيُوخِ فِي سَمَاعِ الْقَصَائِدِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْحُبِّ وَالشَّوْقِ وَاللَّوْمِ وَالْعَذْلِ وَالْغَرَامِ كَانَ هَذَا أَصْلَ مَقْصِدِهِمْ ; وَلِهَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ لِلْمَحَبَّةِ مِحْنَةً يَمْتَحِنُ بِهَا الْمُحِبَّ فَقَالَ : { قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } فَلَا يَكُونُ مُحِبًّا لِلَّهِ إلَّا مَنْ يَتَّبِعُ رَسُولَهُ وَطَاعَةُ الرَّسُولِ وَمُتَابَعَتُهُ تُحَقِّقُ الْعُبُودِيَّةَ . وَكَثِيرٌ مِمَّنْ يَدَّعِي الْمَحَبَّةَ يَخْرُجُ عَنْ شَرِيعَتِهِ وَسُنَّتِهِ وَيَدَّعِي مِنْ الْخَيَالَاتِ مَا لَا يَتَّسِعُ هَذَا الْمَوْضِعُ لِذِكْرِهِ . حَتَّى قَدْ يَظُنُّ أَحَدُهُمْ سُقُوطَ الْأَمْرِ وَتَحْلِيلَ الْحَرَامِ لَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ مُخَالَفَةُ شَرِيعَةِ الرَّسُولِ وَسُنَّتِهِ وَطَاعَتِهِ بَلْ قَدْ جَعَلَ مَحَبَّةَ اللَّهِ وَمَحَبَّةَ رَسُولِهِ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِهِ . و " الْجِهَادُ " يَتَضَمَّنُ كَمَالَ مَحَبَّةِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَكَمَالَ بُغْضِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَلِهَذَا قَالَ فِي صِفَةِ مَنْ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ { أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } . وَلِهَذَا كَانَتْ مَحَبَّةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِلَّهِ أَكْمَلَ مِنْ مَحَبَّةِ مَنْ قَبْلَهَا وَعُبُودِيَّتُهُمْ لِلَّهِ أَكْمَلُ مِنْ عُبُودِيَّةِ مَنْ قَبْلَهُمْ . وَأَكْمَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ بِهِمْ أَشْبَهَ كَانَ ذَلِكَ فِيهِ أَكْمَلَ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ قَوْمٍ يَدَّعُونَ الْمَحَبَّةَ . و [ فِي ] كَلَامِ بَعْضِ الشُّيُوخِ : الْمَحَبَّةُ نَارٌ تُحْرِقُ فِي الْقَلْبِ مَا سِوَى مُرَادِ الْمَحْبُوبِ . وَأَرَادُوا أَنَّ الْكَوْنَ كُلَّهُ قَدْ أَرَادَ اللَّهُ وُجُودَهُ فَظَنُّوا أَنَّ كَمَالَ الْمَحَبَّةِ أَنْ يُحِبَّ الْعَبْدُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَلَا يُمْكِنُ أَحَدًا أَنْ يُحِبَّ كُلَّ مَوْجُودٍ بَلْ يُحِبُّ مَا يُلَائِمُهُ وَيَنْفَعُهُ وَيُبْغِضُ مَا يُنَافِيهِ وَيَضُرُّهُ وَلَكِنْ اسْتَفَادُوا بِهَذَا الضَّلَالِ اتِّبَاعَ أَهْوَائِهِمْ فَهُمْ يُحِبُّونَ مَا يَهْوَوْنَهُ كَالصُّوَرِ وَالرِّئَاسَةِ وَفُضُولِ الْمَالِ وَالْبِدَعِ الْمُضِلَّةِ زَاعِمِينَ أَنَّ هَذَا مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَمِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ بُغْضُ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَجِهَادُ أَهْلِهِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ . وَأَصْلُ ضَلَالِهِمْ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ الَّذِي قَالَ : " إنَّ الْمَحَبَّةَ نَارٌ تُحْرِقُ مَا سِوَى مُرَادِ الْمَحْبُوبِ " قَصَدَ بِمُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى الْإِرَادَةَ الدِّينِيَّةَ الشَّرْعِيَّةَ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى مَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ تُحْرِقُ مِنْ الْقَلْبِ مَا سِوَى الْمَحْبُوبِ لِلَّهِ وَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ . فَإِنَّ مِنْ تَمَامِ الْحُبِّ أَنْ لَا يُحِبَّ إلَّا مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتَ مَا لَا يُحِبُّ كَانَتْ الْمَحَبَّةُ نَاقِصَةً وَأَمَّا قَضَاؤُهُ وَقَدَرُهُ فَهُوَ يُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ وَيَسْخَطُهُ وَيَنْهَى عَنْهُ فَإِنْ لَمْ أُوَافِقْهُ فِي بُغْضِهِ وَكَرَاهَتِهِ وَسَخَطِهِ لَمْ أَكُنْ مُحِبًّا لَهُ بَلْ مُحِبًّا لِمَا يُبْغِضُهُ . فَاتِّبَاعُ الشَّرِيعَةِ وَالْقِيَامُ بِالْجِهَادِ مِنْ أَعْظَمِ الْفُرُوقِ بَيْنَ أَهْلِ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَأَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَدَّعِي مَحَبَّةَ اللَّهِ نَاظِرًا إلَى عُمُومِ رُبُوبِيَّتِهِ أَوْ مُتَّبِعًا لِبَعْضِ الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِشَرِيعَتِهِ فَإِنَّ دَعْوَى هَذِهِ الْمَحَبَّةِ لِلَّهِ مِنْ جِنْسِ دَعْوَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الْمَحَبَّةَ لِلَّهِ بَلْ قَدْ تَكُونُ دَعْوَى هَؤُلَاءِ شَرًّا مِنْ دَعْوَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِمَا فِيهِمْ مِنْ النِّفَاقِ الَّذِينَ هُمْ بِهِ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ كَمَا قَدْ تَكُونُ دَعْوَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى شَرًّا مِنْ دَعْوَاهُمْ إذَا لَمْ يَصِلُوا إلَى مِثْلِ كُفْرِهِمْ وَفِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ مَا هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَيْهِ حَتَّى إنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ أَعْظَمُ وَصَايَا النَّامُوسِ . فَفِي الْإِنْجِيلِ أَنَّ الْمَسِيحَ قَالَ : " أَعْظَمُ وَصَايَا الْمَسِيحِ أَنْ تُحِبَّ اللَّهَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَعَقْلِكَ وَنَفْسِكَ " وَالنَّصَارَى يَدَّعُونَ قِيَامَهُمْ بِهَذِهِ الْمَحَبَّةِ وَأَنَّ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ هُوَ مِنْ ذَلِكَ وَهُمْ بُرَآءُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ إذْ لَمْ يَتَّبِعُوا مَا أَحَبَّهُ بَلْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ وَاَللَّهُ يُبْغِضُ الْكَافِرِينَ وَيَمْقُتُهُمْ وَيَلْعَنُهُمْ . وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ مَنْ يُحِبُّهُ ; لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُحِبًّا لِلَّهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى غَيْرُ مُحِبٍّ لَهُ ; بَلْ بِقَدْرِ مَحَبَّةِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ يَكُونُ حُبُّ اللَّهِ لَهُ ; وَإِنْ كَانَ جَزَاءُ اللَّهِ لِعَبْدِهِ أَعْظَمَ . كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْإِلَهِيِّ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِرَاعًا وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ بَاعًا وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً } . وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ وَالصَّابِرِينَ وَيُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ بَلْ هُوَ يُحِبُّ مَنْ فَعَلَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : { لَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ } الْحَدِيثَ . وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُخْطِئِينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا أَشْيَاخًا فِي " الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ " وَقَعُوا فِي بَعْضِ مَا وَقَعَ فِيهِ النَّصَارَى : مِنْ دَعْوَى الْمَحَبَّةِ لِلَّهِ مَعَ مُخَالَفَةِ شَرِيعَتِهِ وَتَرْكِ الْمُجَاهَدَةِ فِي سَبِيلِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَتَمَسَّكُونَ فِي الدِّينِ الَّذِي يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إلَى اللَّهِ بِنَحْوِ مَا تَمَسَّكَ بِهِ النَّصَارَى مِنْ الْكَلَامِ الْمُتَشَابِهِ وَالْحِكَايَاتِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ صِدْقُ قَائِلِهَا وَلَوْ صَدَقَ لَمْ يَكُنْ قَائِلُهَا مَعْصُومًا فَيَجْعَلُونَ مَتْبُوعِيهِمْ شَارِعِينَ لَهُمْ دِينًا كَمَا جَعَلَ النَّصَارَى قِسِّيسِيهِمْ وَرُهْبَانَهُمْ شَارِعِينَ لَهُمْ دِينًا ثُمَّ إنَّهُمْ يَنْتَقِصُونَ الْعُبُودِيَّةَ وَيَدَّعُونَ أَنَّ الْخَاصَّةَ يَتَعَدَّوْنَهَا كَمَا يَدَّعِي النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ وَيُثْبِتُونَ لِلْخَاصَّةِ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فِي اللَّهِ مِنْ جِنْسِ مَا تُثْبِتُهُ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ وَأُمِّهِ . إلَى أَنْوَاعٍ أُخَرَ يَطُولُ شَرْحُهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ . وَإِنَّمَا دِينُ الْحَقِّ هُوَ تَحْقِيقُ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ بِكُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ تَحْقِيقُ مَحَبَّةِ اللَّهِ بِكُلِّ دَرَجَةٍ وَبِقَدْرِ تَكْمِيلِ الْعُبُودِيَّةِ تَكْمُلُ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَتَكْمُلُ مَحَبَّةُ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ وَبِقَدْرِ نَقْصِ هَذَا يَكُونُ نَقْصُ هَذَا ; وَكُلَّمَا كَانَ فِي الْقَلْبِ حُبٌّ لِغَيْرِ اللَّهِ كَانَتْ فِيهِ عُبُودِيَّةٌ لِغَيْرِ اللَّهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ وَكُلَّمَا كَانَ فِيهِ عُبُودِيَّةٌ لِغَيْرِ اللَّهِ كَانَ فِيهِ حُبٌّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ وَكُلُّ مَحَبَّةٍ لَا تَكُونُ لِلَّهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَكُلُّ عَمَلٍ لَا يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ . فَالدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ وَلَا يَكُونُ لِلَّهِ إلَّا مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَهُوَ الْمَشْرُوعُ . فَكُلُّ عَمَلٍ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ وَكُلُّ عَمَلٍ لَا يُوَافِقُ شَرْعَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ بَلْ لَا يَكُونُ لِلَّهِ إلَّا مَا جَمَعَ الْوَصْفَيْنِ : أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ وَأَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَهُوَ الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ . كَمَا قَالَ : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَهُوَ الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ تَعَالَى : { بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ } وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ; فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ } . وَهَذَا الْأَصْلُ هُوَ أَصْلُ الدِّينِ وَبِحَسَبِ تَحْقِيقِهِ يَكُونُ تَحْقِيقُ الدِّينِ وَبِهِ أَرْسَلَ اللَّهُ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ وَإِلَيْهِ دَعَا الرَّسُولُ وَعَلَيْهِ جَاهَدَ ; وَبِهِ أَمَرَ وَفِيهِ رَغَّبَ ; وَهُوَ قُطْبُ الدِّينِ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ رَحَاهُ . وَالشِّرْكُ غَالِبٌ عَلَى النُّفُوسِ . وَهُوَ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ . { وَهُوَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ } وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ { قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ . كَيْفَ نَنْجُو مِنْهُ وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ : أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً إذَا قُلْتَهَا نَجَوْتَ مِنْ دِقِّهِ وَجِلِّهِ ؟ قُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ } . وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلِي كُلَّهُ صَالِحًا وَاجْعَلْهُ لِوَجْهِكَ خَالِصًا وَلَا تَجْعَلْ لِأَحَدِ فِيهِ شَيْئًا . وَكَثِيرًا مَا يُخَالِطُ النُّفُوسَ مِنْ الشَّهَوَاتِ الْخَفِيَّةِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهَا تَحْقِيقَ مَحَبَّتِهَا لِلَّهِ وَعُبُودِيَّتِهَا لَهُ . وَإِخْلَاصِ دِينِهَا لَهُ كَمَا قَالَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ : يَا بَقَايَا الْعَرَبِ إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرِّيَاءُ وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ . قِيلَ لِأَبِي داود السجستاني : وَمَا الشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ ؟ قَالَ : حُبُّ الرِّئَاسَةِ وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي زَرِيبَةِ غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ } قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . فَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْحِرْصَ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ فِي فَسَادِ الدِّينِ لَا يَنْقُصُ عَنْ فَسَادِ الذِّئْبَيْنِ الْجَائِعَيْنِ لِزَرِيبَةِ الْغَنَمِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ ; فَإِنَّ الدِّينَ السَّلِيمَ لَا يَكُونُ فِيهِ هَذَا الْحِرْصُ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَلْبَ إذَا ذَاقَ حَلَاوَةَ عُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُقَدِّمَهُ عَلَيْهِ وَبِذَلِكَ يُصْرَفُ عَنْ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ السُّوءُ وَالْفَحْشَاءُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } فَإِنَّ الْمُخْلِصَ لِلَّهِ ذَاقَ مِنْ حَلَاوَةِ عُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ عُبُودِيَّتِهِ لِغَيْرِهِ وَمِنْ حَلَاوَةِ مَحَبَّتِهِ لِلَّهِ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ مَحَبَّةِ غَيْرِهِ إذْ لَيْسَ عِنْدَ الْقَلْبِ لَا أَحْلَى وَلَا أَلَذَّ وَلَا أَطْيَبَ وَلَا أَلْيَنَ وَلَا أَنْعَمَ مِنْ حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ الْمُتَضَمِّنِ عُبُودِيَّتَهُ لِلَّهِ وَمَحَبَّتَهُ لَهُ وَإِخْلَاصَهُ الدِّينَ لَهُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْجِذَابَ الْقَلْبِ إلَى اللَّهِ فَيَصِيرُ الْقَلْبُ مُنِيبًا إلَى اللَّهِ خَائِفًا مِنْهُ رَاغِبًا رَاهِبًا . كَمَا قَالَ تَعَالَى : { مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ } إذْ الْمُحِبُّ يَخَافُ مِنْ زَوَالِ مَطْلُوبِهِ وَحُصُولِ مَرْغُوبِهِ فَلَا يَكُونُ عَبْدًا لِلَّهِ وَمُحِبَّهُ إلَّا بَيْنَ خَوْفٍ وَرَجَاءٍ ; قَالَ تَعَالَى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ مُخْلِصًا لَهُ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَيُحْيِي قَلْبَهُ وَاجْتَذَبَهُ إلَيْهِ فَيَنْصَرِفُ عَنْهُ مَا يُضَادُّ ذَلِكَ مِنْ السُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَيَخَافُ مِنْ حُصُولِ ضِدِّ ذَلِكَ ; بِخِلَافِ الْقَلْبِ الَّذِي لَمْ يُخْلِصْ لِلَّهِ فَإِنَّهُ فِي طَلَبٍ وَإِرَادَةٍ وَحُبٍّ مُطْلَقٍ فَيَهْوَى مَا يَسْنَحُ لَهُ وَيَتَشَبَّثُ بِمَا يَهْوَاهُ كَالْغُصْنِ أَيُّ نَسِيمٍ مَرَّ بِعِطْفِهِ أَمَالَهُ . فَتَارَةً تَجْتَذِبُهُ الصُّوَرُ الْمُحَرَّمَةُ وَغَيْرُ الْمُحَرَّمَةِ ; فَيَبْقَى أَسِيرًا عَبْدًا لِمَنْ لَوْ اتَّخَذَهُ هُوَ عَبْدًا لَهُ لَكَانَ ذَلِكَ عَيْبًا وَنَقْصًا وَذَمًّا . وَتَارَةً يَجْتَذِبُهُ الشَّرَفُ وَالرِّئَاسَةُ فَتُرْضِيهِ الْكَلِمَةُ وَتُغْضِبُهُ الْكَلِمَةُ وَيَسْتَعْبِدُهُ مَنْ يُثْنِي عَلَيْهِ وَلَوْ بِالْبَاطِلِ وَيُعَادِي مَنْ يَذُمُّهُ وَلَوْ بِالْحَقِّ . وَتَارَةً يَسْتَعْبِدُهُ الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَسْتَعْبِدُ الْقُلُوبَ وَالْقُلُوبُ تَهْوَاهَا فَيَتَّخِذَ إلَهَهُ هَوَاهُ وَيَتَّبِعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ . وَمَنْ لَمْ يَكُنْ خَالِصًا لِلَّهِ عَبْدًا لَهُ قَدْ صَارَ قَلْبُهُ مُعَبَّدًا لِرَبِّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ بِحَيْثُ يَكُونُ اللَّهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ وَيَكُونُ ذَلِيلًا لَهُ خَاضِعًا وَإِلَّا اسْتَعْبَدَتْهُ الْكَائِنَاتُ وَاسْتَوْلَتْ عَلَى قَلْبِهِ الشَّيَاطِينُ وَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ إخْوَانِ الشَّيَاطِينِ وَصَارَ فِيهِ مِنْ السُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَهَذَا أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لَا حِيلَةَ فِيهِ ; فَالْقَلْبُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَنِيفًا مُقْبِلًا عَلَى اللَّهِ مُعْرِضًا عَمَّا سِوَاهُ وَإِلَّا كَانَ مُشْرِكًا . قَالَ تَعَالَى : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } إلَى قَوْلِهِ : { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إبْرَاهِيمَ وَآلَ إبْرَاهِيمَ أَئِمَّةً لِهَؤُلَاءِ الْحُنَفَاءِ الْمُخْلِصِينَ أَهْلِ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَإِخْلَاصِ الدِّينِ لَهُ ; كَمَا جَعَلَ فِرْعَوْنَ وَآلَ فِرْعَوْنَ أَئِمَّةَ الْمُشْرِكِينَ الْمُتَّبِعِينَ أَهْوَاءَهُمْ . قَالَ تَعَالَى فِي إبْرَاهِيمَ : { وَوَهَبْنَا لَهُ إسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ } { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ } وَقَالَ فِي فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ } { وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ } وَلِهَذَا يَصِيرُ أَتْبَاعُ فِرْعَوْنَ أَوَّلًا إلَى أَنْ لَا يُمَيِّزُوا بَيْنَ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ . وَبَيْنَ مَا قَدَّرَ اللَّهُ وَقَضَاهُ ; بَلْ يَنْظُرُونَ إلَى الْمَشِيئَةِ الْمُطْلَقَةِ الشَّامِلَةِ . ثُمَّ فِي آخِرِ الْأَمْرِ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ بَلْ يَجْعَلُونَ وُجُودَ هَذَا وُجُودَ هَذَا وَيَقُولُ مُحَقِّقُوهُمْ الشَّرِيعَةُ فِيهَا طَاعَةٌ وَمَعْصِيَةٌ . وَالْحَقِيقَةُ فِيهَا مَعْصِيَةٌ بِلَا طَاعَةٍ ; وَالتَّحْقِيقُ لَيْسَ فِيهِ طَاعَةٌ وَلَا مَعْصِيَةٌ وَهَذَا تَحْقِيقُ مَذْهَبِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا الْخَالِقَ وَأَنْكَرُوا تَكْلِيمَهُ لِعَبْدِهِ مُوسَى وَمَا أَرْسَلَهُ بِهِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ . وَأَمَّا إبْرَاهِيمُ وَآلُ إبْرَاهِيمَ الْحُنَفَاءُ وَالْأَنْبِيَاءُ فَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ . وَأَنَّ الْعَبْدَ كُلَّمَا ازْدَادَ تَحْقِيقًا ازْدَادَتْ مَحَبَّتُهُ لِلَّهِ وَعُبُودِيَّتُهُ لَهُ وَطَاعَتُهُ لَهُ وَإِعْرَاضُهُ عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ وَمَحَبَّةِ غَيْرِهِ وَطَاعَةِ غَيْرِهِ .