تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ عَنْ " الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ " ؟ .
123456
وَقَالَ أَيْضًا فَصْلٌ وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ : فَالنَّاسُ فِيهَا طَرَفَانِ وَوَسَطٌ . مِنْهُمْ : مَنْ يَكْرَهُ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ حَتَّى يَبْلُغَ بِهَا بَعْضُهُمْ إلَى التَّحْرِيمِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ صَلَاةُ السِّرِّ وَالْجَهْرِ وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى أَهْل الْكُوفَةِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ : كَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ . وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤَكِّدُ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ حَتَّى يُوجِبَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَإِنْ سَمِعَ الْإِمَامَ يَقْرَأُ وَهَذَا هُوَ الْجَدِيدُ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلُ طَائِفَةٍ مَعَهُ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْمُرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ السِّرِّ وَفِي حَالِ سَكَتَاتِ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَالْبَعِيدِ الَّذِي لَا يَسْمَعُ الْإِمَامَ . وَأَمَّا الْقَرِيبُ الَّذِي يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ فَيَأْمُرُونَهُ بِالْإِنْصَاتِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ ; إقَامَةً لِلِاسْتِمَاعِ مَقَامَ التِّلَاوَةِ . وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ : كَمَالِكِ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَفُقَهَاءِ الْآثَارِ . وَعَلَيْهِ يَدُلُّ عَمَلُ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَتَتَّفِقُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ . وَهَذَا الِاخْتِلَافُ شَبِيهٌ بِاخْتِلَافِهِمْ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ : هَلْ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ ؟ أَمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ ؟ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ . فَأَصْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِيهَا وَمَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا مُطْلَقًا حَتَّى أَنَّهُ يُوجِبُ الْإِعَادَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ حَيْثُ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ عَلَى الْإِمَامِ . وَأَصْلُ الشَّافِعِيِّ : أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَا فِي فَرْضٍ وَلَا سُنَّةٍ ; وَلِهَذَا أُمِرَ الْمَأْمُومُ بِالتَّسْمِيعِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يُبْطِلْ صَلَاتَهُ بِنَقْصِ صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مُسْتَثْنَاةٍ كَتَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْ الْمَأْمُومِ سُجُودَ السَّهْوِ وَتَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ مَسْبُوقًا وَإِبْطَالِ صَلَاةِ الْقَارِئِ خَلْفَ الْأُمِّيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَأَمَّا مَالِكٌ وَأَحْمَد : فَإِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ . كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاسْتِمَاعِ لِلْقِرَاءَةِ فِي حَالِ الْجَهْرِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي حَالِ الْمُخَافَتَةِ وَلَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ عِنْدَهُمَا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ بَلْ يَحْمَدُ جَوَابًا لِتَسْمِيعِ الْإِمَامِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا . فِيمَا يُعْذَرَانِ فِيهِ دُونَ مَا لَا يُعْذَرَانِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِمَامَةِ .