سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ :  فَرِيدُ الزَّمَانِ بَحْرُ الْعُلُومِ  تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ  أَحْمَد بْنُ تيمية   رَحِمَهُ اللَّهُ  عَنْ رَجُلَيْنِ  تَبَاحَثَا  فِي "   مَسْأَلَةِ الْإِثْبَاتِ لِلصِّفَاتِ وَالْجَزْمِ بِإِثْبَاتِ الْعُلُوِّ  عَلَى الْعَرْشِ  " .  فَقَالَ أَحَدُهُمَا : لَا يَجِبُ  عَلَى أَحَدٍ مَعْرِفَةُ  هَذَا وَلَا الْبَحْثُ عَنْهُ ; بَلْ يُكْرَهُ لَهُ  كَمَا  قَالَ  الْإِمَامُ مَالِكٌ  لِلسَّائِلِ : وَمَا  أَرَاك إلَّا رَجُلُ سُوءٍ . وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ وَيَعْتَقِدَ  أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَاحِدٌ  فِي مُلْكِهِ وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَخَالِقُهُ وَمَلِيكُهُ ; بَلْ وَمَنْ  تَكَلَّمَ  فِي شَيْءٍ  مِنْ  هَذَا فَهُوَ مُجَسِّمٌ حَشْوِيٌّ .  فَهَلْ  هَذَا  الْقَائِلُ لِهَذَا الْكَلَامِ مُصِيبٌ أَمْ مُخْطِئٌ ؟ فَإِذَا  كَانَ مُخْطِئًا  فَمَا الدَّلِيلُ  عَلَى  أَنَّهُ يَجِبُ  عَلَى النَّاسِ أَنْ يَعْتَقِدُوا إثْبَاتَ الصِّفَاتِ وَالْعُلُوِّ  عَلَى الْعَرْشِ  - الَّذِي هُوَ  أَعْلَى الْمَخْلُوقَاتِ - وَيَعْرِفُوهُ ؟ وَمَا   مَعْنَى التَّجْسِيمِ وَالْحَشْوِ   ؟ .  أَفْتُونَا وَابْسُطُوا الْقَوْلَ بَسْطًا شَافِيًا يُزِيلُ الشُّبُهَاتِ  فِي  هَذَا مُثَابِينَ مَأْجُورِينَ إنْ  شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى  . 
				
				
				 وَقَالَ  الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ الأصبهاني  - صَاحِبُ "   حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ  " وَغَيْرِ  ذَلِكَ  مِنْ الْمُصَنَّفَاتِ الْمَشْهُورَةِ  فِي الِاعْتِقَادِ الَّذِي جَمَعَهُ : - طَرِيقُنَا طَرِيقُ السَّلَفِ الْمُتَّبِعِينَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ  وَإِجْمَاعَ الْأُمَّةِ  .  قَالَ : وَمِمَّا اعْتَقَدُوهُ   أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ كَامِلًا بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ الْقَدِيمَةِ لَا يَزُولُ وَلَا يَحُولُ  ; لَمْ يَزَلْ عَالِمًا بِعِلْمِ بَصِيرًا بِبَصَرِ سَمِيعًا بِسَمْعِ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامِ  وَأَحْدَثَ الْأَشْيَاءَ  مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ  وَأَنَّ  الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ   .  وَكَذَلِكَ  سَائِرُ كُتُبِهِ الْمُنَزَّلَةِ كَلَامُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ  وَأَنَّ الْقُرْآنَ  مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ مَقْرُوءًا وَمَتْلُوًّا وَمَحْفُوظًا وَمَسْمُوعًا وَمَكْتُوبًا وَمَلْفُوظًا كَلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةً لَا حِكَايَةً وَلَا تَرْجَمَةً  وَأَنَّهُ بِأَلْفَاظِنَا كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ  وَأَنَّ الْوَاقِفَةَ وَاللَّفْظِيَّةَ  مِنْ   الجهمية  وَأَنَّ مَنْ قَصَدَ الْقُرْآنَ بِوَجْهِ  مِنْ الْوُجُوهِ يُرِيدُ  بِهِ خَلْقَ  كَلَامِ اللَّهِ فَهُوَ عِنْدُهُمْ  مِنْ   الجهمية  وَأَنَّ الجهمي عِنْدَهُمْ كَافِرٌ .  وَذَكَرَ أَشْيَاءَ إلَى أَنْ  قَالَ : وَأَنَّ  الْأَحَادِيثَ الَّتِي ثَبَتَتْ عَنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي " الْعَرْشِ وَاسْتِوَاءِ اللَّهِ عَلَيْهِ " يَقُولُونَ بِهَا وَيُثْبِتُونَهَا  مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ  وَأَنَّ  اللَّهَ  بَائِنٌ  مِنْ خَلْقِهِ وَالْخَلْقَ  بَائِنُونَ مِنْهُ  ; لَا يَحِلُّ  فِيهِمْ وَلَا يَمْتَزِجُ بِهِمْ وَهُوَ مُسْتَوٍ  عَلَى عَرْشِهِ  فِي سَمَائِهِ  دُونَ  أَرْضِهِ .  وَذَكَرَ  سَائِرَ اعْتِقَادِ السَّلَفِ وَإِجْمَاعَهُمْ  عَلَى  ذَلِكَ  .  وَقَالَ  يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ  فِي " رِسَالَتِهِ  " : لَا نَقُولُ  كَمَا  قَالَتْ   الجهمية  إنَّهُ بِدَاخِلِ الْأَمْكِنَةِ وَمُمَازِجٌ كُلَّ شَيْءٍ وَلَا نَعْلَمُ  أَيْنَ هُوَ ; بَلْ نَقُولُ هُوَ بِذَاتِهِ  عَلَى عَرْشِهِ وَعِلْمُهُ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَقُدْرَتُهُ مُدْرِكَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ : {   وَهُوَ مَعَكُمْ  أَيْنَ مَا كُنْتُمْ   }  .  وَقَالَ  الشَّيْخُ الْعَارِفُ مَعْمَرُ بْنُ  أَحْمَد   شَيْخُ   الصُّوفِيَّةِ  :  فِي  هَذَا الْعَصْرِ أَحْبَبْت أَنْ  أُوصِيَ أَصْحَابِي بِوَصِيَّةٍ  مِنْ السُّنَّةِ  وَأَجْمَعَ مَا  كَانَ عَلَيْهِ   أَهْلُ الْحَدِيثِ   وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّصَوُّفِ  مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ  والمتأخرين ;  فَذَكَرَ أَشْيَاءَ  مِنْ الْوَصِيَّةِ إلَى أَنْ  قَالَ  فِيهَا :  وَإِنَّ اللَّهَ اسْتَوَى  عَلَى عَرْشِهِ  بِلَا كَيْفٍ وَلَا تَأْوِيلٍ وَالِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ ; وَإِنَّهُ مُسْتَوٍ  عَلَى عَرْشِهِ  بَائِنٌ  مِنْ خَلْقِهِ وَالْخَلْقُ  بَائِنُونَ مِنْهُ  بِلَا حُلُولٍ وَلَا  مُمَازَجَةٍ وَلَا  مُلَاصَقَةٍ وَإِنَّهُ  عَزَّ  وَجَلَّ سَمِيعٌ بَصِيرٌ عَلِيمٌ خَبِيرٌ يَتَكَلَّمُ وَيَرْضَى وَيَسْخَطُ وَيَضْحَكُ وَيَعْجَبُ وَيَتَجَلَّى لِعِبَادِهِ يَوْمَ  الْقِيَامَةِ ضَاحِكًا وَيَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا  كَيْفَ  شَاءَ  بِلَا كَيْفٍ وَلَا تَأْوِيلٍ وَمَنْ  أَنْكَرَ النُّزُولَ أَوْ تَأَوَّلَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ .