تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ ( الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ هَلْ فَوْقَهُ مَقَامٌ مِنْ الْمَقَامَاتِ أَوْ حَالٌ مِنْ الْأَحْوَالِ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ الْمَقَامَاتِ وَالْأَحْوَالِ الْمَحْمُودَةِ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ تَكُونُ صِفَةُ الْإِيمَانِ نُورًا يُوقِعُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ وَيَعْرِفُ الْعَبْدُ عِنْدَ وُقُوعِهِ فِي قَلْبِهِ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ يَكُونُ لِأَوَّلِ حُصُولِهِ سَبَبٌ مِنْ الْأَسْبَابِ - مِثْلَ رُؤْيَةِ أَهْلِ الْخَيْرِ أَوْ مُجَالَسَتِهِمْ وَصُحْبَتِهِمْ أَوْ تَعَلُّمِ عَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ؟ . فَإِنْ كَانَ لِأَوَّلِ حُصُولِهِ سَبَبٌ فَمَا هُوَ ذَلِكَ السَّبَبُ ؟ وَمَا الْأَسْبَابُ أَيْضًا الَّتِي يَقْوَى بِهَا الْإِيمَانُ - إلَى أَنْ يَكْمُلَ عَلَى تَرْتِيبِهَا ؟ هَلْ يَبْدَأُ بِالزُّهْدِ حَتَّى يُصَحِّحَهُ ؟ أَمْ بِالْعِلْمِ حَتَّى يَرْسَخَ فِيهِ ؟ أَمْ بِالْعِبَادَةِ حَتَّى يُجْهِدَ نَفْسَهُ ؟ أَمْ يَجْمَعُ بَيْنَ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ طَاقَتِهِ ؟ أَمْ كَيْفَ يَتَوَصَّلُ إلَى حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ الَّذِي مَدَحَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ؟ بَيِّنُوا لَنَا الْأَسْبَابَ وَأَنْوَاعَهَا وَشَرْحَهَا الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَمَا وَصْفُ صَاحِبِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ
123456
فَصْلٌ : وَأَمَّا قَوْلُهُ : هَلْ يَكُونُ لِأَوَّلِ حُصُولِهِ سَبَبٌ ؟ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِسَبَبِ مِثْلَ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ وَمِثْلَ رُؤْيَةِ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالنَّظَرِ فِي أَحْوَالِهِمْ وَمِثْلَ مَعْرِفَةِ أَحْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعْجِزَاتِهِ وَالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ وَمِثْلَ النَّظَرِ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِثْلَ التَّفَكُّرِ فِي أَحْوَالِ الْإِنْسَانِ نَفْسِهِ وَمِثْلَ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي يُحْدِثُهَا اللَّهُ لِلْعَبْدِ الَّتِي تَضْطَرُّهُ إلَى الذُّلِّ لِلَّهِ وَالِاسْتِسْلَامِ لَهُ وَاللُّجُوءِ إلَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا سَبَبًا لِشَيْءِ مِنْ الْإِيمَانِ وَهَذَا سَبَبًا لِشَيْءِ آخَرَ ; بَلْ كُلُّ مَا يَكُونُ فِي الْعَالَمِ مِنْ الْأُمُورِ فَلَا بُدَّ لَهُ مَنْ سَبَبٍ وَسَبَبُ الْإِيمَانِ وَشُعَبِهِ يَكُونُ تَارَةً مِنْ الْعَبْدِ وَتَارَةً مَنْ غَيْرِهِ مِثْلَ مَنْ يُقَيِّضُ لَهُ مَنْ يَدْعُوهُ إلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَيَنْهَاهُ عَنْ الشَّرِّ وَيُبَيِّنُ لَهُ عَلَامَاتِ الدِّينِ وَحُجَجَهُ وَبَرَاهِينَهُ وَمَا يَعْتَبِرُهُ وَيَنْزِلُ بِهِ وَيَتَّعِظُ بِهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ .