تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَحَادِيثَ هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ وَهَلْ رَوَاهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُعْتَبَرِينَ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ ؟ إلَخْ فَقَالَ .
12345678
فَصْلٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } فَبَدَأَ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ : اللَّهِ وَالرَّبِّ . و " اللَّهُ " هُوَ الْإِلَهُ الْمَعْبُودُ فَهَذَا الِاسْمُ أَحَقُّ بِالْعِبَادَةِ ; وَلِهَذَا يُقَالُ : اللَّهُ أَكْبَرُ . الْحَمْدُ لِلَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ و " الرَّبُّ " هُوَ الْمُرَبِّي الْخَالِقُ الرَّازِقُ النَّاصِرُ الْهَادِي وَهَذَا الِاسْمُ أَحَقُّ بِاسْمِ الِاسْتِعَانَةِ وَالْمَسْأَلَةِ . وَلِهَذَا يُقَالُ : { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ } { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } { رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي } { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا } { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } . فَعَامَّةُ الْمَسْأَلَةِ وَالِاسْتِعَانَةُ الْمَشْرُوعَةُ بِاسْمِ الرَّبِّ . فَالِاسْمُ الْأَوَّلُ يَتَضَمَّنُ غَايَةَ الْعَبْدِ وَمَصِيرَهُ وَمُنْتَهَاهُ وَمَا خُلِقَ لَهُ وَمَا فِيهِ صَلَاحُهُ وَكَمَالُهُ وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَالِاسْمُ الثَّانِي يَتَضَمَّنُ خَلْقَ الْعَبْدِ وَمُبْتَدَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ يُرَبِّهِ وَيَتَوَلَّاهُ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَ يَدْخُلُ فِي الْأَوَّلِ دُخُولَ الرُّبُوبِيَّةِ فِي الْإِلَهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةُ تَسْتَلْزِمُ الْأُلُوهِيَّةَ أَيْضًا . وَالِاسْمُ " الرَّحْمَنِ " يَتَضَمَّنُ كَمَالَ التَّعْلِيقَيْنِ وَبِوَصْفِ الْحَالَيْنِ فِيهِ تَتِمُّ سَعَادَتُهُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ . وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ } فَذَكَرَ هُنَا الْأَسْمَاءَ الثَّلَاثَةَ : ( الرَّحْمَنَ و ( رَبِّي و ( الْإِلَهَ وَقَالَ : { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ } كَمَا ذَكَرَ الْأَسْمَاءَ الثَّلَاثَةَ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ ; لَكِنْ بَدَأَ هُنَاكَ بِاسْمِ اللَّهِ ; وَلِهَذَا بَدَأَ فِي السُّورَةِ بـ ( إيَّاكَ نَعْبُدُ فَقَدَّمَ الِاسْمَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْعِبَادَةِ ; لِأَنَّ تِلْكَ السُّورَةَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَأُمُّ الْقُرْآنِ فَقَدَّمَ فِيهَا الْمَقْصُودَ الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ الغائية فَإِنَّهَا عِلَّةٌ فَاعِلِيَّةٌ لِلْعِلَّةِ الغائية . وَقَدْ بَسَطْت هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ ; فِي أَوَّلِ " التَّفْسِيرِ " وَفِي " قَاعِدَةِ الْمَحَبَّةِ وَالْإِرَادَةِ " وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ .