تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَحَادِيثَ هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ وَهَلْ رَوَاهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُعْتَبَرِينَ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ ؟ إلَخْ فَقَالَ .
12345678
فَصْلٌ فَالْعَبْدُ كَمَا أَنَّهُ فَقِيرٌ إلَى اللَّهِ دَائِمًا فِي إعَانَتِهِ وَإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ وَإِعْطَاءِ سُؤَالِهِ وَقَضَاءِ حَوَائِجِهِ فَهُوَ فَقِيرٌ إلَيْهِ فِي أَنْ يَعْلَمَ مَا يُصْلِحُهُ وَمَا هُوَ الَّذِي يَقْصِدُهُ وَيُرِيدُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالشَّرِيعَةُ وَإِلَّا فَإِذَا قُضِيَتْ حَاجَتُهُ الَّتِي طَلَبَهَا وَأَرَادَهَا وَلَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةً لَهُ كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَالِ لَهُ فِيهِ لَذَّةٌ وَمَنْفَعَةٌ فَالِاعْتِبَارُ بِالْمَنْفَعَةِ الْخَالِصَةِ أَوْ الرَّاجِحَةِ وَهَذَا قَدْ عَرَّفَهُ اللَّهُ عِبَادَهُ بِرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ : عَلَّمُوهُمْ وَزَكَّوْهُمْ وَأَمَرُوهُمْ بِمَا يَنْفَعُهُمْ وَنَهَوْهُمْ عَمَّا يَضُرُّهُمْ وَبَيَّنُوا لَهُمْ أَنَّ مَطْلُوبَهُمْ وَمَقْصُودَهُمْ وَمَعْبُودَهُمْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ; كَمَا أَنَّهُ هُوَ رَبُّهُمْ وَخَالِقُهُمْ وَأَنَّهُمْ إنْ تَرَكُوا عِبَادَتَهُ أَوْ أَشْرَكُوا بِهِ غَيْرَهُ خَسِرُوا خُسْرَانًا مُبِينًا وَضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا وَكَانَ مَا أُوتُوهُ مِنْ قُوَّةٍ وَمَعْرِفَةٍ وَجَاهٍ وَمَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ - وَإِنْ كَانُوا فِيهِ فُقَرَاءَ إلَى اللَّهِ مُسْتَعِينِينَ بِهِ عَلَيْهِ مُقِرِّينَ بِرُبُوبِيَّتِهِ - فَإِنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ وَلَهُمْ بِئْسَ الْمَصِيرُ وَسُوءُ الدَّارِ . وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْأَمْرُ الدِّينِيُّ الشَّرْعِيُّ وَالْإِرَادَةُ الدِّينِيَّةُ الشَّرْعِيَّةُ كَمَا تَعَلَّقَ بِالْأَوَّلِ الْأَمْرُ الْكَوْنِيُّ الْقَدَرِيُّ وَالْإِرَادَةُ الْكَوْنِيَّةُ الْقَدَرِيَّةُ . وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَنْعَمَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِعَانَةِ وَالْهِدَايَةِ ; فَإِنَّهُ بَيَّنَ لَهُمْ هُدَاهُمْ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ وَأَعَانَهُمْ عَلَى اتِّبَاعِ ذَلِكَ عِلْمًا وَعَمَلًا كَمَا مَنَّ عَلَيْهِمْ وَعَلَى سَائِرِ الْخَلْقِ بِأَنْ خَلَقَهُمْ وَرَزَقَهُمْ وَعَافَاهُمْ وَمَنَّ عَلَى أَكْثَرِ الْخَلْقِ بِأَنْ عَرَّفَهُمْ رُبُوبِيَّتَهُ لَهُمْ وَحَاجَتَهُمْ إلَيْهِ وَأَعْطَاهُمْ سُؤْلَهُمْ وَأَجَابَ دُعَاءَهُمْ قَالَ تَعَالَى : { يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } فَكُلُّ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَسْأَلُونَهُ فَصَارَتْ الدَّرَجَاتُ أَرْبَعَةً . قَوْمٌ لَمْ يَعْبُدُوهُ وَلَمْ يَسْتَعِينُوهُ وَقَدْ خَلَقَهُمْ وَرَزَقَهُمْ وَعَافَاهُمْ . و " قَوْمٌ " اسْتَعَانُوهُ فَأَعَانَهُمْ وَلَمْ يَعْبُدُوهُ . و " قَوْمٌ " طَلَبُوا عِبَادَتَهُ وَطَاعَتَهُ وَلَمْ يَسْتَعِينُوهُ وَلَمْ يَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ . و " الصِّنْفُ الرَّابِعُ " الَّذِينَ عَبَدُوهُ وَاسْتَعَانُوهُ فَأَعَانَهُمْ عَلَى عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ مَا خَصَّ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ : { حَبَّبَ إلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ } . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى أَفْضَلِ الْمُرْسَلِينَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .