تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَحَادِيثَ هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ وَهَلْ رَوَاهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُعْتَبَرِينَ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ ؟ إلَخْ فَقَالَ .
12345678
فَصْلٌ وَلَمَّا كَانَ عِلْمُ النُّفُوسِ بِحَاجَتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ إلَى الرَّبِّ قَبْلَ عِلْمِهِمْ بِحَاجَتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ إلَى الْإِلَهِ الْمَعْبُودِ وَقَصْدِهِمْ لِدَفْعِ حَاجَاتِهِمْ الْعَاجِلَةِ قَبْلَ الْآجِلَةِ كَانَ إقْرَارُهُمْ بِاَللَّهِ مِنْ جِهَةِ رُبُوبِيَّتِهِ أَسْبَقَ مِنْ إقْرَارِهِمْ بِهِ مِنْ جِهَةِ أُلُوهِيَّتِهِ وَكَانَ الدُّعَاءُ لَهُ وَالِاسْتِعَانَةُ بِهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ فِيهِمْ أَكْثَرَ مِنْ الْعِبَادَةِ لَهُ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ . وَلِهَذَا إنَّمَا بَعَثَ الرُّسُلَ يَدْعُونَهُمْ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ الْمُسْتَلْزِمُ لِلْإِقْرَارِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } وَأَنَّهُمْ إذَا مَسَّهُمْ الضُّرُّ ضَلَّ مَنْ يَدْعُونَ إلَّا إيَّاهُ وَقَالَ : { وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ مُقِرُّونَ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَأَنَّهُمْ مُخْلِصُونَ لَهُ الدِّينَ إذَا مَسَّهُمْ الضُّرُّ فِي دُعَائِهِمْ وَاسْتِعَانَتِهِمْ ثُمَّ يُعْرِضُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ فِي حَالِ حُصُولِ أَغْرَاضِهِمْ . وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ إنَّمَا يُقَرِّرُونَ الْوَحْدَانِيَّةَ مِنْ جِهَةِ الرُّبُوبِيَّةِ وَأَمَّا الرُّسُلُ فَهُمْ دَعَوْا إلَيْهَا مِنْ جِهَةِ الْأُلُوهِيَّةِ وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَصَوِّفَةِ الْمُتَعَبِّدَةِ وَأَرْبَابِ الْأَحْوَالِ إنَّمَا تَوَجُّهُهُمْ إلَى اللَّهِ مِنْ جِهَةِ رُبُوبِيَّتِهِ ; لِمَا يَمُدُّهُمْ بِهِ فِي الْبَاطِنِ مِنْ الْأَحْوَالِ الَّتِي بِهَا يَتَصَرَّفُونَ وَهَؤُلَاءِ مِنْ جِنْسِ الْمُلُوكِ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ هَذَا الصِّنْفَ كَثِيرًا فَتَدَبَّرْ هَذَا فَإِنَّهُ تَنْكَشِفُ بِهِ أَحْوَالُ قَوْمٍ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْحَقَائِقِ وَيَعْمَلُونَ عَلَيْهَا وَهُمْ لَعَمْرِي فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَقَائِقِ الْكَوْنِيَّةِ الْقَدَرِيَّةِ الرُّبُوبِيَّةِ لَا فِي الْحَقَائِقِ الدِّينِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الْإِلَهِيَّةِ وَقَدْ تَكَلَّمْت عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ وَهُوَ أَصْلٌ عَظِيمٌ يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ .