سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بَحْرُ الْعُلُومِ إمَامُ الْأَئِمَّةِ نَاصِرُ السُّنَّةِ عَلَّامَةُ الْوَرَى وَارِثُ الْأَنْبِيَاءِ . أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ ابْنُ تيمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ كَلِمَاتٍ وُجِدَتْ بِخَطِّ مَنْ يُوثَقُ بِهِ ذَكَرَهَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ فِيهِمْ مَنْ انْتَسَبَ إلَى الدِّينِ . فَمِنْ ذَلِكَ : قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : إنَّ اللَّهَ لَطَفَ ذَاتَه فَسَمَّاهَا حَقًّا وَكَشَفَهَا فَسَمَّاهَا خَلْقًا . وَقَالَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ ابْنُ إسْرَائِيلَ : أَنَّ اللَّهَ ظَهَرَ فِي الْأَشْيَاءِ حَقِيقَةً وَاحْتَجَبَ بِهَا مَجَازًا فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ وَالْجَمْعِ : شَهِدَهَا مَظَاهِرَ وَمَجَالِيَ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَجَازِ وَالْفَرْقِ : شَهِدَهَا سُتُورًا وَحُجُبًا قَالَ : وَقَالَ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ : - لَقَدْ حَقَّ لِي رَفْضُ الْوُجُودِ وَأَهْلِهِ وَقَدْ عَلِقَتْ كَفَّايَ جَمْعًا بِمُوجِدِي ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةِ غَيَّرَ الْبَيْتَ بِقَوْلِهِ : - لَقَدْ حَقَّ لِي عِشْقُ الْوُجُودِ وَأَهْلِهِ فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : مَقَامُ الْبِدَايَةِ أَنْ يَرَى الْأَكْوَانَ حُجُبًا فَيَرْفُضُهَا ثُمَّ يَرَاهَا مَظَاهِرَ وَمَجَالِيَ فَيَحِقُّ لَهُ الْعِشْقُ لَهَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ : - أَقْبَلُ أَرْضًا سَارَ فِيهَا جَمَالُهَا فَكَيْفَ بِدَارِ دَارَ فِيهَا جَمَالُهَا قَالَ : وَقَالَ ابْنُ عَرَبِيٍّ عَقِيبَ إنْشَادِ بَيْتَيْ أَبِي نُوَاسٍ : - رَقَّ الزُّجَاجُ وَرَاقَتْ الْخَمْرُ وَتَشَاكَلَا فَتَشَابَهَ الْأَمْرُ فَكَأَنَّمَا خَمْرٌ وَلَا قَدَحٌ وَكَأَنَّمَا قَدَحٌ وَلَا خَمْرُ لَبِسَ صُورَةَ الْعَالَمِ ; فَظَاهِرُهُ خَلْقُهُ وَبَاطِنُهُ حَقُّهُ . وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : عَيْنُ مَا تَرَى ذَاتٌ لَا تَرَى وَذَاتٌ لَا تَرَى عَيْنُ مَا تَرَى اللَّهُ فَقَطْ وَالْكَثْرَةُ وَهْمٌ . قَالَ الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ ابْنُ سَبْعِينَ : رَبٌّ مَالِكٌ وَعَبْدٌ هَالِكٌ وَأَنْتُمْ ذَلِكَ . اللَّهُ فَقَطْ وَالْكَثْرَةُ وَهْمٌ . وَقَالَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ ابْنُ عَرَبِيٍّ : - يَا صُورَةَ أُنْسِ سِرُّهَا معنائي مَا خَلْقُك لِلْأَمْرِ تَرَى لِوَلَائِي شِئْنَاك فَأَنْشَأْنَاك خَلْقًا بَشَرًا لِتَشْهَدَنَا فِي أَكْمَلِ الْأَشْيَاءِ وَفِيهِ : طَلَبَ بَعْضُ أَوْلَادِ الْمَشَايِخِ مِنْ وَالِدِهِ الْحَجَّ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ : يَا بُنَيَّ طُفْ بِبَيْتِ مَا فَارَقَهُ اللَّهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ . قَالَ : وَقِيلَ عَنْ رَابِعَةَ العدوية : أَنَّهَا حَجَّتْ فَقَالَتْ : هَذَا الصَّنَمُ الْمَعْبُودُ فِي الْأَرْضِ وَاَللَّهِ مَا وَلَجَهُ اللَّهُ وَلَا خَلَا مِنْهُ . وَفِيهِ لِلْحَلَّاجِ : - سُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ ناسوته سِرُّ سَنَا لَاهُوتِهِ الثَّاقِبِ ثُمَّ بَدَا مُسْتَتِرًا ظَاهِرًا فِي صُورَةِ الْآكِلِ وَالشَّارِبِ قَالَ وَلَهُ : عَقَدَ الْخَلَائِقُ فِي الْإِلَهِ عقائدا وَأَنَا اعْتَقَدْت جَمْعَ مَا اعْتَقَدُوهُ وَلَهُ أَيْضًا : بَيْنِي وَبَيْنَك إني تُزَاحِمُنِي فَارْفَعْ بِحَقِّك إنيي مِنْ الْبَيْنِ قَالَ : وَقَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ السهروردي الْحَلَبِيُّ الْمَقْتُولُ : وَبِهَذِهِ الإنية الَّتِي طَلَبَ الْحَلَّاجُ رَفْعَهَا تَصَرَّفَتْ الْأَغْيَارُ فِي دَمِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ السَّلَفُ : الْحَلَّاجُ نِصْفُ رَجُلٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ تُرْفَعْ لَهُ الإنية بِالْمَعْنَى فَرُفِعَتْ لَهُ صُورَةً . وَفِيهِ لِمُحْيِي الدِّينِ ابْنِ عَرَبِيٍّ : - وَاَللَّهِ مَا هِيَ إلَّا حَيْرَةٌ ظَهَرَتْ وَبِي حَلَفَتْ وَإِنَّ الْمُقْسِمَ اللَّهُ وَقَالَ فِيهِ : الْمَنْقُولُ عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : إنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - اشْتَاقَ بِأَنْ يَرَى ذَاتَه الْمُقَدَّسَةَ فَخَلَقَ مِنْ نُورِهِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجَعَلَهُ كَالْمِرْآةِ يَنْظُرُ إلَى ذَاتِهِ الْمُقَدَّسَةِ فِيهَا وَإِنِّي أَنَا ذَلِكَ النُّورُ وَآدَمُ الْمِرْآةُ . قَالَ ابْنُ الْفَارِضِ فِي قَصِيدَتِهِ السُّلُوكِ : وَشَاهِدْ إذَا اسْتَجْلَيْت نَفْسَك مَنْ تَرَى بِغَيْرِ مِرَاءٍ فِي الْمِرْآةِ الصَّقِيلَةِ أَغَيْرُك فِيهَا لَاحَ أَمْ أَنْتَ نَاظِرٌ إلَيْك بِهَا عِنْدَ انْعِكَاسِ الْأَشِعَّةِ ؟ قَالَ : وَقَالَ ابْنُ إسْرَائِيلَ الْأَمْرُ أَمْرَانِ : أَمْرٌ بِوَاسِطَةِ وَأَمْرٌ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ فَالْأَمْرُ الَّذِي بِالْوَسَائِطِ رَدَّهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَبِلَهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَالْأَمْرُ الَّذِي بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } . فَقَالَ لَهُ فَقِيرٌ : إنَّ اللَّهَ قَالَ لِآدَمَ بِلَا وَاسِطَةٍ : لَا تَقْرَبُ الشَّجَرَةَ - فَقَرِبَ وَأَكَلَ . فَقَالَ : صَدَقْت وَذَلِكَ أَنَّ آدَمَ إنْسَانٌ كَامِلٌ ; وَلِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا عَلِيٌّ الْحَرِيرِيُّ : آدَمَ صَفِيُّ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ تَوْحِيدُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَكَانَ قَوْلُهُ لِآدَمَ " لَا تَقْرَبْ الشَّجَرَةَ " ظَاهِرًا وَكَانَ أَمْرُهُ " كُلْ " بَاطِنًا فَأَكَلَ فَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى . وَإِبْلِيسُ كَانَ تَوْحِيدُهُ ظَاهِرًا فَأُمِرَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَرَآهُ غَيْرًا فَلَمْ يَسْجُدْ . فَغَيْرُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَالَ : { اخْرُجْ مِنْهَا } . وَقَالَ شَخْصٌ لِسَيِّدِي يَا سَيِّدِي حَسَنُ إذَا كَانَ اللَّهُ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ } أيش نَكُونُ نَحْنُ ؟ فَقَالَ سَيِّدِي لَهُ : لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُ أَوْ تَظُنُّ فَقَوْلُهُ لَهُ : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ } عَيْنُ الْإِثْبَاتِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَمَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } { إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } . وَفِيهِ لِأَوْحَدِ الدِّينِ الكرماني : - مَا غِبْت عَنْ الْقَلْبِ وَلَا عَنْ عَيْنِي مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَنَا مِنْ بَيْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ : - لَا تَحْسَبْ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ تَنَالُ قُرْبًا وَدُنُوًّا مِنْ جَمَالٍ وَجَلَالٍ فَارِقْ ظُلْمَ الطَّبْعِ وَكُنْ مُتَّحِدًا بِاَللَّهِ وَإِلَّا كَلُّ دَعْوَاك مُحَالِ وَغَيْرُهُ لِلْحَلَّاجِ : - إذَا بَلَغَ الصَّبُّ الْكَمَالَ مِنْ الْهَوَى وَغَابَ عَنْ الْمَذْكُورِ فِي سَطْوَةِ الذِّكْرِ يُشَاهِدُ حَقًّا حِينَ يَشْهَدُهُ الْهَوَى بِأَنَّ صَلَاةَ الْعَارِفِينَ مِنْ الْكُفْرِ وَلِلشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ ابْنِ إسْرَائِيلَ . الْكَوْنُ يُنَادِيك أَلَا تَسْمَعُنِي مَنْ أَلَّفَ أَشْتَاتِي وَمَنْ فَرَّقَنِي اُنْظُرْ لِتَرَانِي مَنْظَرًا مُعْتَبَرًا مَا فِيَّ سِوَى وُجُودِ مَنْ أَوْجَدَنِي وَلَهُ أَيْضًا : - ذَرَّاتُ وُجُودِ الْكَوْنِ لِلْحَقِّ شُهُودُ أَنْ لَيْسَ لِمَوْجُودِ سِوَى الْحَقِّ وُجُودُ وَالْكَوْنُ وَإِنْ تَكَثَّرَتْ عِدَّتُهُ مِنْهُ وَإِلَى عُلَاهُ يَبْدُو وَيَعُودُ وَلَهُ أَيْضًا : - بَرِئْت إلَيْك مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي وَمِنْ ذَاتِي بَرَاءَةَ مُسْتَقِيلِ وَمَا أَنَا فِي طِرَازِ الْكَوْنِ شَيْءٌ لِأَنِّي مِثْلُ ظِلٍّ مُسْتَحِيلِ وَلِلْعَفِيفِ التلمساني : - أَحِنُّ إلَيْهِ وَهُوَ قَلْبِي وَهَلْ يَرَى سِوَايَ أَخُو وَجْدٍ يَحِنُّ لِقَلْبِهِ ؟ وَيَحْجُبُ طَرَفِي عَنْهُ إذْ هُوَ نَاظِرِي وَمَا بَعْدَهُ إلَّا لِإِفْرَاطِ قُرْبِهِ وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : التَّوْحِيدُ لَا لِسَانَ لَهُ وَالْأَلْسِنَةُ كُلُّهَا لِسَانُهُ . وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا : التَّوْحِيدُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْوَاحِدُ وَلَا تَصِحُّ الْعِبَارَةُ عَنْ الْوَاحِدِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ إلَّا بِغَيْرِهِ وَمَنْ أَثْبَتَ غَيْرًا فَلَا تَوْحِيدَ لَهُ . قَالَ : وَسَمِعْت الشَّيْخَ مُحَمَّدَ بْنَ بِشْرٍ النواوي يَقُولُ : وَرَدَ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْحَرِيرِيُّ إلَى جَامِعِ نَوَى قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ : فَجِئْت إلَيْهِ فَقَبَّلْت الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَجَلَسْت فَقَالَ : يَا بُنَيَّ وَقَفْت مَعَ الْمَحَبَّةِ مُدَّةً فَوَجَدْتهَا غَيْرَ الْمَقْصُودِ ; لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ غَيْرٍ لِغَيْرِ وَغَيْرُ مَا ثَمَّ ثُمَّ وَقَفْت مَعَ التَّوْحِيدِ مُدَّةً فَوَجَدْته كَذَلِكَ ; لِأَنَّ التَّوْحِيدَ لَا يَكُونُ إلَّا مَنْ عَبْدٍ لِرَبِّ وَلَوْ أَنْصَفَ النَّاسُ مَا رَأَوْا عَبْدًا وَلَا مَعْبُودًا . وَفِيهِ : سَمِعْت مِنْ الشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ ابْنِ إسْرَائِيلَ مِمَّا أَسَرَّ إلَيَّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ شَيْخِنَا الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْحَرِيرِيِّ فِي الْعَامِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ قَالَ يَا نَجْمُ رَأَيْت لَهَاتِي الْفَوْقَانِيَّةَ فَوْقَ السَّمَوَاتِ وَحَنَكِي تَحْتَ الْأَرْضِينَ وَنَطَقَ لِسَانِي بِلَفْظَةِ لَوْ سُمِعَتْ مِنِّي مَا وَصَلَ إلَى الْأَرْضِ مِنْ دَمِي قَطْرَةٌ . فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةِ قَالَ شَخْصٌ فِي حَضْرَةِ سَيِّدِي الشَّيْخِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرِيرِيِّ : يَا سَيِّدِي حَسَنُ مَا خَلَقَ اللَّهُ أَقَلَّ عَقْلًا مِمَّنْ ادَّعَى أَنَّهُ إلَهٌ مِثْلُ فِرْعَوْنَ ونمروذ وَأَمْثَالِهِمَا فَقَالَ : إنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ لَا يَقُولُهَا إلَّا أَجْهَلُ خَلْقِ اللَّهِ أَوْ أَعْرَفُ خَلْقِ اللَّهِ فَقُلْت لَهُ : صَدَقْت ; وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ سَمِعْت جَدَّك يَقُولُ : رَأَيْت كَذَا وَكَذَا ; فَذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ عَنْ الشَّيْخِ . وَفِيهِ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : مَنْ كَانَ عَيْنُ الْحِجَابِ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا حِجَابَ وَلَا مَحْجُوبَ . فَالْمَطْلُوبُ مِنْ السَّادَةِ الْعُلَمَاءِ : - أَنْ يُبَيِّنُوا هَذِهِ الْأَقْوَالَ وَهَلْ هِيَ حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ ؟ وَمَا يُعْرَفُ بِهِ مَعْنَاهَا ؟ وَمَا يُبَيِّنُ أَنَّهَا حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ ؟ وَهَلْ الْوَاجِبُ إنْكَارُهَا أَوْ إقْرَارُهَا أَوْ التَّسْلِيمُ لِمَنْ قَالَهَا ؟ وَهَلْ لَهَا وَجْهٌ سَائِغٌ ؟ وَمَا الْحُكْمُ فِيمَنْ اعْتَقَدَ مَعْنَاهَا إمَّا مَعَ الْمَعْرِفَةِ بِحَقِيقَتِهَا ؟ وَإِمَّا مَعَ التَّسْلِيمِ الْمُجْمَلِ لِمَنْ قَالَهَا . وَالْمُتَكَلّمونَ بِهَا هَلْ أَرَادُوا مَعْنًى صَحِيحًا يُوَافِقُ الْعَقْلَ وَالنَّقْلَ ؟ وَهَلْ يُمْكِنُ تَأْوِيلُ مَا يُشْكِلُ مِنْهَا وَحَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى ؟ وَهَلْ الْوَاجِبُ بَيَانُ مَعْنَاهَا وَكَشْفُ مَغْزَاهَا إذَا كَانَ هُنَاكَ نَاسٌ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَلَا يَعْرِفُونَ حَقِيقَتَهَا ؟ أَمْ يَنْبَغِي السُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ وَتَرْكُ النَّاسِ يُعَظِّمُونَهَا وَيُؤْمِنُونَ بِهَا مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِمَعْنَاهَا ؟ بَيِّنُوا ذَلِكَ مَأْجُورِينَ .
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ : التَّوْحِيدُ لَا لِسَانَ لَهُ وَالْأَلْسِنَةُ كُلُّهَا لِسَانُهُ ) - فَهَذَا أَيْضًا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْوَحْدَةِ وَهُوَ - مَعَ كُفْرِهِ - قَوْلٌ مُتَنَاقِضٌ فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ لِسَانَ الشِّرْكِ لَا يَكُونُ لَهُ لِسَانُ التَّوْحِيدِ وَأَنَّ أَقْوَالَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا : { لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا } وَاَلَّذِينَ قَالُوا : { مَا نَعْبُدُهُمْ إلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلَى اللَّهِ زُلْفَى } وَاَلَّذِينَ قَالُوا : { وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } { إنْ نَقُولُ إلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ } وَاَلَّذِينَ قَالُوا : { حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ } وَنَحْوَ هَؤُلَاءِ لَيْسَ هَذَا هُوَ لِسَانُ التَّوْحِيدِ . وَأَمَّا تَنَاقُضُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى أَصْلِهِمْ فَإِنَّ الْوُجُودَ إنْ كَانَ وَاحِدًا كَانَ إثْبَاتُ التَّعَدُّدِ تَنَاقُضًا فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ : الْوُجُودُ وَاحِدٌ وَقَالَ الْآخَرُ : لَيْسَ بِوَاحِدِ ; بَلْ مُتَعَدِّدٌ كَانَ هَذَانِ الْقَوْلَانِ مُتَنَاقِضَيْنِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا هُوَ الْآخَرُ . وَإِذَا قَالَ قَائِلٌ : الْأَلْسِنَةُ كُلُّهَا لِسَانُهُ : فَقَدْ صَرَّحَ بِالتَّعَدُّدِ فِي قَوْلِهِ : الْأَلْسِنَةُ كُلُّهَا وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا اللِّسَانُ هُوَ هَذَا اللِّسَانُ فَثَبَتَ التَّعَدُّدُ وَبَطَلَتْ الْوَحْدَةُ . وَكُلُّ كَلَامٍ لِهَؤُلَاءِ وَلِغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ أَصْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ إلَى إثْبَاتِ التَّعَدُّدِ . فَإِنْ قَالُوا : الْوُجُودُ وَاحِدٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْمَوْجُودَاتِ اشْتَرَكَتْ فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ فَهَذَا صَحِيحٌ ; لَكِنَّ الْمَوْجُودَاتِ الْمُشْتَرِكَاتِ فِي مُسَمَّى الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ وُجُودُ هَذَا عَيْنَ وُجُودِ هَذَا بَلْ هَذَا اشْتِرَاكٌ فِي الِاسْمِ الْعَامِّ الْكُلِّيِّ كَالِاشْتِرَاكِ فِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي يُسَمِّيهَا النُّحَاةُ اسْمَ الْجِنْسِ وَيُقَسِّمُهَا الْمَنْطِقِيُّونَ إلَى جِنْسٍ وَنَوْعٍ وَفَصْلٍ وَخَاصَّةٍ وَعَرَضٍ عَامٍّ . فَالِاشْتِرَاكُ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ : هُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِتَبَايُنِ الْأَعْيَانِ وَكَوْنُ أَحَدِ الْمُشْتَرِكَيْنِ لَيْسَ هُوَ الْآخَرَ . وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّ وُجُودَ الْحَقِّ مُبَايِنٌ لِوُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ مُبَايَنَةِ هَذَا الْمَوْجُودِ لِهَذَا الْمَوْجُودِ فَإِذَا كَانَ وُجُودُ الْفَلَكِ مُبَايِنًا مُخَالِفًا لِوُجُودِ الذَّرَّةِ وَالْبَعُوضَةِ ; فَوُجُودُ الْحَقِّ تَعَالَى أَعْظَمُ مُبَايَنَةً لِوُجُودِ كُلِّ مَخْلُوقٍ مِنْ مُبَايَنَةِ وُجُودِ ذَلِكَ الْمَخْلُوقِ لِوُجُودِ مَخْلُوقٍ آخَرَ . وَهَذَا وَغَيْرُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ بُطْلَانَ قَوْلِ ذَلِكَ الشَّيْخِ حَيْثُ قَالَ : لَا يَعْرِفُ التَّوْحِيدَ إلَّا الْوَاحِدُ وَلَا تَصِحُّ الْعِبَارَةُ عَنْ التَّوْحِيدِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ إلَّا بِغَيْرِ وَمَنْ أَثْبَتَ غَيْرًا فَلَا تَوْحِيدَ لَهُ . فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ - مَعَ كُفْرِهِ - مُتَنَاقِضٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ : لَا يَعْرِفُ التَّوْحِيدَ إلَّا وَاحِدٌ ) يَقْتَضِي أَنَّ هُنَاكَ وَاحِدًا يَعْرِفُهُ وَأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَعْرِفُهُ هَذَا تَفْرِيقٌ بَيْنَ مَنْ يَعْرِفُهُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَإِثْبَاتُ اثْنَيْنِ أَحَدِهِمَا يَعْرِفُهُ وَالْآخَرِ لَا يَعْرِفُهُ وَإِثْبَاتٌ لِلْمُغَايَرَةِ بَيْنَ مَنْ يَعْرِفُهُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ فَقَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا : وَمَنْ أَثْبَتَ غَيْرًا فَلَا تَوْحِيدَ لَهُ يُنَاقِضُ هَذَا . وَقَوْلُهُ : إنَّهُ لَا تَصِحُّ الْعِبَارَةُ عَنْ التَّوْحِيدِ : كُفْرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَبَّرَ عَنْ تَوْحِيدِهِ وَرَسُولِهِ عَبَّرَ عَنْ تَوْحِيدِهِ وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ ذِكْرِ التَّوْحِيدِ ; بَلْ إنَّمَا أَرْسَلَ اللَّهُ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ بِالتَّوْحِيدِ . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِي إلَيْهِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَصِحُّ عَنْهُ عِبَارَةً لَمَا نَطَقَ بِهِ أَحَدٌ . وَأَفْضَلُ مَا نَطَقَ بِهِ النَّاطِقُونَ : هُوَ التَّوْحِيدُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ } وَقَالَ : { مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ } . لَكِنَّ التَّوْحِيدَ الَّذِي يُشِيرُ إلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ - وَهُوَ وَحْدَةُ الْوُجُودِ ) - أَمْرٌ مُمْتَنِعٌ فِي نَفْسِهِ لَا يُتَصَوَّرُ تَحَقُّقُهُ فِي الْخَارِجِ فَإِنَّ الْوَحْدَةَ الْعَيْنِيَّةَ الشَّخْصِيَّةَ تَمْتَنِعُ فِي الشَّيْئَيْنِ الْمُتَعَدِّدَيْنِ وَلَكِنَّ الْوُجُودَ وَاحِدٌ فِي نَوْعِ الْوُجُودِ بِمَعْنَى أَنَّ اسْمَ الْمَوْجُودِ اسْمٌ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ كُلَّ أَحَدٍ كَمَا أَنَّ اسْمَ الْجِسْمِ وَالْإِنْسَانِ وَنَحْوِهِمَا : يَتَنَاوَلُ كُلَّ جِسْمٍ وَكُلَّ إنْسَانٍ وَهَذَا الْجِسْمُ لَيْسَ هُوَ ذَاكَ وَهَذَا الْإِنْسَانُ لَيْسَ هُوَ ذَاكَ وَكَذَلِكَ هَذَا الْوُجُودُ لَيْسَ هُوَ ذَاكَ . وَقَوْلُهُ : لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ إلَّا بِغَيْرِ يُقَالُ لَهُ ( أَوَّلًا التَّعْبِيرُ عَنْ التَّوْحِيدِ يَكُونُ بِالْكَلَامِ وَاَللَّهُ يُعَبِّرُ عَنْ تَوْحِيدِهِ بِكَلَامِهِ فَكَلَامُ اللَّهِ وعلمه وَقُدْرَتُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ : لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ اللَّهُ وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ اللَّهِ ; لِأَنَّ لَفْظَ الْغَيْرِ : قَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يُبَايِنُ غَيْرَهُ وَصِفَاتُ اللَّهِ لَا تُبَايِنُهُ وَيُرَادُ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ إيَّاهُ وَصِفَةُ اللَّهِ لَيْسَتْ إيَّاهُ فَفِي أَحَدِ الِاصْطِلَاحَيْنِ يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُهُ وَفِي الِاصْطِلَاحِ الْآخَرِ لَا يُقَالُ إنَّهُ غَيْرٌ . فَلِهَذَا لَا يُطْلَقُ أَحَدُهُمَا إلَّا مَقْرُونًا بِبَيَانِ الْمُرَادِ ; لِئَلَّا يَقُولَ الْمُبْتَدِعُ إذَا كَانَتْ صِفَةُ اللَّهِ غَيْرَهُ فَكُلُّ مَا كَانَ غَيْرَ اللَّهِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ فَيَتَوَسَّلُ بِذَلِكَ إلَى أَنْ يَجْعَلَ عِلْمَ اللَّهِ وَقُدْرَتَهُ وَكَلَامَهُ : لَيْسَ هُوَ صِفَةً قَائِمَةً بِهِ ; بَلْ مَخْلُوقَةً فِي غَيْرِهِ فَإِنَّ هَذَا فِيهِ مِنْ تَعْطِيلِ صِفَاتِ الْخَالِقِ وَجَحْدِ كَمَالِهِ مَا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْإِلْحَادِ وَهُوَ قَوْلُ الجهمية الَّذِينَ كَفَّرَهُمْ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ تَكْفِيرًا مُطْلَقًا ; وَإِنْ كَانَ الْوَاحِدُ الْمُعَيَّنُ لَا يَكْفُرُ إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا . وَأَيْضًا فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوُجُودِ غَيْرُهُ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْخَلْقِ وَأَكْلُهُمْ وَشُرْبُهُمْ وَنِكَاحُهُمْ وَزِنَاهُمْ وَكُفْرُهُمْ وَشِرْكُهُمْ وَكُلُّ مَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ الْقَبَائِحِ : هُوَ نَفْسُ وُجُودِ اللَّهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ جَعَلَ هَذَا صِفَةً لِلَّهِ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ كُفْرًا وَضَلَالًا فَمَنْ قَالَ إنَّهُ عَيْنُ وُجُودِ اللَّهِ : كَانَ أَكْفَرَ وَأَضَلَّ فَإِنَّ الصِّفَاتِ وَالْأَعْرَاضَ لَا تَكُونُ عَيْنَ الْمَوْجُودِ الْقَائِمِ بِنَفْسِهِ وَأَئِمَّةُ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ كَابْنِ عَرَبِيٍّ يَقُولُ : - وَكُلُّ كَلَامٍ فِي الْوُجُودِ كَلَامُهُ سَوَاءٌ عَلَيْنَا نَثْرُهُ وَنِظَامُهُ فَيَجْعَلُونَ كَلَامَ الْمَخْلُوقِينَ - مِنْ الْكُفْرِ وَالْكَذِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ - كَلَامًا لِلَّهِ . وَأَمَّا هَذَا الْمُلْحِدُ فَزَادَ عَلَى هَؤُلَاءِ فَجَعَلَ كَلَامَ الْخَلْقِ وَعِبَادَتَهُمْ نَفْسَ وُجُودِهِ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ كَلَامًا لَهُ بَلْ نَفَى أَنْ يَكُونَ هَذَا كَلَامًا لَهُ لِئَلَّا يُثْبِتَ غَيْرًا لَهُ . وَقَدْ عُلِمَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَبِالْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ الضَّرُورِيَّةِ : إثْبَاتُ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ فَإِنَّهُ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ هُوَ اللَّهَ وَلَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ . وَلِهَذَا أَنْكَرَ اللَّهُ عَلَى مَنْ عَبَدَ غَيْرَهُ - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرٌ لَمَا صَحَّ الْإِنْكَارُ - قَالَ تَعَالَى : { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } وَقَالَ تَعَالَى : { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ } وَقَالَ تَعَالَى : { أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا } .