وَسُئِلَ عَمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ . هَلْ يَسْتَدِينُ ؟
وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ وَتَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا يَجُوزُ الْحَجُّ عَنْهُ وَالصَّدَقَةُ عَنْهُ وَيُضَحَّى عَنْهُ فِي الْبَيْتِ وَلَا يُذْبَحُ عِنْدَ الْقَبْرِ أُضْحِيَّةً وَلَا غَيْرَهَا . فَإِنَّ فِي سُنَنِ أَبِي داود { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْعَقْرِ عِنْدَ الْقَبْرِ } حَتَّى كَرِهَ أَحْمَد الْأَكْلَ مِمَّا يُذْبَحُ عِنْدَ الْقَبْرِ ; لِأَنَّهُ يُشْبِهُ مَا يَذْبَحُ عَلَى النُّصُبِ . فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا } . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ : { لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا } وَقَالَ : { الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ } فَنَهَى عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَهَا ؟ لِئَلَّا يُشْبِهَ مَنْ يُصَلِّي لَهَا . وَكَذَلِكَ الذَّبْحُ عِنْدَهَا يُشْبِهُ مَنْ ذَبَحَ لَهَا . وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَذْبَحُونَ لِلْقُبُورِ وَيُقَرِّبُونَ لَهَا الْقَرَابِينَ وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا مَاتَ لَهُمْ عَظِيمٌ ذَبَحُوا عِنْدَ قَبْرِهِ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وَغَيْرَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِلْمَيِّتِ . فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ . وَلَوْ نَذَرَ ذَلِكَ نَاذِرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُوَفِّيَ بِهِ . وَلَوْ شَرَطَهُ وَاقِفٌ لَكَانَ شَرْطًا فَاسِدًا . وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ عِنْدَ الْقَبْرِ كَرِهَهَا الْعُلَمَاءُ وَشَرْطُ الْوَاقِفِ ذَلِكَ شَرْطٌ فَاسِدٌ . وَأَنْكَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُوضَعَ عَلَى الْقَبْرِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ لِيَأْخُذَهُ النَّاسُ فَإِنَّ هَذَا وَنَحْوَهُ مِنْ عَمَلِ كَفَّارٍ التُّرْكِ لَا مِنْ أَفْعَالِ الْمُسْلِمِينَ .