تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ جَارِهِ ثُمَّ اُضْطُرَّ إلَى الدُّخُولِ فَدَخَلَ : فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى لُزُومِهَا ؟
12345678
وَأَمَّا التَّعْلِيقُ الْمَحْضُ كَقَوْلِهِ : إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ . فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لَهُمْ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ أَحْمَد فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَيْسَ بِيَمِينِ كَاخْتِيَارِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى . وَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِ أَحْمَد فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ : هُوَ يَمِينٌ كَاخْتِيَارِ أَبِي الْخَطَّابِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ } وَهَذَا عَامٌّ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ يَمِينٍ فِيهَا هَذَا فَمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ هَذَا فَلَيْسَ بِيَمِينِ . " وَالْمَقْصُودُ " هُنَا ذَكَرَ تَحْرِيرِ الْمَنْقُولِ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ . وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الدَّلَائِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : لَا طَلَاقَ إلَّا عَنْ وَطَرٍ وَلَا عِتْقَ إلَّا مَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَيْسَ لَهُ غَرَضٌ بِالطَّلَاقِ وَلَا هُوَ مُتَقَرِّبٌ بِالْعِتْقِ ; بَلْ هُوَ حَالِفٌ بِهِمَا ; وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَقَدْ قِيلَ : إنَّ فِيهِ كَفَّارَةً . وَقِيلَ : لَا كَفَّارَةَ فِيهِ . وَهَذَا الثَّانِي قَوْلُ داود وَأَصْحَابِهِ . وَالشِّيعَةُ يَقُولُونَ : لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ . وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِ التَّكْفِيرِ ضَعِيفًا أَيْضًا وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْهُ . وَالْقَوْلُ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ طَاوُوسٍ وَغَيْرِهِ ; وَهُوَ مُقْتَضَى أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَبِهِ أَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفْتِينَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الطَّلَاقَ أَوْلَى أَلَّا يَقَعَ مِنْ الْعِتْقِ فَإِذَا أَفْتَى الصَّحَابَةُ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ فَالطَّلَاقُ أَوْلَى ; وَلَكِنَّ أَبَا ثَوْرٍ لَمْ يَبْلُغْهُ فِي الطَّلَاقِ شَيْءٌ فَقَالَ ; الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ أَيْضًا ; إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إجْمَاعٌ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ .