تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ جَارِهِ ثُمَّ اُضْطُرَّ إلَى الدُّخُولِ فَدَخَلَ : فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى لُزُومِهَا ؟
12345678
وَأَمَّا إذَا قَالَ : إذَا فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدِي أَوْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي وَمَالِي صَدَقَةٌ وَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ فَعَلَيَّ صَوْمُ كَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُنَا يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ . وَيُقَالُ : إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إلَيْهَا وَقَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَيُسَمِّيه الْفُقَهَاءُ " نَذَرَ اللَّجَاجَ وَالْغَضَبَ " . هَذَا إذَا كَانَ الْمَنْذُورُ قُرْبَةً : كَانَ الْعِتْقُ وَنَحْوُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً كَالطَّلَاقِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي رِوَايَةٍ ; لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْهُ : أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ . فَنَذْرُ التَّبَرُّرِ " مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُ النَّاذِرِ حُصُولَ الشَّرْطِ وَيَلْتَزِمُ فِعْلَ الْجَزَاءِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى ; كَقَوْلِهِ : إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ كَذَا أَوْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ : فَهَذَا النَّذْرُ عَلَيْهِ أَنْ يُوفِيَ بِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . وَأَمَّا " نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " فَقَصْدُ النَّاذِرِ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّرْطُ وَلَا الْجَزَاءُ : مِثْلَ أَنْ يُقَالَ لَهُ : سَافِرْ مَعَ فُلَانٍ . فَيَقُولُ : إنْ سَافَرْت فَعَلَيَّ صَوْمُ كَذَا وَكَذَا أَوْ عَلَيَّ الْحَجُّ . فَمَقْصُودُهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ الشَّرْطَ وَلَا الْجَزَاءَ وَكَمَا لَوْ قَالَ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا . أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ ; فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فَلَا يَكْفُرُ بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ . وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ; بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : إنْ أَعْطَيْتُمُونِي الدَّرَاهِمَ كَفَرْت فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِذَلِكَ ; بَلْ يُنَجَّزُ كُفْرُهُ ; لِأَنَّهُ قَصَدَ حُصُولَ الْكُفْرِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ . فَطَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ نَظَرُوا إلَى لَفْظِ النَّاذِرِ فَقَالُوا : قَدْ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِشَرْطِ فَيَجِبُ وُجُودُهُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ ; وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ " نَذْرِ اللَّجَاجِ " و " نَذْرِ التَّبَرُّرِ " . وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْمُحَقِّقُونَ فَقَالُوا : الِاعْتِبَارُ بِمَعْنَى اللَّفْظِ . وَالْمُشْتَرِطُ هُنَا قَصْدُهُ وُجُودَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ ; وَهُنَاكَ قَصْدُهُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا وَلَا هَذَا ; وَلِهَذَا يَحْلِفُ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ تَارَةً . وَبِصِيغَةِ الْقَسَمِ أُخْرَى . مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : عَلَيَّ الْحَجُّ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا فَعَلْت كَذَا أَوْ عَلَيَّ الْعِتْقُ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ لَا فَعَلْت كَذَا . وَهَذَا حُجَّةُ مَنْ أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ فِي الْعِتْقِ وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ ; فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُ : سَافِرْ . فَقَالَ : عَلَيْهِ الْعِتْقُ أَوْ الطَّلَاقُ لَا يَفْعَلُ كَذَا أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا فَعَبْدُهُ حُرٌّ أَوْ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ : فَقَصْدُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّرْطُ وَلَا الْجَزَاءُ : فَهُوَ حَالِفٌ بِذَلِكَ ; لَا مُوقِعَ لَهُ . قَالُوا : وَهَذَا الْحَالِفُ الْتَزَمَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فَهُوَ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ إيقَاعَهُ بِأَنْ يَقُولَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ أَوْ أُطَلِّقَ . وَلَوْ قَالَ هَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُطَلِّقَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ; لَكِنْ فِي وُجُوبِ الْإِعْتَاقِ قَوْلَانِ . فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ ; لَكِنْ الشَّافِعِيُّ يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ يُعْتِقْ وَلَا يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ إذَا لَمْ يُطَلِّقْ . فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ . وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد . وَأَحْمَد يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ فِيهِمَا عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَهُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ; لِأَنَّ الْمَنْذُورَ إذَا لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِعْلُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الْمَشْهُورِ : لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ . وَمَذْهَبُ أَحْمَد الْمَشْهُورُ : عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ . قَالَ هَؤُلَاءِ : الْتِزَامُهُ الْوُقُوعَ كَالْتِزَامِهِ الْكُفْرَ ; وَلَوْ الْتَزَمَهُ لَمْ يَكْفُرْ بِالِاتِّفَاقِ ; بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي إحْدَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ . قَالَ الْمُوقِعُونَ لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ : الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ هُنَا الْتَزَمَ حُكْمًا شَرْعِيًّا وَهُوَ الْوُقُوعُ وَهُنَاكَ الْتَزَمَ فِعْلًا مِنْ أَفْعَالِهِ وَهُوَ الْإِيقَاعُ كَقَوْلِهِ : فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ عَلَيَّ الصَّوْمُ أَوْ عَلَيَّ الصَّدَقَةُ وَهُوَ فِي الْفِعْلِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ وَيُكَفِّرَ ; بِخِلَافِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى . قَالُوا : وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْخُلْعَ جَائِزٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إنْ أَعْطَيْتِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ . فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ . فَيُقَاسُ عَلَيْهِ سَائِرُ الشُّرُوطِ إذَا عُلِّقَ بِهَا الطَّلَاقُ وَقَعَ وَكَذَلِكَ ثَبَتَ جَوَازُ الْكِتَابَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَفِي مَعْنَاهَا مَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ : إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ حُرٌّ ; وَكَذَلِكَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ . فَهَذَا مُنْتَهَى مَا يَحْتَجُّ بِهِ هَؤُلَاءِ . وَأَمَّا أُولَئِكَ فَيَقُولُونَ . قَوْلُكُمْ إنَّ اللَّازِمَ بِهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُنَاكَ فِعْلُ غَلَطٍ ; بَلْ اللَّازِمُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ ; لَكِنْ فِي إحْدَاهُمَا وُقُوعٌ وَفِي الْآخِرَةِ وُجُوبٌ . فَقَوْلُهُ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ . إنَّمَا يَكُونُ فِيهِ وُجُوبُ الْحَجِّ ; لَا نَفْسُ فِعْلِهِ . ثُمَّ يُقَالُ : لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ حُكْمًا شَرْعِيًّا أَوْ أَنْ يَكُونَ مُلَازِمًا لَهُ . كَالسَّبَبِ وَالْمُسَبِّبِ اللَّازِمِ لَهُ ; فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا . فَقَدْ الْتَزَمَ حُكْمًا وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ بِلَا نِزَاعٍ . وَأَيْضًا فَلَوْ قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الصَّوْمُ ; أَوْ فَعَلَيَّ الْحَجُّ . فَالْجَزَاءُ وُجُوبُ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ . ثُمَّ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ بِحُكْمِ الْوُجُوبِ فَالْوُجُوبُ هُوَ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ ; لَيْسَ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ نَفْسَ فِعْلِهِ ; إذْ لَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ نَفْسَ فِعْلِهِ لَوُجِدَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ اللُّغَوِيِّ وَلَكِنَّ الْمُعَلَّقَ وُجُوبُ الْإِعْتَاقِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْتِزَامِ هَذَا الْوُجُوبِ ; وَبَيْنَ التَّكْفِيرِ . وَفِيمَا إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ . فَالْجَزَاءُ نَفْسُ الْحُرِّيَّةِ وَمُقْتَضَاهَا تَحْرِيمُ اسْتِعْبَادِهِ وَكَذَلِكَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مُوجِبُهُ تَحْرِيمُ اسْتِمْتَاعِهِ . فَالتَّحْرِيمُ هُنَا مُوجِبُ الْجَزَاءِ ; لَا نَفْسُ الْجَزَاءِ . وَهَذَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَالْإِخْبَارِ ; وَذَلِكَ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ . وَكَذَا قَوْلُهُ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي صَدَقَةٌ ; فَإِنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ يَصِيرَ الْمَالُ صَدَقَةً . فَهَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ ; لَا فِعْلٌ ; لَكِنْ إذَا صَارَ صَدَقَةً لَزِمَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ . وَلَوْ قَالَ : فَعَبْدِي حُرٌّ الْتَزَمَ أَنْ يَصِيرَ حُرًّا فَلَوْ قَالَ . فَعَلَيَّ أَنَّ أَعْتِقَ هَذَا فَالْمُلْتَزِمُ وُجُوبُ الْعِتْقِ . ثُمَّ إذَا وَجَبَ كَانَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ . وَمَعَ هَذَا فَلَهُ رَفْعُ الْوُجُوبِ ; وَإِذَا قَالَ : فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ الْتَزَمَ نَفْسَ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ إذَا صَارَ حُرًّا كَانَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا صَارَتْ طَالِقَةً ثَلَاثًا كَانَ عَلَيْهِ إرْسَالُهَا وَأَنْ لَا يَخْلُوَ بِهَا وَلَا يَطَأَهَا . فَالنَّاذِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْتَزَمَ الْحُكْمَ وَالْفِعْلُ يَتْبَعُهُ . ثُمَّ إذَا فَعَلَ مَا أَوْجَبَهُ فَهُوَ الْإِيقَاعُ لِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ : حَصَلَ الْوُقُوعُ . فَمُوجِبُ التَّعْلِيقِ وُجُوبٌ يَتْبَعُهُ إيقَاعٌ وَوُقُوعٌ . ثُمَّ إذَا قَصَدَ بِهَذَا التَّعْلِيقِ الْيَمِينَ صَارَ يَمِينًا ; وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْوُجُوبُ وَلَا الْإِيقَاعُ وَلَا الْوُقُوعُ . فَإِذَا كَانَ قَصْدُ الْيَمِينِ مَنْعَ الثَّلَاثَةِ فَلَأَنْ يُمْنَعَ وَاحِدٌ مِنْهَا وَهُوَ الْوُقُوعُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . قَالُوا : وَلِأَنَّ الْمُظَاهِرَ وَالْمُحَرِّمَ إذَا قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ . إنَّمَا الْتَزَمَ حُكْمًا شَرْعِيًّا ; لَمْ يُلْتَزَمْ فِعْلًا . وَمَعَ هَذَا فَدَخَلَتْ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ . قَالُوا : فَكَمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُلْتَزَمُ وُجُوبَ الْعِتْقِ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَهُ أَوْ يُكَفِّرَ فَكَذَلِكَ إذَا الْتَزَمَ وُقُوعَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ وُقُوعَهُ فَيُعْتِقَهُ وَيُرْسِلَ الْعَبْدَ فَيَكُونُ إعْتَاقُهُ إرْسَالَهُ إمْضَاءً لِلْمَنْذُورِ ; وَبَيْنَ أَنْ لَا يُعْتِقَهُ وَلَا يُرْسِلَهُ فَلَا يُكَفِّرَ إمْضَاءً لَهُ ; بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ كَمَا إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَهَذَا الْمَالُ صَدَقَةٌ أَوْ هَذَا الْبَعِيرُ هَدْيٌ وَحِنْثٌ . فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْمَالِ وَيُرْسِلَ الْبَعِيرَ هَدْيًا ; فَيَكُونُ قَدْ الْتَزَمَ مُوجِبَ كَوْنِهِ صَدَقَةً وَهَدْيًا ; وَبَيْنَ أَنْ يُكَفِّرَ وَيُمْسِكَ الْمَالَ وَالْهَدْيَ فَلَا يُرْسِلُهُ . وَأَمَّا إذَا الْتَزَمَ مُحَرَّمًا ; مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ إهَانَةُ الْمُصْحَفِ ; وَنَحْوَ ذَلِكَ . فَهُنَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ النِّزَاعُ الْمُتَقَدِّمُ ; وَكَذَلِكَ إذَا الْتَزَمَ حُكْمًا لَا يَجُوزُ الْتِزَامُهُ مِثْلَ قَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ . فَهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْتِزَامُ الْكُفْرِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَوْ قَصَدَ ذَلِكَ لَكَانَ كَافِرًا بِالْقَصْدِ . وَالْمَقْصُودُ : أَنَّهُ لَا فَرْقَ لَا فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي الْعُرْفِ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْحُكْمَ الْمُوجِبَ عَلَيْهِ فِعْلًا يَقْتَضِي ذَلِكَ الْفِعْلَ حُكْمًا آخَرَ يَقْتَضِي وُجُوبَ فِعْلٍ أَوْ تَحْرِيمِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْحُكْمَ الْمُقْتَضِيَ لِوُجُوبِ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَوْ تَحْرِيمِهِ . فَالْتِزَامُ وُجُوبِ الْفِعْلِ الَّذِي يَقْتَضِي ذَلِكَ الْحُكْمَ كَمَا إذَا قَالَ : فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ أَوْ أَعْتِقَ . فَإِنَّهُ الْتَزَمَ وُجُوبَ الطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ وَالتَّطْلِيقِ وَذَلِكَ فِعْلٌ مِنْهُ يُوجِبُ حُكْمًا وَهُوَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْتِزَامَهُ لِوُجُوبِ الْفِعْلِ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْوُقُوعُ أَقْوَى مِنْ الْتِزَامِهِ الْوُقُوعَ ; فَإِنَّهُ هُنَاكَ الْتَزَمَ حُكْمَيْنِ وَفِعْلَيْنِ وَهُوَ هُنَا الْتَزَمَ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ وَأَحَدَ الْفِعْلَيْنِ فَاَلَّذِي الْتَزَمَهُ فِي مَوَارِدِ النِّزَاعِ فِي بَعْضِ مَا الْتَزَمَهُ فِي مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ . فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ هَذَا فَذَاكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . فَهُوَ فِي مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ إذَا قَصَدَ بِالتَّعْلِيقِ الْيَمِينَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْنَثَ وَيُكَفِّرَ يَمِينَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُوفِيَ بِمَا الْتَزَمَهُ فَيُوقِعُ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ وَالصَّدَقَةَ فَكَذَلِكَ الَّذِي الْتَزَمَهُ فِي مَوَاقِعِ النِّزَاعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . وَالْحِنْثُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ يَكُونُ بِأَنْ يُوجَدَ الشَّرْطُ وَلَا يُوجَدَ الْجَزَاءُ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ . فَإِذَا قَالَ : إذَا فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الْعِتْقُ أَوْ الطَّلَاقُ : لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إذَا فَعَلَهُ وَلَمْ يُوجَدْ الْجَزَاءُ الْمُعَلَّقُ بِهِ فَإِنْ أَوْقَعَ الْجَزَاءَ الْمُعَلَّقَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ ; كَمَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ الْتَزَمَ فِعْلًا كَقَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا عَتَقَ عَبْدِي أَوْ طَلُقَتْ امْرَأَتِي . فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ : فَعَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي أَوْ طَلَاقُ امْرَأَتِي . فَالْتِزَامُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مُتَضَمِّنٌ لِالْتِزَامِ الْآخَرِ ; فَإِنَّ الْوُجُوبَ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهِ فِعْلَ الْوَاجِبِ وَالتَّحْرِيمَ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ فِعْلَ الْمُحَرَّمِ . وَالْإِيجَابُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْوُجُوبِ ; وَالتَّحْرِيمُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحُرْمَةِ . وَالْوُجُوبُ يَقْتَضِي الْفِعْلَ وَالْإِيقَاعُ مُسْتَلْزِمُ الْوُقُوعِ مُقْتَضٍ لِلْحُرْمَةِ وَالْحُرْمَةُ مُقْتَضِيَةٌ لِلتَّرْكِ . فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْإِيجَابَ وَالْوُجُوبَ وَالْفِعْلَ أَوْ التَّحْرِيمَ أَوْ الْحُرْمَةَ أَوْ الْإِيقَاعَ أَوْ الْوُقُوعَ أَوْ الْحُرْمَةَ الَّتِي هِيَ مُوجَبُ ذَلِكَ . قَالَ هَؤُلَاءِ : وَأَمَّا حُجَّةُ مَنْ احْتَجَّ بِالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَتَعْلِيقِ ذَلِكَ بِعِوَضِ فَجَوَابُهُ عِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ - ابْنِ حَزْمٍ وَنَحْوِهِ - أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : لَا يَقَعُ شَيْءٌ مِنْ الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ ; بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ وَمَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِإِبَاحَتِهِ فِي الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ فَهُوَ عِنْدَهُمْ بَاطِلٌ . وَلَا يَكْتَفُونَ فِي ذَلِكَ بِالْأَدِلَّةِ الْعَامَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ وَالْعَهْدِ وَتَحْرِيمِ الْغَدْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ; لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ هَذِهِ النُّصُوصَ مَنْسُوخَةٌ . وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَاسْمُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي الْقُرْآنِ يَتَنَاوَلُ الْمُنْجَزَ وَالْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الشَّرْطِ ; فَإِنَّ كِلَاهُمَا دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى التَّطْلِيقِ ; بِخِلَافِ مَا يُكْرَهُ وُقُوعُهُ عِنْدَ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَمِينٌ دَاخِلُ فِي مُسَمَّى التَّطْلِيقِ . وَعَلَى هَذَا فَالْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ الْأَئِمَّةِ وَالْجُمْهُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّرْطِ الْمَقْصُودِ وُجُودُهُ وَالشَّرْطِ الْمَقْصُودِ عَدَمُهُ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ الَّذِي عُلِّقَ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْحَلِفُ وَلَا يُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ . وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ الصَّحَابَةِ ; لَا يُعْرَفُ عَنْهُمْ فِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ . فَيُقَالُ : إنَّهُ هُنَا قَصَدَ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ كَمَا قَصَدَ ذَاكَ نَذْرَ التَّبَرُّرِ . فَكَمَا أَنَّهُ فَرَّقَ فِي النُّذُورِ الْمُعَلَّقَةِ بِالشُّرُوطِ بَيْنَ مَا يَقْصِدُ فِيهِ ثُبُوتَهَا وَبَيْنَ مَا يَقْصِدُ فِيهِ نَفْيَهَا ; كَذَلِكَ هَذَا . فَإِنَّ هَذَا جَمِيعُهُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَهِيَ أَحْكَامٌ مُعَلَّقَةٌ بِشُرُوطِ وَإِذَا كَانَ الشَّرْعُ أَوْ الْعَقْلُ وَالْعُرْفُ تَفَرَّقَ فِي الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِالشُّرُوطِ اللُّغَوِيَّةِ بَيْنَ مَا يَقْصِدُ ثُبُوتَهُ وَبَيْنَ مَا يَقْصِدُ انْتِفَاءَهُ - كَمَا اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ الصَّحَابَةُ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - لَمْ يَجُزْ تَسْوِيَةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ . وَإِنَّمَا يَحْسُنُ الِاحْتِجَاجُ بِالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ كُلُّ مَنْ يَمْنَعُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ جُمْلَةً كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ حَزْمٍ وَالْإِمَامِيَّةِ أَوْ بَعْضِهِمْ ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ : إنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطِ لَا يَقَعُ بِحَالِ ; بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ عِنْدَهُمْ مِنْ الطَّلَاقِ إلَّا مَا ثَبَتَ أَنَّ الشَّارِعَ أَذِنَ فِيهِ . قَالُوا : وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ أَذِنَ فِي هَذَا فَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِالْقِيَاسِ وَجَعَلُوا مَا نُقِلَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْحَلِف بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ حُجَّةً لَهُمْ ; وَلَيْسَ بِحُجَّةِ لَهُمْ ; فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ طاوس أَنَّهُ لَا يَرَى الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ شَيْئًا وَهَذَا لَا يَقْضِي أَنَّهُ لَا يَرَى تَعْلِيقَهُ بِالشُّرُوطِ بِحَالِ بَلْ قَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الشَّرْطِ الْمَقْصُودِ ثُبُوتُهُ وَالْمَقْصُودِ عَدَمُهُ كَمَا أَنَّ هَذَا هُوَ قَوْلُ طَاوُوسٍ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ " نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " وَلِهَذَا لَمَّا دَخَلَ الشَّافِعِيُّ مِصْرَ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ فَعَلَيَّ الصَّوْمُ . فَأَفْتَاهُ الشَّافِعِيُّ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَكَانَ الْغَالِبُ عَلَى أَهْلِ مِصْرَ قَوْلَ مَالِكٍ : إنَّ عَلَيْهِ الْحَجَّ وَالصَّوْمَ . وَمَعَ هَذَا فَلَمَّا حَنِثَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاسِمُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ أَفْتَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْقَاسِمُ - الَّذِي هُوَ الْعُمْدَةُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ . وَقَالَ : أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَإِنْ عُدْت أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ مَالِكٍ . وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ مَالِكٍ يُرَجِّحُونَ الْإِفْتَاءَ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ آخِرًا . وَأَمَّا جُمْهُورُ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّكْفِيرِ وَبَيْنَ فِعْلِ الْمُلْتَزِمِ . وَعَنْ أَحْمَد رِوَايَةٌ : أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ عَيْنًا وَيَذْكُرُ قَوْلًا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ . كَذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفْتِينَ أَصْحَابِ مَالِكٍ يُفْتُونَ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَيَحْتَجُّونَ بِمَا رَوَوْهُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كُلُّ يَمِينٍ وَإِنْ عَظُمَتْ فَكَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ . وَهَذَا قَوْلُ طاوس وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ السَّلَفِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الصَّحَابَةِ . وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مَسَائِلُ جَلِيلَةٌ تَحْتَاجُ إلَى بَسْطٍ طَوِيلٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .