تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ تيمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - : فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مُسْتَشْهِدًا بِهِ فِي صَحِيحِهِ ؟ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَادِي بِصَوْتِ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ : أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ } وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا آدَمَ قُمْ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ فَيُنَادِي بِصَوْتِ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُك أَنْ تَبْعَثَ بَعْثَ النَّارِ } الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ . . . فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ : لَا يَثْبُتُ لِلَّهِ صِفَةٌ بِحَدِيثِ وَاحِدٍ . فَمَا الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَالنَّظَرِ وَالْأَمْثَالِ وَالنَّظَائِرِ وَابْسُطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ ؟ ؟
123456789
الْوَجْهُ الثَّامِنُ أَنْ يُقَالَ : " كَلَامُ اللَّهِ " إمَّا أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا مُنْفَصِلًا عَنْهُ وَلَمْ يَقُمْ بِذَاتِهِ كَلَامٌ - كَمَا يَقُولُهُ الجهمية : مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ - وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ قَائِمًا بِهِ . وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَدِلَّةِ بُطْلَانِهِ مِنْ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ كَثِيرَةٌ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ . وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ قَائِمًا بِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُقَالَ : لَمْ يَقُمْ بِهِ إلَّا الْمَعْنَى كَمَا يَقُولُهُ ابْنُ كُلَّابٍ وَأَتْبَاعُهُ ; وَإِمَّا أَنْ يَقُومَ بِهِ الْمَعْنَى وَالْحُرُوفُ وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ : أَمَّا ( أَوَّلًا فَلِأَنَّ " الْمَعْنَى الْوَاحِدَ " يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَالْخَبَرَ وَأَنْ يَكُونَ هُوَ مَدْلُولَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ . وَأَمَّا ( ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُجَرَّدَ لَا يُسْمَعُ وَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَسْمُوعٌ مِنْهُ كَمَا سَمِعَهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ; وَلِهَذَا كَانَ مُحَقِّقُو مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُوَ مُجَرَّدُ الْمَعْنَى يَقُولُ : إنَّهُ لَا يُسْمَعُ وَلَكِنَّ " طَائِفَةً مِنْهُمْ " زَعَمَتْ أَنَّهُ يُسْمَعُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمْ : إنَّ السَّمْعَ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ مَوْجُودٍ وَالرُّؤْيَةَ بِكُلِّ مَوْجُودٍ وَالشَّمَّ وَالذَّوْقَ وَاللَّمْسَ بِكُلِّ مَوْجُودٍ وَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ يَقُولُونَ إنَّ فَسَادَ هَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ الْعَقْلِ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا أَنْكَرَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ . وَأَمَّا " ثَالِثًا " فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ إلَّا مَعْنًى لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ تَكْلِيمِ اللَّهِ لِمُوسَى وَإِيحَائِهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ التَّكْلِيمِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَالتَّكْلِيمِ إيحَاءً ; فَإِنَّ إيصَالَ مَعْرِفَةِ الْمَعْنَى الْمُجَرَّدِ إلَى الْقُلُوبِ يَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ ; وَلِهَذَا قَالَ مَنْ بَنَى عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْفَاسِدِ : إنَّ الْوَاحِدَ مِنْ أَهْلِ الرِّيَاضَةِ قَدْ يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ كَمَا سَمِعَهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي " الْإِحْيَاءِ " وَنَحْوِهِ وَصَارَ الْوَاحِدُ مِنْ هَؤُلَاءِ يَظُنُّ أَنَّ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْإِلْهَامَاتِ هِيَ مِثْلُ تَكْلِيمِ اللَّهِ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ . وَدَخَلَتْ " الْفَلَاسِفَةُ " مِنْ هَذَا الْبَابِ فَزَعَمُوا أَنَّ تَكْلِيمَ اللَّهِ لِمُوسَى إنَّمَا هُوَ فَيْضٌ فَاضَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ وَأَنَّ " كَلَامَ اللَّهِ " لَيْسَ إلَّا مَا يَحْصُلُ فِي النُّفُوسِ مِنْ الْمُخَاطَبَاتِ كَمَا أَنَّ " الْمَلَائِكَةَ " مَا يَحْصُلُ فِي الْقُلُوبِ مِنْ الصُّوَرِ الْخَيَالِيَّةِ وَمِثْلُ هَذَا قَدْ يَحْصُلُ فِي الْيَقَظَةِ وَالْمَنَامِ . فَجَعَلُوا تَكْلِيمَ اللَّهِ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ مَنْ جِنْسِ مَنْ يَرَى رَبَّهُ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يُكَلِّمُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهُوَ لَازِمٌ لِقَوْلِ مَنْ جَعَلَ كَلَامَ اللَّهِ مَعْنًى مُجَرَّدًا وَإِذَا كَانَ اللُّزُومُ مَعْلُومَ الْفَسَادِ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ عُلِمَ فَسَادُ اللَّازِمِ . وَأَمَا " رَابِعًا " فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ إلَّا مُجَرَّدَ الْمَعَانِي لَكَانَ الْمَخْلُوقُ أَكْمَلَ مِنْ الْخَالِقِ ; فَإِنَّا كَمَا نَعْلَمُ أَنَّ الْحَيَّ أَكْمَلُ مِنْ الْمَيِّتِ وَأَنَّ الْعَالِمَ أَكْمَلُ مِنْ الْجَاهِلِ وَالْقَادِرَ أَكْمَلُ مِنْ الْعَاجِزِ وَالنَّاطِقَ أَكْمَلُ مِنْ الْأَخْرَسِ ; فَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ النَّاطِقَ بِالْمَعَانِي وَالْحُرُوفِ أَكْمَلُ مِمَّنْ لَا يَكُونُ نَاطِقًا إلَّا بِالْمَعَانِي دُونَ الْحُرُوفِ وَإِذَا كَانَ الرَّبُّ يَمْتَنِعُ أَنْ يُوصَفَ بِصِفَاتِ النَّقْصِ وَيَجِبَ اتِّصَافُهُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَيَمْتَنِعَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَخْلُوقِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ مَا لَا يَكُونُ لِلْخَالِقِ : امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالْكَلَامِ النَّاقِصِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَخْلُوقُ أَكْمَلَ مِنْهُ فِي اتِّصَافِهِ بِالْكَلَامِ التَّامِّ وَلِهَذَا كَانَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ مُفَضَّلًا عَلَى غَيْرِهِ بِتَكْلِيمِ اللَّهِ إيَّاهُ : كَلَّمَهُ كَلَامًا سَمِعَهُ مُوسَى مِنْ اللَّهِ فَكَانَ تَكْلِيمُهُ لَهُ بِصَوْتِهِ أَفْضَلَ مِمَّنْ أَوْحَى إلَى قَلْبِهِ مَعَانِيَ مُجَرَّدَةً لَمْ يَسْمَعْهَا بِأُذُنِهِ . وَأَمَا " خَامِسًا " فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ إلَّا مَعْنًى مُجَرَّدًا لَكَانَ نِصْفُ الْقُرْآنِ كَلَامَ اللَّهِ وَنَصِفُهُ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ ; فَالْمَعْنَى كَلَامُ اللَّهِ وَالْأَلْفَاظُ لَيْسَتْ كَلَامَ اللَّهِ وَهَذَا خِلَافُ الْمَعْلُومِ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ ; وَلِهَذَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَبَيْنَ مَا أَوْحَاهُ إلَى نَبِيِّهِ مِنْ الْمَعَانِي الْمُجَرَّدَةِ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ كُلِّهِ ; لَيْسَ لِجِبْرِيلَ وَلَا لِمُحَمَّدِ مِنْهُ إلَّا التَّبْلِيغُ وَالْأَدَاءُ فَهَذَا رَسُولُهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَهَذَا رَسُولُهُ مِنْ الْبَشَرِ . وَلِهَذَا أَضَافَهُ اللَّهُ إلَى هَذَا تَارَةً وَإِلَى هَذَا تَارَةً بِلَفْظِ الرَّسُولِ كَمَا قَالَ : { إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ } الْآيَةَ فَهَذَا مُحَمَّدٌ . وَقَالَ : { إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } { ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ } { مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } فَهَذَا جِبْرِيلُ . وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ الغالطين أَنَّ إضَافَتَهُ إلَى الرَّسُولِ تَقْتَضِي أَنَّهُ أَنْشَأَ حُرُوفَهُ وَهَذَا خَطَأٌ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جِبْرِيلُ أَوْ مُحَمَّدٌ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَفْظَهُ وَنَظْمَهُ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ الَّذِي أَنْشَأَ ذَلِكَ فَلَمَّا أَضَافَهُ إلَى هَذَا تَارَةً وَإِلَى هَذَا تَارَةً : عُلِمَ أَنَّهُ أَضَافَهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بَلَّغَهُ وَأَدَّاهُ ; لَا لِأَنَّهُ أَنْشَأَهُ وَابْتَدَأَهُ لَا لَفْظَهُ وَلَا مَعْنَاهُ ; وَلِهَذَا قَالَ : { لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } وَلَمْ يَقُلْ : لَقَوْلُ مَلَكٍ وَلَا نَبِيٍّ فَذَكَرَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الرَّسُولِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ يُبَلِّغُ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } وَفِي السُّنَنِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَوْسِمِ وَيَقُولُ : أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إلَى قَوْمِهِ لِأُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي ; فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي } . وَ " أَيْضًا " فَإِنَّ قَوْلَهُ : { إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } عَائِدٌ إلَى الْقُرْآنِ ; فَتَنَاوُلُهُ لِلَّفْظِ كَتَنَاوُلِهِ لِلْمَعْنَى وَ " الْقُرْآنُ " اسْمٌ لَهُمَا جَمِيعًا ; وَلِهَذَا إذَا فَسَّرَهُ الْمُفَسِّرُ وَتَرْجَمَهُ الْمُتَرْجِمُ : لَمْ يَقُلْ لِتَفْسِيرِهِ وَتَرْجَمَتِهِ : إنَّهُ " قُرْآنٌ " بَلْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ مَسِّ الْمُحْدِثِ لِكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِتَفْسِيرِهِ وَكَذَلِكَ تَرْجَمَتُهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْقَوْلُ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قِيلَ : إنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ وَقِيلَ : إنَّهُ مَشْرُوطٌ بِتَسْمِيَةِ التَّرْجَمَةِ قُرْآنًا . وَبِكُلِّ حَالٍ فَتَجْوِيزُ إقَامَةِ التَّرْجَمَةِ مَقَامَهُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ لَا يَقْتَضِي تَنَاوُلَ اسْمِهِ لَهَا ; كَمَا أَنَّ " الْقِيمَةَ " إذَا أُخْرِجَتْ مِنْ الزَّكَاةِ عَنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لَمْ تُسَمَّ إبِلًا وَلَا بَقَرًا وَلَا غَنَمًا ; بَلْ تُسَمَّى بِاسْمِهَا كَائِنَةً مَا كَانَتْ . وَكَذَلِكَ " لَفْظُ التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ " إذَا عَدَلَ عَنْهُ إلَى لَفْظِ التَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ : إنَّ الصَّلَاةَ تَنْعَقِدُ بِذَلِكَ - كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ - لَمْ يَقُلْ : إنَّ ذَلِكَ لَفْظُ تَكْبِيرٍ فَكَذَلِكَ إذَا قُدِّرَ أَنَّا تَرْجَمْنَا الْقُرْآنَ تَرْجَمَةً جَائِزَةً لَمْ يَقُلْ : إنَّ التَّرْجَمَةَ " قُرْآنٌ " وَلَمْ نُسَمِّهَا " قُرْآنًا " فَلَوْ كَانَ الْقُرْآنُ إنَّمَا كَانَ كَلَامَ اللَّهِ لِأَجْلِ الْمَعْنَى فَقَطْ وَلَفْظُهُ وَنَظْمُهُ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ ; بَلْ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ كَانَ مَا شَارَكَ هَذَا اللَّفْظَ وَالنَّظْمَ مِنْ الدَّلَالَةِ مُشَارِكًا لَهُ فِي الِاسْمِ وَالْحُكْمِ ; فَكَانَ يَجِبُ تَسْمِيَتُهُ " قُرْآنًا " وَإِثْبَاتُ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لَهُ ; وَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ .