تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ تيمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - : فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مُسْتَشْهِدًا بِهِ فِي صَحِيحِهِ ؟ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَادِي بِصَوْتِ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ : أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ } وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا آدَمَ قُمْ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ فَيُنَادِي بِصَوْتِ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُك أَنْ تَبْعَثَ بَعْثَ النَّارِ } الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ . . . فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ : لَا يَثْبُتُ لِلَّهِ صِفَةٌ بِحَدِيثِ وَاحِدٍ . فَمَا الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَالنَّظَرِ وَالْأَمْثَالِ وَالنَّظَائِرِ وَابْسُطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ ؟ ؟
123456789
الْوَجْهُ التَّاسِعُ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ كَفَّرَ اللَّهُ مَنْ قَالَ : إنَّهُ قَوْل الْبَشَرِ وَوَعَدَهُ أَنَّهُ سَيُصْلِيهِ سَقَرَ فِي قَوْلِهِ : { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا } - إلَى قَوْلِهِ - : { إنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } { ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } { ثُمَّ نَظَرَ } { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } { ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ } { فَقَالَ إنْ هَذَا إلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ } { إنْ هَذَا إلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ : { إنْ هَذَا إلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } كَمَا أَرَادَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ : { إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنَّ الْبَشَرَ بَلَّغُوهُ عَنْ غَيْرِهِمْ كَمَا يَتَعَلَّمُهُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا بَاطِلًا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْبَشَرَ أَحْدَثُوهُ وَأَنْشَئُوهُ عَنْهُ . فَمَنْ جَعَلَ " لَفْظَهُ وَنَظْمَهُ " مِنْ إحْدَاثِ مُحَمَّدٍ فَقَدْ جَعَلَ نِصْفَهُ قَوْلَ الْبَشَرِ ; وَمَنْ جَعَلَهُ مِنْ إحْدَاثِ جِبْرِيلَ فَقَدْ جَعَلَ نِصْفَهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ وَمَنْ جَعَلَهُ مَخْلُوقًا فِي الْهَوَاءِ أَوْ غَيْرِهِ جَعَلَهُ كَلَامًا لِذَلِكَ الْهَوَاءِ . وَكَفَّرَ مَنْ قَالَ : إنَّهُ قَوْلُ الْمَلَكِ أَوْ قَوْلُ الْهَوَاءِ أَوْ الشَّجَرِ ; بَلْ كَفَرَ مَنْ قَالَ : إنَّهُ قَوْلُ الْبَشَرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ : لَا " لَفْظُهُ وَلَا مَعْنَاهُ " مِنْ قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ وَلَا مِنْ كَلَامِهِ بَلْ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَيْضًا فَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ : { إنْ هَذَا إلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } لَا تَعُودُ إلَى الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ ; بَلْ إلَيْهِمَا .