سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تيمية - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { دَعْوَةُ أَخِي ذِي النُّونِ : { لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } . مَا دَعَا بِهَا مَكْرُوبٌ إلَّا فَرَّجَ اللَّهُ كُرْبَتَهُ } مَا مَعْنَى هَذِهِ الدَّعْوَةِ ؟ وَلِمَ كَانَتْ كَاشِفَةً لِلْكَرْبِ ؟ وَهَلْ لَهَا شُرُوطٌ بَاطِنَةٌ عِنْدَ النُّطْقِ بِلَفْظِهَا ؟ وَكَيْفَ مُطَابَقَةُ اعْتِقَادِ الْقَلْبِ لِمَعْنَاهَا . حَتَّى يُوجِبَ كَشْفَ ضُرِّهِ ؟ وَمَا مُنَاسَبَةُ ذِكْرِهِ : { إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } مَعَ أَنَّ التَّوْحِيدَ . يُوجِبُ كَشْفَ الضُّرِّ ؟ وَهَلْ يَكْفِيهِ اعْتِرَافُهُ . أَمْ لَا بُدَّ مِنْ التَّوْبَةِ وَالْعَزْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ؟ وَمَا هُوَ السِّرُّ فِي أَنَّ كَشْفَ الضُّرِّ وَزَوَالَهُ يَكُونُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الرَّجَاءِ عَنْ الْخَلْقِ وَالتَّعَلُّقِ بِهِمْ ؟ وَمَا الْحِيلَةُ فِي انْصِرَافِ الْقَلْبِ عَنْ الرَّجَاءِ لِلْمَخْلُوقِينَ وَالتَّعَلُّقِ بِهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ وَتَعَلُّقِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَرَجَائِهِ وَانْصِرَافِهِ إلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَمَا السَّبَبُ الْمُعِينُ عَلَى ذَلِكَ ؟ ؟ .
فَصْل وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ : لِمَ كَانَتْ مُوجِبَةً لِكَشْفِ الضُّرِّ ؟ فَذَلِكَ لِأَنَّ الضُّرَّ لَا يَكْشِفُهُ إلَّا اللَّهُ . كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ } وَالذُّنُوبُ سَبَبٌ لِلضُّرِّ وَالِاسْتِغْفَارُ يُزِيلُ أَسْبَابَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } فَأَخْبَرَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُعَذِّبُ مُسْتَغْفِرًا . وَفِي الْحَدِيثِ : { مَنْ أَكْثَرَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهَ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } فَقَوْلُهُ : { إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } اعْتِرَافٌ بِالذَّنْبِ وَهُوَ اسْتِغْفَارٌ فَإِنَّ هَذَا الِاعْتِرَافَ مُتَضَمِّنٌ طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ . وَقَوْلُهُ : { لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ } تَحْقِيقٌ لِتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ فَإِنَّ الْخَيْرَ لَا مُوجِبَ لَهُ إلَّا مَشِيئَةُ اللَّهِ فَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَالْمُعَوِّقُ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ هُوَ ذُنُوبُهُ وَمَا كَانَ خَارِجًا عَنْ قُدْرَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ مِنْ اللَّهِ وَإِنْ كَانَتْ أَفْعَالُ الْعِبَادِ بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّ اللَّهَ جَعَلَ فِعْلَ الْمَأْمُورِ وَتَرْكَ الْمَحْظُورِ سَبَبًا لِلنَّجَاةِ وَالسَّعَادَةِ فَشَهَادَةُ التَّوْحِيدِ تَفْتَحُ بَابَ الْخَيْرِ وَالِاسْتِغْفَارُ مِنْ الذُّنُوبِ يُغْلِقُ بَابَ الشَّرِّ . وَلِهَذَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ لَا يُعَلِّقَ رَجَاءَهُ إلَّا بِاَللَّهِ وَلَا يَخَافَ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَظْلِمَهُ : فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ; بَلْ يَخَافُ أَنْ يَجْزِيَهُ بِذُنُوبِهِ وَهَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ وَلَا يَخَافَنَّ إلَّا ذَنْبَهُ . وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ فَقَالَ : كَيْفَ تَجِدُكَ ؟ فَقَالَ أَرْجُو اللَّهَ وَأَخَافُ ذُنُوبِي فَقَالَ مَا اجْتَمَعَا فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَأَمَّنَهُ مِمَّا يَخَافُ } . فَالرَّجَاءُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِاَللَّهِ وَلَا يَتَعَلَّقَ بِمَخْلُوقِ وَلَا بِقُوَّةِ الْعَبْدِ وَلَا عَمَلِهِ فَإِنَّ تَعْلِيقَ الرَّجَاءِ بِغَيْرِ اللَّهِ إشْرَاكٌ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ جَعَلَ لَهَا أَسْبَابًا فَالسَّبَبُ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُعَاوِنٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يُمْنَعَ الْمُعَارِضُ الْمُعَوِّقُ لَهُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ وَيَبْقَى إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى . وَلِهَذَا قِيلَ : الِالْتِفَاتُ إلَى الْأَسْبَابِ شِرْكٌ فِي التَّوْحِيدِ وَمَحْوُ الْأَسْبَابِ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابًا نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ الْأَسْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ قَدْحٌ فِي الشَّرْعِ . وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ } { وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ } فَأَمَرَ بِأَنْ تَكُونَ الرَّغْبَةُ إلَيْهِ وَحْدَهُ وَقَالَ : { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } فَالْقَلْبُ لَا يَتَوَكَّلُ إلَّا عَلَى مَنْ يَرْجُوهُ فَمَنْ رَجَا قُوَّتَهُ أَوْ عَمَلَهُ أَوْ عِلْمَهُ أَوْ حَالَهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَوْ قَرَابَتَهُ أَوْ شَيْخَهُ أَوْ مُلْكَهُ أَوْ مَالَهُ غَيْرَ نَاظِرٍ إلَى اللَّهِ كَانَ فِيهِ نَوْعُ تَوَكُّلٍ عَلَى ذَلِكَ السَّبَبِ وَمَا رَجَا أَحَدٌ مَخْلُوقًا أَوْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ إلَّا خَابَ ظَنُّهُ فِيهِ فَإِنَّهُ مُشْرِكٌ : { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } . وَكَذَلِكَ الْمُشْرِكُ يَخَافُ الْمَخْلُوقِينَ وَيَرْجُوهُمْ فَيَحْصُلُ لَهُ رُعْبٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا } وَالْخَالِصُ مِنْ الشِّرْكِ يَحْصُلُ لَهُ الْأَمْنُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } وَقَدْ فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّلْمَ هُنَا بِالشِّرْكِ . فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ { أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا : أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا هَذَا الشِّرْكُ أَلَمْ تَسْمَعُوا إلَى قَوْلِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ : { إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } } وَقَالَ تَعَالَى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ } { إذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ } { وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } وَقَالَ تَعَالَى : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا } { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } وَلِهَذَا يَذْكُرُ اللَّهُ الْأَسْبَابَ وَيَأْمُرُ بِأَلَّا يُعْتَمَدَ عَلَيْهَا وَلَا يُرْجَى إلَّا اللَّهُ قَالَ تَعَالَى لَمَّا أَنْزَلَ الْمَلَائِكَةَ : { وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } وَقَالَ : { إنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الدُّعَاءَ نَوْعَانِ . دُعَاءُ عِبَادَةٍ وَدُعَاءُ مَسْأَلَةٍ . وَكِلَاهُمَا لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلَّهِ فَمَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ قَعَدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا وَالرَّاجِي سَائِلٌ طَالِبٌ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَرْجُوَ إلَّا اللَّهَ وَلَا يَسْأَلَ غَيْرَهُ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : { مَا أَتَاكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ سَائِلٍ وَلَا مُشْرِفٍ فَخُذْهُ وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ } . فَالْمُشْرِفُ الَّذِي يَسْتَشْرِفُ بِقَلْبِهِ وَالسَّائِلُ الَّذِي يَسْأَلُ بِلِسَانِهِ وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري { قَالَ : أَصَابَتْنَا فَاقَةٌ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَسْأَلَهُ فَوَجَدْتُهُ يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ وَاَللَّهِ مَهْمَا يَكُنْ عِنْدَنَا مَنْ خَيْرٍ فَلَنْ نَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ } . وَ " الِاسْتِغْنَاءُ " أَنْ لَا يَرْجُوَ بِقَلْبِهِ أَحَدًا فَيَتَشَرَّفَ إلَيْهِ وَ " الِاسْتِعْفَافُ أَلَّا يَسْأَلَ بِلِسَانِهِ أَحَدًا ; وَلِهَذَا لَمَّا سُئِلَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ التَّوَكُّلِ فَقَالَ : قَطْعُ الِاسْتِشْرَافِ إلَى الْخَلْقِ ; أَيْ لَا يَكُونُ فِي قَلْبِكَ أَنَّ أَحَدًا يَأْتِيكَ بِشَيْءِ فَقِيلَ لَهُ : فَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : قَوْلُ الْخَلِيلِ لَمَّا قَالَ لَهُ جبرائيل هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ ؟ فَقَالَ : " أَمَّا إلَيْكَ فَلَا " . فَهَذَا وَمَا يُشْبِهُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْعَبْدَ فِي طَلَبِ مَا يَنْفَعُهُ وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهُ لَا يُوَجِّهُ قَلْبَهُ إلَّا إلَى اللَّهِ ; فَلِهَذَا قَالَ الْمَكْرُوبُ : ( لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ ) . وَمِثْلُ هَذَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ يَقُولُ : عِنْدَ الْكَرْبِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمُ } فَإِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فِيهَا تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ وَتَأَلُّهُ الْعَبْدِ رَبَّهُ وَتَعَلُّقُ رَجَائِهِ بِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَهِيَ لَفْظُ خَبَرٍ يَتَضَمَّنُ الطَّلَبَ . وَالنَّاسُ وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَوْلُ الْعَبْدِ لَهَا مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ لَهُ حَقِيقَةٌ أُخْرَى وَبِحَسَبِ تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ تَكْمُلُ طَاعَةُ اللَّهِ . قَالَ تَعَالَى : { أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا } { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إنْ هُمْ إلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا } فَمَنْ جَعَلَ مَا يَأْلَهُهُ هُوَ مَا يَهْوَاهُ فَقَدْ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ أَيْ جَعَلَ مَعْبُودَهُ هُوَ مَا يَهْوَاهُ وَهَذَا حَالُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَعْبُدُ أَحَدُهُمْ مَا يَسْتَحْسِنُهُ فَهُمْ يَتَّخِذُونَ أَنْدَادًا مِنْ دُونِ اللَّهِ يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَلِهَذَا قَالَ الْخَلِيلُ : { لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ } . فَإِنَّ قَوْمَهُ لَمْ يَكُونُوا مُنْكِرِينَ لِلصَّانِعِ وَلَكِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ يَعْبُدُ مَا يَسْتَحْسِنُهُ وَيَظُنُّهُ نَافِعًا لَهُ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَالْخَلِيلُ بَيَّنَ أَنَّ الْآفِلَ يَغِيبُ عَنْ عَابِدِهِ وَتَحْجُبُهُ عَنْهُ الْحَوَاجِبُ فَلَا يَرَى عَابِدَهُ وَلَا يَسْمَعُ كَلَامَهُ وَلَا يَعْلَمُ حَالَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ وَلَا يَضُرُّهُ بِسَبَبِ وَلَا غَيْرِهِ فَأَيُّ وَجْهٍ لِعِبَادَةِ مَنْ يَأْفُلُ . وَكُلَّمَا حَقَّقَ الْعَبْدُ الْإِخْلَاصَ فِي قَوْلِ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَرَجَ مِنْ قَلْبِهِ تَأَلُّهُ مَا يَهْوَاهُ وَتُصْرَفُ عَنْهُ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } . فَعَلَّلَ صَرْفَ السُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ عَنْهُ بِأَنَّهُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ : { إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } وَقَالَ الشَّيْطَانُ : { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } { إلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ } . فَإِنَّ الْإِخْلَاصَ يَنْفِي أَسْبَابَ دُخُولِ النَّارِ ; فَمَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنْ الْقَائِلِينَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَمْ يُحَقِّقْ إخْلَاصَهَا الْمُحَرِّمَ لَهُ عَلَى النَّارِ ; بَلْ كَانَ فِي قَلْبِهِ نَوْعٌ مِنْ الشِّرْكِ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِيمَا أَدْخَلَهُ النَّارَ وَالشِّرْكُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ ; وَلِهَذَا كَانَ الْعَبْدُ مَأْمُورًا فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ يَقُولَ : { إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } . وَالشَّيْطَانُ يَأْمُرُ بالشرك وَالنَّفْسُ تُطِيعُهُ فِي ذَلِكَ فَلَا تَزَالُ النَّفْسُ تَلْتَفِتُ إلَى غَيْرِ اللَّهِ . إمَّا خَوْفًا مِنْهُ . وَإِمَّا رَجَاءً لَهُ فَلَا يَزَالُ الْعَبْدُ مُفْتَقِرًا إلَى تَخْلِيصِ تَوْحِيدِهِ مِنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ . وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { يَقُولُ الشَّيْطَانُ : أَهْلَكْتُ النَّاسَ بِالذُّنُوبِ وَأَهْلَكُونِي بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَالِاسْتِغْفَارِ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ بَثَثْتُ فِيهِمْ الْأَهْوَاءَ فَهُمْ يُذْنِبُونَ وَلَا يَسْتَغْفِرُونَ ; لِأَنَّهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } . فَصَاحِبُ الْهَوَى الَّذِي اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ لَهُ نَصِيبٌ مِمَّنْ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ فَصَارَ فِيهِ شِرْكٌ مَنَعَهُ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ وَأَمَّا مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ وَالِاسْتِغْفَارَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُرْفَعَ عَنْهُ الشَّرُّ ; فَلِهَذَا قَالَ ذُو النُّونِ : { لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } . وَلِهَذَا يَقْرِنُ اللَّهُ بَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ . كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } وَقَوْلِهِ : { أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا اللَّهَ إنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ } وَقَوْلِهِ : { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ } إلَى قَوْلِهِ : { وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ } وَقَوْلِهِ : { فَاسْتَقِيمُوا إلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ } . وَخَاتِمَةُ الْمَجْلِسِ : { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ } إنْ كَانَ مَجْلِسَ رَحْمَةٍ كَانَتْ كَالطَّابَعِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَجْلِسَ لَغْوٍ كَانَتْ كَفَّارَةً لَهُ وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا أَنَّهَا تُقَالُ فِي آخِرِ الْوُضُوءِ بَعْدَ أَنْ يُقَالَ : { أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ } . وَهَذَا الذِّكْرُ يَتَضَمَّنُ التَّوْحِيدَ وَالِاسْتِغْفَارَ ; فَإِنَّ صَدْرَهُ الشَّهَادَتَانِ اللَّتَانِ هُمَا أَصْلَا الدِّينِ وَجِمَاعُهُ ; فَإِنَّ جَمِيعَ الدِّينِ دَاخِلٌ فِي " الشَّهَادَتَيْنِ " إذْ مَضْمُونُهُمَا أَلَّا نَعْبُدَ إلَّا اللَّهَ وَأَنْ نُطِيعَ رَسُولَهُ و " الدِّينُ " كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي هَذَا فِي عِبَادَةِ اللَّهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَكُلُّ مَا يَجِبُ أَوْ يُسْتَحَبُّ دَاخِلٌ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ يَقُولُ : { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ } وَهَذَا كَفَّارَةُ الْمَجْلِسِ فَقَدْ شُرِعَ فِي آخِرِ الْمَجْلِسِ وَفِي آخِرِ الْوُضُوءِ وَكَذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ : { اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ; أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ } وَهُنَا قَدَّمَ الدُّعَاءَ وَخَتَمَهُ بِالتَّوْحِيدِ ; لِأَنَّ الدُّعَاءَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَخَتَمَ بِالتَّوْحِيدِ لِيَخْتِمَ الصَّلَاةَ بِأَفْضَلِ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُقْصَدْ فِيهِ هَذَا فَإِنَّ تَقْدِيمَ التَّوْحِيدِ أَفْضَلُ . فَإِنَّ جِنْسَ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ ثَنَاءٌ وَعِبَادَةٌ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ سُؤَالٌ وَطَلَبٌ وَإِنْ كَانَ الْمَفْضُولُ قَدْ يُفَضَّلُ عَلَى الْفَاضِلِ فِي مَوْضِعِهِ الْخَاصِّ بِسَبَبِ وَبِأَشْيَاءَ أُخَرَ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْقِرَاءَةَ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ الَّذِي هُوَ ثَنَاءٌ وَالذِّكْرَ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ سُؤَالٌ وَمَعَ هَذَا فَالْمَفْضُولُ لَهُ أَمْكِنَةٌ وَأَزْمِنَةٌ وَأَحْوَالٌ يَكُونُ فِيهَا أَفْضَلَ مِنْ الْفَاضِلِ لَكِنَّ أَوَّلَ الدِّينِ وَآخِرَهُ وَظَاهِرَهُ وَبَاطِنَهُ هُوَ التَّوْحِيدُ وَإِخْلَاصُ الدِّينِ كُلِّهِ لِلَّهِ هُوَ تَحْقِيقُ قَوْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ . فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي الْإِقْرَارِ بِهَا فَهُمْ مُتَفَاضِلُونَ فِي تَحْقِيقِهَا تَفَاضُلًا لَا نَقْدِرُ أَنْ نَضْبِطَهُ حَتَّى أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ التَّوْحِيدَ الْمَفْرُوضَ هُوَ الْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَلَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ مُشْرِكُو الْعَرَبِ وَبَيْنَ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ الَّذِي دَعَاهُمْ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَجْمَعُونَ بَيْنَ التَّوْحِيدِ الْقَوْلِيِّ وَالْعَمَلِيِّ . فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ مَا كَانُوا يَقُولُونَ : إنَّ الْعَالَمَ خَلَقَهُ اثْنَانِ وَلَا إنَّ مَعَ اللَّهِ رَبًّا يَنْفَرِدُ دُونَهُ بِخَلْقِ شَيْءٍ ; بَلْ كَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَنْهُمْ : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } { قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ } { قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } وَكَانُوا مَعَ إقْرَارِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْخَالِقُ وَحْدَهُ يَجْعَلُونَ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى يَجْعَلُونَهُمْ شُفَعَاءَ لَهُمْ إلَيْهِ . وَيَقُولُونَ : مَا نَعْبُدُهُمْ إلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلَى اللَّهِ زُلْفَى . وَيُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ .