بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : الْعَالِمُ الرَّبَّانِيُّ " تَقِيُّ الدِّينِ أَحْمَد بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى . مَا قَوْلُ السَّادَةِ الْعُلَمَاءِ أَئِمَّةِ الدِّينِ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } وَقَوْلِهِ : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } وَقَوْلِهِ : { ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ } إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَ " أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ " كَقَوْلِهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ } وَقَوْلِهِ : { يَضَعُ الْجَبَّارُ قَدَمَهُ فِي النَّارِ } إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمَا قَالَتْ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَابْسُطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ مَأْجُورِينَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَنَعْتَقِدُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ " الْمُلَحَّنَةَ " بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ . وَأَنَّ " الْقَصَائِدَ " بِدْعَةٌ . وَمَجْرَاهَا عَلَى قِسْمَيْنِ : فَالْحَسَنُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ ذَكَرَ آلَاءِ اللَّهِ وَنَعْمَائِهِ وَإِظْهَارِ نَعْتِ الصَّالِحِينَ وَصِفَةِ الْمُتَّقِينَ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَتَرْكُهُ وَالِاشْتِغَالُ بِذِكْرِ اللَّهِ وَالْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ أَوْلَى بِهِ وَمَا جَرَى عَلَى وَصْفِ الْمَرْئِيَّاتِ وَنَعْتِ الْمَخْلُوقَاتِ فَاسْتِمَاعُ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ كُفْرٌ وَاسْتِمَاعُ الْغِنَاءِ والربعيات عَلَى اللَّهِ كُفْرٌ وَالرَّقْصُ بِالْإِيقَاعِ وَنَعْتُ الرَّقَّاصِينَ ( عَلَى أَحْكَامِ الدِّينِ فِسْقٌ وَعَلَى أَحْكَامِ التَّوَاجُدِ وَالْغِنَاءِ لَهْوٌ وَلَعِبٌ . وَحَرَامٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يَسْمَعُ الْقَصَائِدَ والربعيات الْمُلَحَّنَةَ - الْجَائِي بَيْنَ أَهْلِ الْأَطْبَاعِ - عَلَى أَحْكَامِ الذِّكْرِ إلَّا لِمَنْ تَقَدَّمَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَحْكَامِ التَّوْحِيدِ وَمَعْرِفَةِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ ; وَمَا لَا يَلِيقُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ فَيَكُونُ اسْتِمَاعُهُ كَمَا قَالَ : { الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } الْآيَةَ . وَكُلُّ مَنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَقَصَدَ اسْتِمَاعَهُ عَلَى اللَّهِ عَلَى غَيْرِ تَفْصِيلِهِ فَهُوَ كُفْرٌ لَا مَحَالَةَ فَكُلُّ مَنْ جَمَعَ الْقَوْلَ وَأَصْغَى بِالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ فَغَيْرُ جَائِزٍ إلَّا لِمَنْ عُرِفَ بِمَا وَصَفْت مِنْ ذَكَرَ اللَّهِ وَنَعْمَائِهِ وَمَا هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا لَيْسَ لِلْمَخْلُوقِينَ فِيهِ نَعْتٌ وَلَا وَصْفٌ ; بَلْ تَرْكُ ذَلِكَ أَوْلَى وَأَحْوَطُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا بِدْعَةٌ وَالْفِتْنَةُ فِيهَا غَيْرُ مَأْمُونَةٍ عَلَى اسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ . وَ " الربعيات " بِدْعَةٌ وَذَلِكَ مِمَّا أَنْكَرَهُ المطلبي وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ أَوْلَى مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ لَا يُعْرَفُونَ فِي الدِّينِ وَلَا لَهُمْ قَدَمٌ عِنْدَ الْمُخْلَصِينَ . وَبَلَغَنِي أَنَّهُ قِيلَ لِبِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ : إنَّ أَصْحَابَك قَدْ أَحْدَثُوا شَيْئًا يُقَالُ لَهُ الْقَصَائِدُ . قَالَ مِثْلُ أيش ؟ قَالَ مِثْلُ قَوْلِهِ : اصْبِرِي يَا نَفْسُ حَتَّى تَسْكُنِي دَارَ الْجَلِيلِ فَقَالَ : حَسَنٌ وَأَيْنَ يَكُونُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ذَلِكَ ؟ قَالَ قُلْت بِبَغْدَادَ فَقَالَ كَذَبُوا - وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ - لَا يَسْكُنُ بِبَغْدَادَ مَنْ يَسْتَمِعُ ذَلِكَ . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَمِمَّا نَقُولُ - وَهُوَ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا - إنَّ الْفَقِيرَ إذَا احْتَاجَ وَصَبَرَ وَلَمْ يَتَكَفَّفْ إلَى وَقْتٍ يَفْتَحُ اللَّهُ لَهُ كَانَ أَعْلَى فَمَنْ عَجَزَ عَنْ الصَّبْرِ كَانَ السُّؤَالُ أَوْلَى بِهِ عَلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَأَنْ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ } الْحَدِيثَ وَنَقُولُ : إنَّ تَرْكَ الْمَكَاسِبِ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا بِشَرَائِطَ مَوْسُومَةٍ مِنْ التَّعَفُّفِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ ; وَمَنْ جَعَلَ السُّؤَالَ حِرْفَةً - وَهُوَ صَحِيحٌ - فَهُوَ مَذْمُومٌ فِي الْحَقِيقَةِ خَارِجٌ . وَنَقُولُ : إنَّ الْمُسْتَمِعَ إلَى " الْغِنَاءِ وَالْمَلَاهِي " فَإِنَّ ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ } وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ فَهُوَ فِسْقٌ لَا مَحَالَةَ . وَاَلَّذِي نَخْتَارُ : قَوْلَ أَئِمَّتِنَا : إنَّ تَرْكَ الْمِرَاءِ فِي الدِّينِ وَالْكَلَامِ فِي الْإِيمَانِ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسِطٌ يُؤَدِّي وَأَنَّ الْمُرْسَلَ إلَيْهِمْ أَفْضَلُ : فَهُوَ كَافِرٌ بِاَللَّهِ وَمَنْ قَالَ بِإِسْقَاطِ الْوَسَائِطِ عَلَى الْجُمْلَةِ فَقَدْ كَفَرَ ا هـ .