وَكُنْت وَأَنَا بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ  فِي سَنَةِ إحْدَى عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ قَدْ اُسْتُفْتِيت عَنْ التَّوَسُّلِ بِالنَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَكَتَبْت  فِي  ذَلِكَ جَوَابًا مَبْسُوطًا وَقَدْ أَحْبَبْت إيرَادَهُ هُنَا لِمَا  فِي  ذَلِكَ  مِنْ  مَزِيدِ  الْفَائِدَةِ  فَإِنَّ هَذِهِ الْقَوَاعِدَ - الْمُتَعَلِّقَةَ بِتَقْرِيرِ التَّوْحِيدِ وَحَسْمِ مَادَّةِ الشِّرْكِ وَالْغُلُوِّ - كُلَّمَا تَنَوَّعَ بَيَانُهَا وَوَضَحَتْ عِبَارَاتُهَا  كَانَ  ذَلِكَ نُورًا  عَلَى نُورٍ . وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ . وَصُورَةُ السُّؤَالِ : الْمَسْئُولُ  مِنْ  السَّادَةِ الْعُلَمَاءِ أَئِمَّةِ الدِّينِ أَنْ يُبَيِّنُوا  مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ  مِنْ الِاسْتِشْفَاعِ وَالتَّوَسُّلِ  بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ  . 
				
				
				 ( الثَّانِيَةُ أَنْ   يُقَالَ لِلْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ  مِنْ  الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ : اُدْعُ اللَّهَ  لِي أَوْ اُدْعُ لَنَا  رَبَّك  أَوْ اسْأَلْ اللَّهَ لَنَا  كَمَا تَقُولُ   النَّصَارَى  لِمَرْيَمَ  وَغَيْرِهَا -  فَهَذَا أَيْضًا لَا يَسْتَرِيبُ عَالِمٌ  أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ  وَأَنَّهُ  مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ  مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ ;  وَإِنْ  كَانَ السَّلَامُ  عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ جَائِزًا  وَمُخَاطَبَتُهُمْ جَائِزَةً  كَمَا  كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ إذَا  زَارُوا الْقُبُورَ أَنْ يَقُولَ  قَائِلُهُمْ {   السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ  مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ  وَإِنَّا إنْ  شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ . يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ . اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ وَاغْفِرْ لَنَا  وَلَهُمْ   }  . وَرَوَى  أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ  عَنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ :   {   مَا  مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ  كَانَ يَعْرِفُهُ  فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا  رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ   }  .  وَفِي   سُنَنِ  أَبِي داود  عَنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ   {   مَا  مِنْ مُسْلِمٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا  رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ  رُوحِي حَتَّى  أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ   }  لَكِنْ لَيْسَ  مِنْ الْمَشْرُوعِ أَنْ يُطْلَبَ  مِنْ الْأَمْوَاتِ لَا دُعَاءٌ وَلَا غَيْرُهُ .  وَفِي   مُوَطَّأِ  مَالِكٍ  أَنَّ  ابْنَ عُمَرَ  كَانَ يَقُولُ : " السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك يَا  أَبَا بَكْرٍ  السَّلَامُ عَلَيْك يَا  أَبَتِ "  ثُمَّ يَنْصَرِفُ  .   وَعَنْ  عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ  قَالَ : رَأَيْت  عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ  يَقِفُ  عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَيُصَلِّي  عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَيَدْعُو  لِأَبِي بَكْرٍ  وَعُمَرَ  .  وَكَذَلِكَ  أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ  وَغَيْرُهُ نُقِلَ عَنْهُمْ  أَنَّهُمْ  كَانُوا يُسَلِّمُونَ  عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَإِذَا  أَرَادُوا الدُّعَاءَ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَدْعُونَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ  وَإِنْ  كَانَ قَدْ  وَقَعَ  فِي بَعْضِ  ذَلِكَ طَوَائِفُ  مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَالْعَامَّةِ مَنْ لَا اعْتِبَارَ بِهِمْ فَلَمْ يَذْهَبْ إلَى  ذَلِكَ إمَامٌ مُتَّبَعٌ  فِي قَوْلِهِ وَلَا مَنْ لَهُ  فِي الْأُمَّةِ لِسَانُ صِدْقٍ عَامٌّ .