سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُفْتِي الْأَنَامِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ تيمية عَنْ قَوْمٍ يَقُولُونَ : كَلَامُ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ قَدِيمٌ - سَوَاءٌ كَانَ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا فُحْشًا أَوْ غَيْرَ فُحْشٍ نَظْمًا أَوْ نَثْرًا - وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِهِمْ فِي الْقِدَمِ إلَّا مِنْ جِهَةِ الثَّوَابِ . وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ - بَلْ أَكْثَرُهُمْ - : أَصْوَاتُ الْحَمِيرِ وَالْكِلَابِ كَذَلِكَ وَلَمَّا قُرِئَ عَلَيْهِمْ مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد رَدًّا عَلَى قَوْلِهِمْ تَأَوَّلُوا ذَلِكَ وَقَالُوا : بِأَنَّ أَحْمَد إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ النَّاسِ فَهَلْ هَؤُلَاءِ مُصِيبُونَ أَوْ مُخْطِئُونَ ؟ وَهَلْ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى زَجْرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ يَكْفُرُونَ بِالْإِصْرَارِ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ الَّذِي نُقِلَ عَنْ أَحْمَد حُقٌّ كَمَا زَعَمُوا أَمْ لَا فَأَجَابَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
فَصْلٌ وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ أَدْرَكَ مِنْ دَرَجَاتِ الْكَلَامِ وَأَنْوَاعِهِ بَعْضَ الْحَقِّ . وَكَذَلِكَ " الْأَصْلُ الثَّانِي " وَهُوَ تَكَلُّمُنَا بِكَلَامِ اللَّهِ ; فَإِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ لَا كَلَامُ غَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ أَحَدٌ : إنَّ حَرْفًا مِنْهُ أَوْ مَعْنًى لَيْسَ هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ أَوْ أَنَّهُ كَلَامِ غَيْرِ اللَّهِ وَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ لَعَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُقَابِلُونَهُ بِمَا يُقَابِلُونَ أَهْلَ الْجَحُودِ وَالضَّلَالِ ; بَلْ قَدْ أَجْمَعَ الْخَلَائِقُ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ فِي كُلِّ كَلَامٍ . فَجَمِيعُ الْخَلْقِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ قَوْلَهُ : أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ مِنْ شِعْرِ لَبِيَدِ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا كَلَامُ لَبِيَدِ وَأَنَّ قَوْلَهُ : قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلٍ هُوَ مِنْ كَلَامِ امْرِئِ الْقَيْسِ مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ إنَّمَا سَمِعُوهَا مِنْ غَيْرِهِ بِصَوْتِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَجَاءَ الْمُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْحَقِّ دُونَ بَعْضٍ فَقَالُوا : لَيْسَ هَذَا أَوْ لَا نَسْمَعُ إلَّا صَوْتَ الْعَبْدِ وَلَفْظَهُ ; ثُمَّ قَالَ " النفاة " : وَلَفْظُ الْعَبْدِ مُحْدَثٌ وَلَيْسَ هُوَ كَلَامَ اللَّهِ فَهَذَا الْمَسْمُوعُ مُحْدَثٌ وَلَيْسَ هُوَ كَلَامَ اللَّهِ . وَقَالَتْ " الْمُثْبِتَةُ " : بَلْ هَذَا كَلَامُ اللَّهِ وَلَيْسَ إلَّا لَفْظُهُ أَوْ صَوْتُهُ فَيَكُونُ لَفْظُهُ أَوْ [ صَوْتُهُ ] كَلَامَ اللَّهِ وَكَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ أَوْ قَدِيمٌ فَيَكُونُ لَفْظُهُ أَوْ صَوْتُهُ غَيْرَ مَخْلُوقٍ أَوْ قَدِيمٌ . وَكُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ قَدْ عَلِمَ النَّاسُ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الْأُمَّةِ ; بَلْ وَبِالْعَقْلِ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِي بَعْضِ مَا قَالَهُ مُبْتَدِعٌ فِيهِ ; وَلِهَذَا أَنْكَرَ الْأَئِمَّةُ ذَلِكَ وَإِذَا رَجَعَ أَحَدُهُمْ إلَى فِطْرَتِهِ وَجَدَ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُشِيرَ إلَى الْكَلَامِ الْمَسْمُوعِ فَيُقَالُ : هَذَا كَلَامُ زَيْدٍ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ هَذَا صَوْتُ زَيْدٍ وَيَجِدُ فِطْرَتَهُ تُصَدِّقُ بِالْأَوَّلِ وَتُكَذِّبُ بِالثَّانِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ } وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ } " . وَكُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ بِفِطْرَتِهِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ كَلَامُ الْبَارِي وَالصَّوْتَ صَوْتُ الْقَارِئِ ; وَلِهَذَا قَالَ " الْإِمَامُ أَحْمَد لِأَبِي طَالِبٍ لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } وَقَالَ لَهُ : هَذَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَحَكَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ قَالَ لَهُ : أَنَا قُلْت لَك لَفْظِي غَيْرُ مَخْلُوقٍ ؟ قَالَ : لَا . وَلَكِنْ قَرَأْت عَلَيْك : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } فَقُلْت : هَذَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ . فَبَيَّنَ أَحْمَد الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ : هَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ أَوْ يَقُولُ : لَفْظُ هَذَا الْمُتَكَلِّمِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ لَفْظِي " مُجْمَلٌ " يَدْخُلُ فِيهِ فِعْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ صَوْتُهُ . فَإِذَا قِيلَ : لَفْظِي أَوْ تِلَاوَتِي أَوْ قِرَاءَتِي غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ أَوْ هِيَ الْمَتْلُوُّ أَشْعَرَ ذَلِكَ أَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ وَصَوْتَهُ قَدِيمٌ وَأَنَّ مَا قَامَ بِهِ مِنْ الْمَعْنَى وَالصَّوْتِ هُوَ عَيْنُ مَا قَامَ بِاَللَّهِ مِنْ الْمَعْنَى وَالصَّوْتِ وَإِذَا قَالَ : لَفْظِي بِالْقُرْآنِ أَوْ تِلَاوَتِي لِلْقُرْآنِ أَوْ لَفْظُ الْقُرْآنِ أَوْ تِلَاوَتُهُ مَخْلُوقَةٌ أَوْ التِّلَاوَةُ غَيْرُ الْمَتْلُوِّ أَوْ الْقِرَاءَةُ غَيْرُ الْمَقْرُوءِ أَفْهَمَ ذَلِكَ أَنَّ حُرُوفَ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ بِحَالِ وَأَنَّ نِصْفَ الْقُرْآنِ كَلَامُ اللَّهِ وَنِصْفَهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَأَفْهَمَ ذَلِكَ أَنَّ قِرَاءَةَ اللَّهِ لِلْقُرْآنِ مُبَايِنَةٌ لِمَقْرُوئِهِ وَتِلَاوَتُهُ لِلْقُرْآنِ مُبَايِنَةٌ لِمُتَلَوِّهِ وَأَنَّ قِرَاءَةَ الْعَبْدِ لِلْقُرْآنِ مُبَايِنَةٌ لِمَقْرُوءِ الْعَبْدِ وَتِلَاوَتُهُ لَهُ مُبَايِنَةٌ لِمُتَلَوِّهِ وَأَفْهَمَ ذَلِكَ أَنَّمَا نَزَلَ إلَيْنَا لَيْسَ هُوَ كَلَامَ اللَّهِ ; لِأَنَّ الْمَقْرُوءَ وَالْمَتْلُوَّ هُوَ كَلَامُ اللَّه وَالْمُغَايَرَةُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ تَقْتَضِي الْمُبَايَنَةَ فَمَا بَايَنَ كَلَامَهُ لَمْ يَكُنْ كَلَامًا لَهُ فَلَا يَكُونُ هَذَا الَّذِي أَنْزَلَهُ كَلَامَهُ . وَلَمَّا كَانَ الْكَلَامُ إنَّمَا يَكُونُ بِحَرَكَةِ وَفِعْلٍ تَنْشَأُ عَنْهُ حُرُوفٌ وَمَعَانٍ صَارَ الْكَلَامُ يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْفِعْلِ وَالْعَمَلِ : تَارَةً بِاعْتِبَارِ الْحَرَكَةِ وَالْفِعْلِ وَيَخْرُجُ عَنْهُ تَارَةً بِاعْتِبَارِ الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي ; وَلِهَذَا يَجِيءُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قِسْمًا مِنْهُ تَارَةً كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ } وَقَسِيمًا لَهُ أُخْرَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } . وَلِهَذَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فِي هَذَا الْمَكَانِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ يُفِيدُ هَلْ يَحْنَثُ بِالْكَلَامِ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ وَذَكَرُوهُمَا رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد ; وَلِهَذَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَلَّفَهُ فِي بَيَانِ " اللَّفْظِ " أَنَّ الْقِرَاءَةَ قُرْآنٌ وَعَمَلٌ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَمَنْ قَالَ : إنَّهَا قُرْآنٌ فَهُوَ صَادِقٌ وَمَنْ حَلَفَ إنَّهَا عَمَلٌ فَهُوَ بَارٌّ وَأَخْطَأَ مَنْ أَطْلَقَ : أَنَّ الْقِرَاءَةَ مَخْلُوقَةٌ وَأَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَنَسَبَهُمَا جَمِيعًا إلَى قِلَّةِ الْعِلْمِ وَقُصُورِ الْفَهْمِ ; فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ خَفِيَتْ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ لِغُمُوضِهَا ; فَإِنَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَجَدَتْ الْقِرَاءَةَ تُسَمَّى قُرْآنًا فَنَفَتْ الْخَلْقَ عَنْهَا وَالْأُخْرَى وَجَدَتْ الْقِرَاءَةَ فِعْلًا يُثَابُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ فَأَثْبَتَتْ حُدُوثَهُ . قُلْت : وَالْخَطَأُ فِي هَذَا الْأَصْلِ فِي طَرَفَيْنِ كَمَا أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ فِي طَرَفَيْنِ . فَفِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ مَنْ قَالَ : إنَّهُ لَيْسَ لَهُ كَلَامٌ قَائِمٌ بِهِ وَمَنْ قَالَ : لَيْسَ كَلَامُهُ إلَّا مَعْنًى مُجَرَّدٌ أَوْ صَوْتٌ مُجَرَّدٌ . وَفِي هَذَا الْأَصْلِ مَنْ قَالَ : كَلَامُهُ لَا يَقُولُهُ غَيْرُهُ أَوْ لَا يَسْمَعُ مِنْ غَيْرِهِ وَمَنْ قَالَ : كَلَامُهُ إذَا أَبْلَغَهُ غَيْرُهُ وَأَدَّاهُ فَحَالُهُ كَحَالِهِ إذَا سَمِعَهُ مِنْهُ وَتَلَاهُ بَلْ كَلَامُهُ يَقُولُهُ : رُسُلُهُ وَعِبَادُهُ وَيَتَكَلَّمُونَ بِهِ وَيَتْلُونَهُ وَيَقْرَءُونَهُ فَهُوَ كَلَامُهُ حَيْثُ تَصَرَّفَ وَحَيْثُ تُلِيَ وَحَيْثُ كُتِبَ وَكَلَامُهُ لَيْسَ بِمَخْلُوقِ حَيْثُ تَصَرَّفَ ; وَهُوَ مَعَ هَذَا فَلَيْسَ حَالُهُ إذَا قَرَأَهُ الْعِبَادُ وَكَتَبُوهُ كَحَالِهِ إذَا قَرَأَهُ اللَّهُ وَسَمِعُوهُ مِنْهُ وَلَا مَنْ يَسْمَعُهُ مِنْ الْقَارِئِ بِمَنْزِلَةِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ الَّذِي سَمِعَ كَلَامَ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْهُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : " { إذَا سَمِعَ الْخَلَائِقُ الْقُرْآنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ اللَّهِ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ } " بَلْ وَلَا تِلَاوَةُ الرَّسُولِ وَسَمْعُهُ مِنْهُ كَتِلَاوَةِ غَيْرِهِ وَسَمْعِهِ مِنْهُ ; بَلْ وَلَا تِلَاوَةُ بَعْضِ النَّاسِ وَالسَّمَاعُ مِنْهُ كَتِلَاوَةِ بَعْضِ النَّاسِ وَالسَّمَاعِ مِنْهُ وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَيْسَ بِمَخْلُوقِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَحْوَالُهُ . وَمِمَّا يَجِبُ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ لَمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ : هَذَا كَلَامُ اللَّهِ ; بَلْ وَقَوْلُ النَّاسِ لِمَا يَسْمَعُونَهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ : هَذَا كَلَامُ فُلَانٍ كَقَوْلِهِمْ لِمِثْلِ قَوْلِهِ : " { إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى } " هَذَا كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمِثْلِ قَوْلِهِ : أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ هَذَا شِعْرُ لَبِيَدِ . فَلَيْسَ قَوْلُهُمْ : هَذَا هُوَ هَذَا ; لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لَهُ فِي النَّوْعِ كَمَا يُقَالُ : هَذَا السَّوَادُ هُوَ هَذَا السَّوَادُ ; فَإِنَّ هَذَا يَقُولُونَهُ لِمَا اتَّفَقَ مِنْ الْكَلَامَيْنِ وَالْعِلْمَيْنِ ; وَالْقُدْرَتَيْنِ وَالشَّخْصَيْنِ . وَيَقُولُونَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ : وَقْعُ الْخَاطِرِ عَلَى الْخَاطِرِ كَوَقْعِ الْحَافِرِ عَلَى الْحَافِرِ . وَفِي الْحَقِيقَةِ فَهُوَ إنَّمَا هُوَ مِثْلُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ } وَهْم يَقُولُونَ : هَذَا هُوَ هَذَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الصِّفَاتِ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا اخْتِلَافًا غَيْرَ مَقْصُودٍ كَمَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِلْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ إذَا اخْتَلَفَتْ صِفَتُهَا هَذِهِ [ عَيْنُ ] هَذِهِ وَلَا هُوَ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَمَثَّلَ بِكَلَامِ لِغَيْرِهِ سَوَاءً كَانَ نَظْمًا أَوْ نَثْرًا مِثْلُ أَنْ يَتَمَثَّلَ الرَّجُلُ بِقَوْلِ لِغَيْرِهِ فَيَصِيرُ مُتَكَلِّمًا بِهِ مُتَشَبِّهًا بِالْمُتَكَلِّمِ بِهِ أَوَّلًا وَهَذَا مِثْلُ أَنْ نَقُولَ قَوْلًا قَالَهُ غَيْرُنَا مُوَافِقِينَ لِذَلِكَ الْقَائِلِ فِي صِحَّةِ الْقَوْلِ . وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ : إنَّ مَنْ قَالَ مَا يُوَافِقُ لَفْظَ الْقُرْآنِ عَلَى وَجْهِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ بِسْمِ اللَّهِ وَعِنْدَ الْأَكْلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا وَجَازَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْجَنَابَةِ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَفْضَلُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقُرْآنِ أَرْبَعٌ وَهُنَّ مِنْ الْقُرْآنِ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ . فَجَعَلَهَا أَفْضَلَ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقُرْآنِ وَأَخْبَرَ أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ فَهِيَ مِنْ الْقُرْآنِ . وَإِذَا قَالَهَا عَلَى وَجْهِ الذِّكْرِ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا . لَكِنْ هَذَا الْوَجْهُ قَدْ يُضَافُ فِيهِ الْكَلَامُ إلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الثَّانِي تَبْلِيغَ كَلَامِهِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ الْحَقِيقَةَ ابْتِدَاءً وَالثَّانِي قَالَهَا احْتِذَاءً فَإِذَا تَمَثَّلَ الرَّجُلُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَبْلِيغَ شِعْرِهِ : أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ قِيلَ لَهُ هَذَا كَلَامُ لَبِيَدِ ; لَكِنَّ الثَّانِيَ قَدْ لَا يَقْصِدُ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ ابْتِدَاءً لِاعْتِقَادِهِ صِحَّةَ مَعْنَاهُ . وَمِنْ هُنَا تَنَازَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي " حُرُوفِ الْهِجَاءِ " وَفِي " الْأَسْمَاءِ " الْمُنَزَّلَةِ فِي الْقُرْآنِ وَفِي " كَلِمَاتٍ " فِي الْقُرْآنِ إذَا تَمَثَّلَ الرَّجُلُ بِهَا وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْقِرَاءَةَ هَلْ يُقَالُ : لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً لِأَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ ؟ أَوْ يُقَالُ : إذَا لَمْ يَقْصِدُ بِهَا الْقُرْآنَ وَكَلَامَ اللَّهِ فَلَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ فَتَكُونُ مَخْلُوقَةً عَلَى قَوْلَيْنِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ . وَأَمَّا الْإِنْسَانُ إذَا قَالَ مَا هُوَ كَلَامٌ لِغَيْرِهِ يَقْصِدُ تَبْلِيغَهُ وَتَأْدِيَتَهُ أَوْ التَّكَلُّمَ بِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ التَّكَلُّمَ بِكَلَامِ غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْآمِرُ بِأَمْرِهِ . الْمُخْبِرُ بِخَبَرِهِ ; الْمُتَكَلِّمُ ابْتِدَاءً بِحُرُوفِهِ وَمَعَانِيهِ فَهُنَا الْكَلَامُ كَلَامُ الْأَوَّلِ قَطْعًا لَيْسَ كَلَامًا لِلثَّانِي بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِنَّمَا وَصَلَ إلَى النَّاسِ بِوَاسِطَةِ الثَّانِي . وَلَيْسَ لِلْكَلَامِ نَظِيرٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَشْتَبِهُ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ مَعْقُولٌ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ كَلَامَ زَيْدٍ الْمَخْلُوقِ وَإِنْ كَانَ قَدْ عَدِمَ مِثْلًا وَعَدِمَ أَيْضًا مَا قَامَ بِهِ مِنْ الصِّفَةِ فَإِذَا رَوَاهُ عَنْهُ رَاوٍ آخَرُ وَقُلْنَا : هَذَا كَلَامُ زَيْدٍ . فَإِنَّمَا نُشِيرُ إلَى الْحَقِيقَةِ الَّتِي ابْتَدَأَ بِهَا زَيْدٌ وَاتَّصَفَ بِهَا وَهَذِهِ هِيَ تِلْكَ بِعَيْنِهَا : أَعْنِي الْحَقِيقَةَ الصُّورِيَّةَ ; لَا الْمَادَّةَ ; فَإِنَّ الصَّوْتَ الْمُطْلَقَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُرُوفِ الصَّوْتِيَّةِ الْمُقَطَّعَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ وَهُوَ لَمْ يَكُنْ كَلَامًا لِلْمُتَكَلِّمِ الْأَوَّلِ ; لِأَجْلِ الصَّوْتِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يَشْتَرِكُ فِيهِ صَوْتُ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ الْعُجْمِ وَالْجَمَادَاتِ وَإِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الصُّورَةِ الَّتِي أَلَّفَهَا زَيْدٌ مَعَ تَأْلِيفِهِ لِمَعَانِيهَا . وَوُجُودُ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْمَادَّتَيْنِ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ وُجُودِ الْأَنْوَاعِ وَالْأَشْخَاصِ فِي الْأَعْيَانِ وَلَا بِمَنْزِلَةِ وُجُودِ الْأَعْرَاضِ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ سَائِر الصُّوَرِ فِي مَوَادِّهَا الْجَوْهَرِيَّةِ ; بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا وَلَيْسَ لِكُلِّ حَقِيقَةٍ نَظِيرٌ مُطَابِقٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ . وَإِذَا قَالُوا : هَذَا شِعْرُ لَبِيَدِ فَإِنَّمَا يُشِيرُونَ إلَى اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا . ثُمَّ مَعَ هَذَا لَوْ قَالَ الْقَائِلُ : أَنَا أَنْشَأْت لَفْظَ هَذَا الشِّعْرِ أَوْ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ إنْشَائِي أَوْ لَفْظِي بِهَذَا الشِّعْرِ مِنْ إنْشَائِي لَكَذَّبَهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَالُوا لَهُ : بَلْ أَنْتَ رَوَيْته وَأَنْشَدْته . أَمَّا أَنْ تَكُونَ أَحْدَثْت لَفْظَهُ أَوْ هُوَ مُحْدَثٌ الْبَارِحَةَ بِلَفْظِك ; أَوْ لَفْظُك بِهِ مُحْدَثٌ الْبَارِحَةَ فَكَذَّبَ ; لِأَنَّ لَفْظَ هَذَا الشِّعْرِ مَوْجُودٌ مِنْ دَهْرٍ طَوِيلٍ وَإِنْ كُنْت أَنْتَ أَدَّيْته بِحَرَكَتِك وَصَوْتِك فَالْحَرَكَةُ وَالصَّوْتُ أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ يَشْرَكُك فِيهِ الْحَيَوَانُ نَاطِقُهُ وَأَعْجَمُهُ فَلَيْسَ لَك فِيهِ حَظٌّ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَلَامٌ وَلَا مِنْ حَيْثُ هُوَ كَلَامٌ ذَلِكَ الشَّاعِرِ ; إذْ كَوْنُهُ كَلَامًا أَوْ كَلَامًا لِمُتَكَلِّمِ هُوَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ ; إنَّمَا أَدَّيْته بِآلَةِ يَشْرَكُك فِيهَا الْعَجْمَاوَاتُ وَالْجَمَادَاتُ ; لَكِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لَك مِنْ الْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ مَا تَهْتَدِي بِهِ وَيَسِيرُ بِهِ لِسَانُك وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ لِلْعَجْمَاوَاتِ ; فَجَعَلَ فِعْلُك وَصِفَتَك تُعِينُك عَلَى عَقْلِ الْكَلَامِ وَالتَّكَلُّمِ بِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ فِعْلَ الْعَجَمِ وَصِفَتَهَا كَذَلِكَ . فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي مَخْلُوقٍ بَلَّغَ كَلَامَ مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ فَكَيْفَ الظَّنُّ بِكَلَامِ الْخَالِقِ جَلَّ جَلَالُهُ الَّذِي فَضْلُهُ عَلَى سَائِر الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ فَإِنَّ لَهُ شَأْنًا آخَرَ يَخْتَصُّ بِهِ لَا يُشَبَّهُ بِتَبْلِيغِ سَائِر الْكَلَامِ كَمَا أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ لَا يُشْبِهُ سَائِر الْكَلَامِ وَلَيْسَ لَهُ مِثْلٌ يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْخُلُقِ ; بِخِلَافِ سَائِر مَا يُبَلَّغُ مِنْ كَلَامِ الْبَشَرِ ; فَإِنَّ مِثْلَهُ مَقْدُورٌ فَلَا يَجُوزُ إضَافَةُ هَذَا الْكَلَامِ الْمَسْمُوعِ الَّذِي هُوَ الْقُرْآنُ إلَى غَيْرِ اللَّهِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ ; إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّبْلِيغِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ خَاطَبَنَا بِهِ بِوَاسِطَةِ الرَّسُولِ كَمَا تَقَدَّمَ . وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي هِيَ مَحَارَاتُ الْعُقُولِ الَّتِي اضْطَرَبَتْ فِيهَا الْخَلَائِقُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ ; فَإِنَّ هَذَا جَوَابُ فُتْيَا لَا يَلِيقُ بِهِ إلَّا التَّنْبِيهُ عَلَى جُمَلِ الْأُمُورِ وَإِثْبَاتُ وُجُوبِ نِسْبَةِ الْكَلَامِ إلَى مَنْ بَدَأَ مِنْهُ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ دُونَ مَنْ بَلَّغَهُ عَنْهُ وَأَدَّاهُ وَأَنَّهُ كَلَامُ الْمُتَّصِفِ بِهِ مُبْتَدِئًا حَقِيقَةً سَوَاءً سُمِعَ مِنْهُ أَوْ سُمِعَ مِمَّنْ بَلَّغَهُ وَأَدَّاهُ بِفِعْلِهِ وَصَوْتِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ وَصِفَاتِهِمْ مَخْلُوقَةٌ وَأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ : هَذَا كَلَامُ اللَّهِ وَمَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ كَلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةً لَا رَيْبَ فِيهِ وَأَنَّ " الْقُرْآنَ " الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ وَيَكْتُبُونَهُ وَيَحْفَظُونَهُ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامُ اللَّهِ حَيْثُ تَصَرَّفَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ . وَأَمَّا مَا اقْتَرَنَ بِتَبْلِيغِهِ وَقِرَاءَتِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَصِفَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَخْلُوقٌ . لَكِنْ هَذَا الْمَوْضِعُ فِيهِ اشْتِبَاهٌ وَإِشْكَالٌ لَا تَحْتَمِلُ تَحْرِيرَهُ وَبَسْطَهُ هَذِهِ الْفَتْوَى ; لِأَنَّ صَاحِبَهَا مُسْتَوْفِزٌ عَجْلَانُ يُرِيدُ أَخْذَهَا ; وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ الدِّقَّةِ وَالْغُمُوضِ مَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ النُّصُوصِ وَبَيَانِ مَعَانِيهَا وَضَرْبِ الْأَمْثَالِ الَّتِي تُوَضِّحُ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ . بَلْ الَّذِي يُعْلَمُ مِنْ حَيْثُ " الْجُمْلَةُ " أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَد وَالْأَئِمَّةَ الْكِبَارَ الَّذِينَ لَهُمْ فِي الْأُمَّةِ لِسَانُ صِدْقٍ عَامٌّ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ ; بَلْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَعْظَمَ عِلْمًا بِهِ وَقِيَامًا بِوَاجِبِهِ مِنْ بَعْضٍ . وَقَدْ غَلِطَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ مِنْ أَكَابِرِ النَّاسِ جَمَاعَاتٌ . وَقَدْ رَدَّ الْإِمَامُ أَحْمَد عَامَّةَ الْبِدَعِ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ وَالْأَئِمَّةِ .