وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَد بْنُ تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ دَائِمًا مَا تَنَاسَلُوا : عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ : كَانَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ . فَإِذَا تُوُفِّيَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ عَقِبٍ لِمَنْ يَكُونُ نَصِيبُهُ ؟ هَلْ يَكُونُ لِوَلَدِهِ ؟ أَوْ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَبَنِيَّ الْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ ؟ .
ثُمَّ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَالْفَصْلُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِجُمْلَةِ مُعْتَرِضَةٍ وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا : لَا يُنْكِرُهُ إلَّا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ اللُّغَةَ وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ : { وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } { وَلَا تُؤْمِنُوا إلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ } فَقَوْلُهُ : { أَنْ يُؤْتَى } مِنْ تَمَامِ قَوْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ . أَيْ : كَرَاهَةَ أَنْ يُؤْتِيَ فَهُوَ مَفْعُولُ تُؤْمِنُوا وَقَدْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ : { قُلْ إنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ } وَهِيَ جُمْلَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ ; لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ ; فَأَيُّمَا أَبْلَغُ الْفَصْلُ بَيْنِ الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ أَوْ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْأَخِيرَةِ مَقْطُوعًا بِهِ لَمْ يَجِبْ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَيْهَا ; بَلْ رُبَّمَا كَانَ فِي سِيَاقِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ عَوْدَهُ إلَى الْأُولَى أَوْكَدُ . وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ هَذَا الْبَابِ كَمَا تَقَدَّمَ .