وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ " صِحَّةِ أُصُولِ مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ " وَمَنْزِلَةِ مَالِكٍ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ مَذْهَبُهُمْ فِي الْإِمَامَةِ وَالدِّيَانَةِ ; وَضَبْطِهِ عُلُومَ الشَّرِيعَةِ عِنْدَ أَئِمَّةِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَهْلِ الثِّقَةِ وَالْخِبْرَةِ مِنْ سَائِرِ الْأَعْصَارِ ؟
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ هَلْ تُدْرَكُ بِرَكْعَةِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ ؟ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهَا إنَّمَا تُدْرَكُ بِرَكْعَةِ . وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ : { مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ } وَقَالَ : { مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ } فَمَالِكٌ يَقُولُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ : إنَّمَا تُدْرَكُ بِرَكْعَةِ وَكَذَلِكَ إدْرَاكُ الصَّلَاةِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ إدْرَاكُ الْوَقْتِ كَالْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ وَالْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ . وَأَبُو حَنِيفَةَ يُعَلِّقُ الْإِدْرَاكَ فِي الْجَمِيعِ بِمِقْدَارِ التَّكْبِيرَةِ حَتَّى فِي الْجُمُعَة يَقُولُ : إذَا أَدْرَكَ مِنْهَا مِقْدَارَ تَكْبِيرَةٍ فَقَدْ أَدْرَكَهَا . وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد يُوَافِقَانِ مَالِكًا فِي الْجُمُعَةِ وَيَخْتَلِفُ قَوْلُهُمَا فِي غَيْرِهَا وَالْأَكْثَرُونَ مِنْ أَصْحَابِهِمَا يُوَافِقُونَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْبَاقِي . وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَ مَنْ وَافَقَ مَالِكًا فِي الْجَمِيعِ أَصَحُّ نَصًّا وَقِيَاسًا . وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُهُمْ عَلَى مَالِكٍ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : { مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ الصَّلَاةِ } وَلَيْسَ فِي هَذَا حُجَّةٌ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّجْدَةِ الرَّكْعَةُ كَمَا { قَالَ ابْنُ عُمَرَ : حَفِظْت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَسَجْدَتَيْنِ بَعْدَهَا } وَنَظَائِرُهَا مُتَعَدِّدَةٌ .