تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ . سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَدَ ابْنُ تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ مَا قَوْلُكُمْ فِي مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي الِاعْتِقَادِ وَمَذْهَبِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ؟ مَا الصَّوَابُ مِنْهُمَا ؟ وَمَا تَنْتَحِلُونَهُ أَنْتُمْ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ ؟ وَفِي أَهْلِ الْحَدِيثِ : هَلْ هُمْ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ غَيْرِهِمْ ؟ وَهَلْ هُمْ الْمُرَادُونَ بِالْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ ؟ وَهَلْ حَدَثَ بَعْدَهُمْ عُلُومٌ جَهِلُوهَا وَعَلِمَهَا غَيْرُهُمْ ؟ .
12345678910111213141516171819202122232425262728293031
فَإِذَا احْتَجَّ أَحَدُهُمْ عَلَى خِلَافِ الْقُرْآنِ بِرِوَايَةِ عَنْ الرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِثْلُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ مُوسَى أَنَّهُ قَالَ : " تَمَسَّكُوا بِالسَّبْتِ مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ " أَمْكَنَنَا أَنْ نَقُولَ لَهُمْ : فِي أَيِّ كِتَابٍ هَذَا ؟ أَحْضِرُوهُ - وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ هَذَا لَيْسَ فِي كُتُبِهِمْ وَإِنَّمَا هُوَ مُفْتَرًى مَكْذُوبٌ وَعِنْدَهُمْ النُّبُوَّاتُ الَّتِي هِيَ مِئَتَانِ وَعِشْرُونَ و ( كِتَابُ الْمَثْنَوِيِّ الَّذِي مَعْنَاهُ الْمُثَنَّاةُ وَهِيَ الَّتِي جَعَلَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فِينَا مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَقَالَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْرَأَ فِيهِمْ بِالْمُثَنَّاةِ لَيْسَ أَحَدٌ يُغَيِّرُهَا قِيلَ : وَمَا الْمُثَنَّاةُ ؟ قَالَ : مَا اُسْتُكْتِبَ مِنْ غَيْرِ كِتَابِ اللَّهِ " . وَكَذَلِكَ إذَا سُئِلُوا عَمَّا فِي الْكِتَابِ مِنْ ذِكْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ لِتُقَامَ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ بِمُوَافَقَةِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ لِمُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَرَّفُوا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ : أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ . وَإِنْ ذَكَرُوا حُجَّةً عَقْلِيَّةً فُهِمَتْ أَيْضًا مِمَّا فِي الْقُرْآنِ بِرَدِّهَا إلَيْهِ : مِثْلُ إنْكَارِهِمْ لِلنَّسْخِ بِالْعَقْلِ حَتَّى قَالُوا : لَا يُنْسَخُ مَا حَرَّمَهُ وَلَا يُنْهَى عَمَّا أَمَرَ بِهِ . فَقَالَ تَعَالَى : { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا } قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ - [ كَمَا ] فِي الصَّحِيحَيْنِ - " هُمْ الْيَهُودُ " فَقَالَ سُبْحَانَهُ : { قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } . فَذَكَرَ مَا فِي النُّسَخِ مِنْ تَعْلِيقِ الْأَمْرِ بِالْمَشِيئَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَمِنْ كَوْنِ الْأَمْرِ الثَّانِي قَدْ يَكُونُ أَصْلَحَ وَأَنْفَعَ فَقَوْلُهُ : { يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } بَيَانٌ لِلْأَصْلَحِ الْأَنْفَعِ وَقَوْلُهُ : { مَنْ يَشَاءُ } رَدٌّ لِلْأَمْرِ إلَى الْمَشِيئَةِ . وَعَلَى بَعْضِ مَا فِي الْآيَةِ اعْتِمَادُ جَمِيعِ الْمُتَكَلِّمِينَ حَيْثُ قَالُوا : التَّكْلِيفُ إمَّا تَابِعٌ لِمَحْضِ الْمَشِيئَةِ كَمَا يَقُولُهُ قَوْمٌ أَوْ تَابِعٌ لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا يَقُولُهُ قَوْمٌ . وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ . ثُمَّ إنَّهُ سُبْحَانَهُ بَيَّنَ وُقُوعَ النَّسْخِ بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ فِي التَّوْرَاةِ بِأَنَّهُ أَحَلَّ لِإِسْرَائِيلَ أَشْيَاءَ ثُمَّ حَرَّمَهَا فِي التَّوْرَاةِ وَأَنَّ هَذَا كَانَ تَحْلِيلًا شَرْعِيًّا بِخِطَابِ لَمْ يَكُونُوا اسْتَبَاحُوهُ بِمُجَرَّدِ الْبَقَاءِ عَلَى الْأَصْلِ حَتَّى لَا يَكُونَ رَفْعُهُ نَسْخًا كَمَا يَدَّعِيهِ قَوْمٌ مِنْهُمْ وَأَمَرَ بِطَلَبِ التَّوْرَاةِ فِي ذَلِكَ . وَهَكَذَا وَجَدْنَاهُ فِيهَا كَمَا حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُسْلِمَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ .