تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ . سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَدَ ابْنُ تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ مَا قَوْلُكُمْ فِي مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي الِاعْتِقَادِ وَمَذْهَبِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ؟ مَا الصَّوَابُ مِنْهُمَا ؟ وَمَا تَنْتَحِلُونَهُ أَنْتُمْ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ ؟ وَفِي أَهْلِ الْحَدِيثِ : هَلْ هُمْ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ غَيْرِهِمْ ؟ وَهَلْ هُمْ الْمُرَادُونَ بِالْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ ؟ وَهَلْ حَدَثَ بَعْدَهُمْ عُلُومٌ جَهِلُوهَا وَعَلِمَهَا غَيْرُهُمْ ؟ .
12345678910111213141516171819202122232425262728293031
وَإِذَا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ : أَنَّ أَكْثَرَ الْمُسْلِمِينَ بَلْ أَكْثَرُ الْمُنْتَسِبِينَ مِنْهُمْ إلَى الْعِلْمِ لَا يَقُومُونَ بِتَرْجَمَةِ الْقُرْآنِ وَتَفْسِيرِهِ وَبَيَانِهِ ; فَلِأَنْ يَعْجِزَ غَيْرُهُمْ عَنْ تَرْجَمَةِ مَا عِنْدَهُ وَبَيَانِهِ أَوْلَى بِذَلِكَ . لِأَنَّ عَقْلَ الْمُسْلِمِينَ أَكْمَلُ وَكِتَابَهُمْ أَقْوَمُ قِيلًا وَأَحْسَنُ حَدِيثًا وَلُغَتَهُمْ أَوْسَعُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمَعَانِي غَيْرَ مُحَقَّقَةٍ ; بَلْ فِيهَا بَاطِلٌ كَثِيرٌ . فَإِنَّ تَرْجَمَةَ الْمَعَانِي الْبَاطِلَةِ وَتَصْوِيرَهَا صَعْبٌ . لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا نَظِيرٌ مِنْ الْحَقِّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ . فَإِذَا سُئِلْنَا عَنْ كَلَامٍ يَقُولُونَهُ : هَلْ هُوَ حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ ؟ وَمِنْ أَيْنَ يَتَبَيَّنُ الْحَقُّ فِيهِ وَالْبَاطِلُ . قُلْنَا : - مِنْ الْقَوْلِ - بِالْحُجَّةِ وَالدَّلِيلِ ; كَمَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسَائِلَ أَوْ يُنَاظِرُونَهُ وَكَمَا كَانَتْ الْأُمَمُ تُجَادِلُ رُسُلَهَا . إذْ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَدَّعِي مُوَافَقَةَ الشَّرِيعَةِ لِلْفَلْسَفَةِ . ( مِثَالُ ذَلِكَ : إذَا ذَكَرُوا " الْعُقُولَ الْعَشْرَةَ " " وَالنُّفُوسَ التِّسْعَةَ " وَقَالُوا : إنَّ الْعَقْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّادِرُ الْأَوَّلُ عَنْ الْوَاجِبِ بِذَاتِهِ وَأَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ وَمَعْلُولٌ لَهُ وَكَذَلِكَ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ وَإِنَّ لِكُلِّ فَلَكٍ عَقْلًا وَنَفْسًا . قِيلَ : قَوْلُكُمْ " عَقْلٌ وَنَفْسٌ " لُغَةٌ لَكُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ تَرْجَمَتِهَا وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ عَرَبِيًّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَرْجَمَةِ الْمَعْنَى . فَيَقُولُونَ : " الْعَقْلُ " هُوَ الرُّوحُ الْمُجَرَّدَةُ عَنْ الْمَادَّةِ - وَهِيَ الْجَسَدُ وَعَلَائِقُهَا - سَمَّوْهُ عَقْلًا وَيُسَمُّونَهُ مُفَارِقًا وَيُسَمُّونَ تِلْكَ : الْمُفَارِقَاتِ لِلْمَوَادِّ ; لِأَنَّهَا مُفَارِقَةٌ لِلْأَجْسَادِ ; كَمَا أَنَّ رُوحَ الْإِنْسَانِ إذَا فَارَقَتْ جَسَدَهُ كَانَتْ مُفَارِقَةً لِلْمَادَّةِ الَّتِي هِيَ الْجَسَدُ . " وَالنَّفْسُ " : هِيَ الرُّوحُ الْمُدَبِّرَةُ لِلْجِسْمِ مِثْلُ نَفْسِ الْإِنْسَانِ إذَا كَانَتْ فِي جِسْمِهِ . فَمَتَى كَانَتْ فِي الْجِسْمِ كَانَتْ مُحَرِّكَةً لَهُ . فَإِذَا فَارَقَتْهُ صَارَتْ عَقْلًا مَحْضًا : أَيْ يَعْقِلُ الْعُلُومَ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ بِشَيْءِ مِنْ الْأَجْسَامِ فَهَذِهِ الْعُقُولُ وَالنُّفُوسُ . وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَحْسَنِ التَّرْجَمَةِ عَنْ مَعْنَى الْعَقْلِ وَالنَّفْسِ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يُحَصِّلُونَ ذَلِكَ . قَالُوا : وَأَثْبَتْنَا لِكُلِّ فَلَكٍ نَفْسًا : لِأَنَّ الْحَرَكَةَ اخْتِيَارِيَّةٌ فَلَا تَكُونُ إلَّا لِنَفْسِ . وَلِكُلِّ نَفْسٍ عَقْلًا : لِأَنَّ الْعَقْلَ كَامِلٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَرَكَةٍ وَالْمُتَحَرِّكُ يَطْلُبُ الْكَمَالَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَوْقَهُ مَا يُشَبَّهُ بِهِ وَمَا يَكُونُ عِلَّةً لَهُ . وَلِهَذَا كَانَتْ حَرَكَةُ أَنْفُسِنَا لِلتَّشَبُّهِ بِمَا فَوْقَنَا مِنْ الْعُقُولِ . وَكُلُّ ذَلِكَ تَشَبُّهٌ بِوَاجِبِ الْوُجُودِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ . وَالْأَوَّلُ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ إلَّا عَقْلٌ . لِأَنَّ النَّفْسَ تَقْتَضِي جِسْمًا وَالْجِسْمُ فِيهِ كَثْرَةٌ وَالصَّادِرُ عَنْهُ لَا يَكُونُ إلَّا وَاحِدٌ . وَلَهُمْ فِي الصُّدُورِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ . قِيلَ لَهُمْ : أَمَّا إثْبَاتُكُمْ أَنَّ فِي السَّمَاءِ أَرْوَاحًا : فَهَذَا يُشْبِهُ مَا فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ ; وَلَكِنْ لَيْسَتْ هِيَ " الْمَلَائِكَةُ " كَمَا يَقُولُ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ مِنْكُمْ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ عَلَى الرَّسُولِ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِهِ . وَيَقُولُونَ : مَا أَرَدْنَا إلَّا الْإِحْسَانَ وَالتَّوْفِيقَ بَيْنَ الشَّرِيعَةِ وَالْفَلْسَفَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا : الْعُقُولُ وَالنُّفُوسُ عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ : هِيَ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنْ تُشْبِهُهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ . فَإِنَّ اسْمَ الْمَلَائِكَةِ وَالْمَلَكِ يَتَضَمَّنُ أَنَّهُمْ رُسُلُ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا } وَكَمَا قَالَ : { وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا } فَالْمَلَائِكَةُ رُسُلُ اللَّهِ فِي تَنْفِيذِ أَمْرِهِ الْكَوْنِيِّ الَّذِي يُدَبِّرُ بِهِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { حَتَّى إذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ } وَكَمَا قَالَ : { بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } وَأَمْرُهُ الدِّينِيُّ الَّذِي تَنْزِلُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَإِنَّهُ قَالَ : { يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } وَقَالَ تَعَالَى : { اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ } . وَمَلَائِكَةُ اللَّهِ لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إلَّا اللَّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلَّا هُوَ } . وَقِيلَ لَهُمْ : الَّذِي فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ وَكَثْرَتِهِمْ أَمْرٌ لَا يُحْصَرُ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إلَّا مَلَكٌ قَائِمٌ أَوْ قَاعِدٌ أَوْ رَاكِعٌ ; أَوْ سَاجِدٌ } وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } . فَمَنْ جَعَلَهُمْ عَشْرَةً أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَوْ زَعَمَ أَنَّ التِّسْعَةَ عَشَرَ الَّذِينَ عَلَى سَقَرَ : هُمْ الْعُقُولُ وَالنُّفُوسُ ; فَهَذَا مِنْ جَهْلِهِ بِمَا جَاءَ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ . وَضَلَالُهُ فِي ذَلِكَ بَيِّنٌ : إذَا لَمْ تَتَّفِقْ الْأَسْمَاءُ فِي صِفَةِ الْمُسَمَّى وَلَا فِي قَدْرِهِ كَمَا تَكُونُ الْأَلْفَاظُ الْمُتَرَادِفَةُ . وَإِنَّمَا اتَّفَقَ الْمُسَمَّيَانِ فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا رُوحًا مُتَعَلِّقًا بِالسَّمَوَاتِ . وَهَذَا مِنْ بَعْضِ صِفَاتِ مَلَائِكَةِ السَّمَوَاتِ فَاَلَّذِي أَثْبَتُوهُ [ هُوَ ] بَعْضُ الصِّفَاتِ لِبَعْضِ الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَلَائِكَةِ وَصِفَاتِهِمْ وَأَقْدَارِهِمْ وَأَعْدَادِهِمْ فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ أَقَلُّ مِمَّا يُؤْمِنُ بِهِ السَّامِرَةُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَنْبِيَاءِ ; إذْ هُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِنَبِيِّ بَعْدَ مُوسَى وَيُوشَعَ . كَيْفَ ؟ وَهُمْ لَمْ يُثْبِتُوا لِلْمَلَائِكَةِ مِنْ الصِّفَةِ إلَّا مُجَرَّدُ مَا عَلِمُوهُ مِنْ نُفُوسِهِمْ مُجَرَّدَ الْعِلْمِ لِلْعُقُولِ وَالْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ لِلنُّفُوسِ . وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَهُمْ مِنْ الْعُلُومِ وَالْأَحْوَالِ وَالْإِرَادَاتِ وَالْأَعْمَالِ مَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا ذُو الْجَلَالِ وَوَصْفُهُمْ فِي الْقُرْآنِ بِالتَّسْبِيحِ وَالْعِبَادَةِ لِلَّهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ هُنَا كَمَا ذَكَرَ تَعَالَى فِي خِطَابِهِ لِلْمَلَائِكَةِ وَأَمْرِهِ لَهُمْ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ . وقَوْله تَعَالَى { فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ } وقَوْله تَعَالَى { إنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } وقَوْله تَعَالَى { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ } { لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } { وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إنِّي إلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ } وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ } وقَوْله تَعَالَى { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } . وقَوْله تَعَالَى { كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ } . وقَوْله تَعَالَى { إذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ } { بَلَى إنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ } . وقَوْله تَعَالَى { إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا } . وقَوْله تَعَالَى { ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } . وَقَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } وقَوْله تَعَالَى { وَلَوْ تَرَى إذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } وقَوْله تَعَالَى { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ } وقَوْله تَعَالَى { إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } وَقَوْلُهُ : { حَتَّى إذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ } وقَوْله تَعَالَى { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } وقَوْله تَعَالَى { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ } { مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ } { بِأَيْدِي سَفَرَةٍ } { كِرَامٍ بَرَرَةٍ } . وقَوْله تَعَالَى { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } { كِرَامًا كَاتِبِينَ } { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } وقَوْله تَعَالَى { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } وقَوْله تَعَالَى { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } وقَوْله تَعَالَى { وَالصَّافَّاتِ صَفًّا } { فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا } { فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا } وقَوْله تَعَالَى { فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ } { أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ } { أَلَا إنَّهُمْ مِنْ إفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ } { وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } - إلَى قَوْله تَعَالَى - { وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ } { وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ } . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا ؟ قَالَ : يُتِمُّونَ الصَّفَّ الْأَوَّلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ قتادة عَنْ أَنَسٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ذَكَرَ صُعُودَهُ إلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ - قَالَ : فَرُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ ; فَسَأَلْت جِبْرِيلَ ؟ فَقَالَ : هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ; إذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ } . وَقَالَ الْبُخَارِيُّ : وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ قتادة عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ } وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي الصَّحِيحَيْنِ { إذَا قَالَ : آمِينَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ فِي السَّمَاءِ تَقُولُ : آمِينَ } . وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إذَا قَالَ الْإِمَامُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ; فَقُولُوا : اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ } وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عُرْوَةَ { عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ - وَهُوَ السَّحَابُ - فَتَذْكُرُ الْأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ ; فَتُوحِيهِ إلَى الْكُهَّانِ فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كِذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّارَةً فُضَلَاءَ يَتَّبِعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ . فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إلَى السَّمَاءِ فَيَسْأَلُهُمْ اللَّهُ - وَهُوَ أَعْلَمُ - مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَك فِي الْأَرْضِ يُسَبِّحُونَك وَيُكَبِّرُونَك ويهللونك وَيُحَمِّدُونَك وَيَسْأَلُونَك . قَالَ : وَمَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالُوا : يَسْأَلُونَك جَنَّتَك . قَالَ : وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي ؟ قَالُوا : لَا أَيْ رَبِّ قَالَ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي ؟ قَالُوا : وَيَسْتَجِيرُونَك . قَالَ : وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي ؟ قَالُوا : مِنْ نَارِك . قَالَ : وَهَلْ رَأَوْا نَارِي ؟ قَالُوا : يَا رَبِّ لَا . قَالَ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي ؟ قَالُوا : وَيَسْتَغْفِرُونَك . قَالَ فَيَقُولُ : قَدْ غَفَرْت لَهُمْ وَأَعْطَيْتهمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتهمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا قَالَ : يَقُولُونَ : رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ . قَالَ . فَيَقُولُ : وَلَهُ قَدْ غَفَرْت هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ } . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ : أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ أَتَى عَلَيْك يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ ؟ قَالَ : لَقَدْ لَقِيت مِنْ قَوْمِك مَا لَقِيت : وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيت مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إذْ عَرَضْت نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ ياليل بْنِ عَبْدِ كلال فَلَمْ يُجِبْنِي إلَى مَا أَرَدْت فَانْطَلَقْت وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْت رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةِ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْت فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِك لَك وَمَا رَدُّوا عَلَيْك وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ إلَيْك مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْت فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ : ذَلِكَ فِيمَا شِئْت إنْ شِئْت أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا } . وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ مِمَّا فِيهَا ذِكْرُ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي السَّمَوَاتِ وَمَلَائِكَةِ الْهَوَاءِ وَالْجِبَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ . وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ الْمُتَصَرِّفُونَ فِي أُمُورِ بَنِي آدَمَ مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ - حَدِيثِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ - إذْ يَقُولُ : { ثُمَّ يُبْعَثُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيُقَالُ : اُكْتُبْ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ } وَفِي الصَّحِيحِ حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : { قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسان : اُهْجُهُمْ - أَوْ هاجهم - وَجِبْرِيلُ مَعَك } وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : أَجِبْ عَنِّي اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : " كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى غُبَارٍ سَاطِعٍ فِي سِكَّةِ بَنِي غُنْمٍ مَوْكِبِ جِبْرِيلَ " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ { الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيك الْوَحْيُ ؟ قَالَ : أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلُ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْت مَا قَالَ وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكِ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ } . وَإِتْيَانُ جِبْرِيلَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَارَةً فِي صُورَةِ أَعْرَابِيٍّ وَتَارَةً فِي صُورَةِ دَحْيَةَ الْكَلْبِيِّ وَمُخَاطَبَتُهُ وَإِقْرَاؤُهُ إيَّاهُ كَثِيرًا : أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ هُنَا . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ - كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ } . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : حَشَوْت لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِسَادَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ كَأَنَّهَا نَمْرَقَةٌ فَجَاءَ فَقَامَ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ فَقُلْت : مَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : مَا بَالُ هَذِهِ الْوِسَادَةِ ؟ قَالَتْ : وِسَادَةٌ جَعَلْتهَا لَك لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا قَالَ : أَمَا عَلِمْت أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ إنَّ مَنْ صَنَعَ الصُّوَرَ يُعَذَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ : أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : سَمِعْت أَبَا طَلْحَةَ يَقُولُ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةُ تَمَاثِيلَ } . وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ { عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : وَعَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ فَقَالَ : إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ } . وَأَمْثَالُ هَذِهِ النُّصُوصِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا مِنْ أَصْنَافِ الْمَلَائِكَةِ وَأَوْصَافِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ : مَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ " الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ " أَوْ أَنْ يَكُونَ جِبْرِيلُ هُوَ " الْعَقْلُ الْفَعَّالُ " وَتَكُونَ مَلَائِكَةُ الْآدَمِيِّينَ هِيَ الْقُوَى الصَّالِحَةُ وَالشَّيَاطِينُ هِيَ الْقُوَى الْفَاسِدَةُ كَمَا يَزْعُمُ هَؤُلَاءِ .